"جونسون لا يحبنا، ونحن لا نحبه"، هكذا علق الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، على أولى الأنباء عن استقالة رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، من زعامة حزب المحافظين حتى قبل إعلانه عنها بشكل رسمي الخميس، مع استمراره في رئاسة الحكومة حتى اختيار بديل.
استقالة جونسون الذي زار العاصمة الأوكرانية مرتين منذ بدء الاجتياح الروسي لأوكرانيا ويعد من "صقور" مجابهة الكرملين، ما كان لها أن تمر دون أن تثير تفاؤل أوساط السياسيين والخبراء الروس، ولكنه تفاؤل حذر في ظل إدراكهم لإجماع الدول الغربية على دعم كييف في مواجهة موسكو.
وفي هذا الإطار، يعتبر أستاذ العلوم السياسية في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، كيريل كوكتيش، أن استقالة جونسون "لا تعني تغييراً تلقائياً في السياسات البريطانية تجاه روسيا وأوكرانيا"، مقراً في الوقت نفسه بأن الانقسامات في النخب السياسية الأوكرانية تثير تفاؤل موسكو.
ويقول كوكتيش في حديث لـ"العربي الجديد" إن "جونسون هو ثاني رئيس وزراء بريطاني معاد لروسيا على التوالي يستقيل من منصبه بعد رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي. ولكن جونسون تجاوز جميع الأعراف السياسية، ولذلك أثارت الأنباء عن استقالته تفاؤل موسكو، ولكن خروجه من السلطة لا يعني تحسناً للعلاقات تلقائياً، لأن رئيس الوزراء الجديد قد يمثل هو الآخر الدولة العميقة البريطانية المعادية لروسيا. تكمن المسألة ماذا سيتغير السياسي أم السياسة؟".
ويعتبر أن استقالة جونسون قد تشكل مقدمة لتغيير قادة دول أوروبية أخرى، مضيفاً: "استقالة جونسون مؤشر خطير، إذ أن عدداً من قادة الدول الأوروبية، وفي مقدمتها النمسا والتشيك، يواجهون تراجعاً لشعبيتهم، بالإضافة إلى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي لم يعد فعلياً قادراً على التحكم في الجمعية الوطنية بعد فشل حزبه في الانتخابات النيابية".
التصعيد سيستمر
وبدوره، توقع الباحث بمركز الدراسات البريطانية بمعهد أوروبا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أوليغ أوخوشين، أن تحتدم المنافسة الرئيسية على خلافة جونسون في رئاسة الحكومة البريطانية بين وزير الدفاع، بن والاس، ووزيرة الخارجية إليزابيث تراس.
وقال أوخوشين لصحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية: "ساهم النزاع في أوكرانيا في ارتفاع نسب تأييدهما رغم أن هناك، بالطبع، اعتراضات على المرشحين كليهما. يتم تأنيب تراس على نقص الاحترافية لرئاسة الحكومة، ولكن تيريزا ماي كانت تواجه تأنيباً مشابهاً. ومع ذلك، أصبحت رئيسة للوزراء. في جميع الأحوال، فإن تصعيد النزاع من جانب لندن سيستمر".
ومع ذلك، اعتبر الخبير أن الوضع السياسي -الاجتماعي الذي يزداد تعقيداً، قد يضطر لندن للحد من الإسراف في مساعدة كييف وحتى يحدث انقساماً في النخبة السياسية بشأن هذه المسألة.
والتوقعات باستمرار بريطانيا ما بعد جونسون في دعم أوكرانيا، لم تمنع المسؤولين الروس والصحافة الروسية من ربط استقالته بمناهضته موسكو. وكان لافتاً أن تغطية استقالة جونسون بصحيفة "فزغلياد" الإلكترونية الموالية للكرملين، هيمنت عليها عناوين من قبيل "رهاب روسيا أوصل جونسون إلى استقالة مخجلة" و"بريطانيا تطالب باستقالة أكبر كارهي روسيا في الغرب".
بدوره، وصف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، الرئيس الروسي السابق، دميتري مدفيديف، استقالة جونسون بأنها "نتيجة طبيعية للوقاحة البريطانية والسياسة قليلة الكفاءة لاسيما على المسار الدولي"، معرباً عن ترقبه "أنباء" من ألمانيا وبولندا والبلطيق.