تغيرات عديدة في البرلمان التونسي مع بداية الدورة الجديدة

15 أكتوبر 2020
شهد مكتب البرلمان تغييرات هيكلية بنسبة تجديد وصلت إلى 90% (Getty)
+ الخط -

يعيش البرلمان التونسي على وقع ديناميكية سياسية سريعة وتغيرات تكتيكية في مواقع القرار والمناصب المؤثرة مطلع الدورة الجديدة، بما ينبئ بدورة برلمانية ساخنة بين الفرقاء والأحزاب والكتل.

وشهد مكتب البرلمان التونسي الذي يضم 10 مساعدين لرئيسه، ويعد بمثابة "حكومة" السلطة التشريعية، تغيرات هيكلية بنسبة تجديد وصلت إلى 90%، حيث لم تجدد الكتل المختلفة ثقتها سوى في نائبين وفي مناصب مختلفة عن الدورة الماضية.

وأعدت الكتل البرلمانية جيداً للسنة البرلمانية الجديدة، حيث كلفت أكبر قياداتها وأعتاهم لعضوية مكتب البرلمان.

ويضم المكتب الجديد 10 مساعدين معينين من الكتل حسب حجمها العددي، يمكن تغييرهم مع بداية كل سنة، سيرافقون رئيس البرلمان ونائبيه المنتخبين لولاية كاملة بـ 5 سنوات دون تجديد.

وتكشف التغيرات في مكتب البرلمان عن سنة عصيبة تنتظر رئيس البرلمان راشد الغنوشي، بصعود شقين مساند له وآخر معارض ومناهض لقراراته بحسب نتائج جلسة سحب الثقة عن الغنوشي نهاية العام الماضي.

ويساعد الغنوشي (النهضة 54 نائباً)، نائبه الأول سميرة الشواشي (قلب تونس 30 نائباً)، والنائب الثاني طارق الفتيتي (الإصلاح 17 نائباً)، و3 نواب عن حزب "النهضة" وهم كل من القيادي ماهر مذيوب في منصب مكلف بالإعلام والاتصال، والوزير السابق نوفل الجمالي مكلفاً بالرقابة على الميزانية، والقيادية جميلة دبش الكسيكسي مكلفة بالعلاقة مع المجتمع المدني والمواطن.

ويقف في صف الغنوشي علاوة عن مرشحي حزب "النهضة"، حليفاه المفترضان وهما القيادي في "قلب تونس" سفيان طوبال مكلفاً بالعلاقات الخارجية، والقيادي عن كتلة "ائتلاف الكرامة" عبد اللطيف العلوي (كتلة ائتلاف الكرامة 18 نائباً) مكلفاً بالتشريع.

وفي المقابل، صعد إلى المكتب ثلاثة قادة وازنين معارضين للغنوشي بشدة، وهم قيادية "التيار الديمقراطي" سامية عبو (الكتلة الديمقراطية 38 نائباً) مكلفة بالعلاقة مع الحكومة، وقيادي "حركة الشعب" خالد الكريشي (الديمقراطية) مكلفاً بشؤون التونسيين بالخارج، بالإضافة إلى زعيمة "الحزب الدستوري الحر" عبير موسي (الدستوري الحر 16 نائباً) مكلفة بشؤون النواب، والقيادي مبروك كورشيد (الوطنية 16 نائباً) مكلفاً بالعلاقة مع القضاء والهيئات الدستورية، والقيادي حافظ الزواري (الإصلاح) مكلفاً بالتصرف العام.

وشهدت الكتل البرلمانية الكبرى تغيرات في رئاستها وتركيبة مكاتبها مع بداية الدورة الجديدة، حيث تم انتخاب المتحدث الرسمي باسم حزب "النهضة" عماد الخميري رئيساً لكتلة "النهضة"، كما تم انتخاب محمد عمار رئيساً لـ"الكتلة الديمقراطية" عوضاً عن هشام العجبوني كما صعد رضا شرف الدين إلى رئاسة "الكتلة الوطنية" عوضاً عن حاتم المليكي.

"النهضة": علاقات جديدة مع مختلف المكونات

وبيّنت القيادية بحزب "النهضة" يمينة الزغلامي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ انتخاب الخميري رئيساً جديداً لكتلة "النهضة" من شأنه أن يؤسس لعلاقات جديدة مع مختلف مكونات الطيف السياسي والبرلماني، مشيرة إلى "تمتع الخميري بعلاقات طيبة واحترام من قبل بقية الكتل والأحزاب ووسائل الإعلام".

ونقلت الزغلامي عن الغنوشي تأكيده خلال الجلسة الانتخابية لكتلة "النهضة" ضرورة بث دماء جديدة ودفع قيادات الحركة الشابة نحو مواقع القرار، مشدداً على أن هذه المرحلة تعد مرحلة توافق مع بقية الكتل من أجل تلبية الاستحقاقات الوطنية على غرار انتخاب المحكمة والهيئات الدستورية وتمرير إصلاحات وقوانين اجتماعية واقتصادية.

شدد الغنوشي على أن هذه المرحلة تعد مرحلة توافق مع بقية الكتل من أجل تلبية الاستحقاقات الوطنية

وشهدت بداية الدورة، مطلع الشهر، ترحال نواب وتنقّلهم بين الكتل، ليرتفع عدد أعضاء "الكتلة الوطنية" في البداية إلى 16 نائباً بينما كانت تضم 11 نائباً، فيما تقهقرت كتلة "تحيا تونس" إلى 10 نواب لتحل محلها "الكتلة الوطنية" في مكتب البرلمان وفي المناصب باللجان.

ولكن سرعان ما انقسمت "الكتلة الوطنية"؛ بسبب خلافات حول المناصب والمسؤوليات لينطلق الصراع بين رئيس الكتلة السابق المليكي وخلفه شرف الدين الذي تم انتخابه من قبل مجموعة اتهمها بالانقلاب عليه والالتفاف.

وانتهى الصراع باستقالة المليكي و4 من مناصريه لينزل عدد أعضاء "الكتلة الوطنية" إلى 12، في وقت يؤكد المنسحبون أنّ استقالات أخرى في الأفق. كما شهدت كتلة "الإصلاح" بدورها استقالة عضو لينزل عددها إلى 16 نائباً.

وفي السياق، أعلنت رئيسة كتلة "الدستوري الحر" عبير موسي، اليوم الخميس، تقدمها بقضية إلى محكمة تونس على خلفية ما وصفته بـ"الميركاتو البرلماني" وتصريحات النائب راشد الخياري حول عرض مبلغ 150 ألف دينار من حزب سياسي للالتحاق بكتلته الحزبية، إضافة إلى تأكيده نيته الالتحاق بكتلة "النهضة" لتعزيزها عددياً بهدف قطع الطريق على حصول "الدستوري الحر" على مقعد في المكتب بسبب مواقفها المناهضة للثورة.

سنة عصيبة

واعتبر المحلل عبد المنعم المؤدب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "التغييرات في مكتب البرلمان تنذر بسنة برلمانية عصيبة أمام الغنوشي، حيث صعد إلى مكتبه معارضون شرسون ولاعبون وازنون، يهددون استقرار مكتبه ومركز نفوذه البرلماني ومحرك نشاطه كما يتربصون بجميع قراراته المستقبلية، وذلك بالتحاق عبو المتعطشة للمعارضة بالمكتب بعد هدنة سياسية فرضها حلف حكومة إلياس الفخفاخ قبل انخراط حزبها في المعارضة، الى جانب التحاق موسي أيضاً المشحونة بمعارضة الغنوشي والتي تعده عدوها السياسي".

و"تتجاوز التغييرات الهيكلية مجرد الحصول على المناصب البرلمانية إلى أهداف سياسية للكتل والأحزاب فيسعى مساندو الحكومة إلى تعزيز مواقعهم لضمان تمرير القوانين والمبادرات الحكومية، في وقت يبحث معارضوهم عن تقويضها والتضييق على مشاريع الحكومة التي يرفضونها" بحسب المؤدب.

دلالات
المساهمون