أتمّت المجموعات القبلية المساندة للجيش المصري في محافظة شمال سيناء مهمتها، باستعادة السيطرة الأمنية على مناطق واسعة من المحافظة، بعد أن كانت تحت يد تنظيم "ولاية سيناء الموالي" لتنظيم "داعش" لأكثر من سبع سنوات.
لكن سرعان ما دبت الخلافات بين تلك المجموعات، بحثاً عن المزيد من المكاسب بالتقرب من قوات الجيش المنتشرة في المنطقة. وباتت كل قبيلة في سيناء تسعى لإيجاد خط اتصال منفصل مع قوات الجيش بعيداً عن مظلة "اتحاد قبائل سيناء" الذي يقوده رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، المقرّب من دوائر الاستخبارات المصرية وفي مقدمتها محمود عبد الفتاح السيسي.
مساندة المجموعات القبلية للجيش
وفي التفاصيل، قال أحد العاملين في مجموعة قبلية تساند قوات الجيش في نطاق مدينة الشيخ زويد لـ"العربي الجديد"، إن في سيناء ثلاث قبائل ذات تعداد سكاني كبير، وتتمثل في الترابين، والسواركة، والارميلات.
وكان إبراهيم العرجاني من قبيلة الترابين يستحوذ على مكاسب العمل مع قوات الجيش، ويعمل تحت عباءته أفراد القبائل البدوية، طمعاً في البحث عن لقمة العيش، والفتات الذي يلقيه لهم بين الفينة والأخرى، إلى أن تمكن بعض هؤلاء الأفراد من نسج علاقات مباشرة مع قيادات ميدانية في قوات الجيش، مكنتهم من تشكيل مجموعات ذات خبرة وامكانيات على مساعدة الجيش بشكل حقيقي.
الأيام الماضية شهدت عدة إشكالات بين القبائل على قضايا تافهة
وأضاف العامل أن كثرة الحديث عن استخدام اسم "اتحاد قبائل سيناء"، ومجموعات مكافحة الإرهاب بالتعاون مع الجيش المصري، في إنجاز أعمال خاصة بمتنفذين في الاتحاد، لا سيما مناطق جنوبي رفح، حيث منطقة البرث، صاحبة السمعة السيئة نتيجة زراعة المخدرات فيها، والتهريب من وإلى الأراضي المحتلة عبر الحدود الملاصقة للمنطقة، دفعت قيادات ميدانية بالجيش إلى البحث في البدائل عن هؤلاء المتنفذين.
وعليه، كان تشكيل مجموعات أخرى، في مناطق رفح والشيخ زويد، تقاتل إلى جانب الجيش، وتكون مأمورة بشكل مباشر من الجيش، ولا علاقة لها بالمتنفذين من قبيلة الترابين، والمقربين من العرجاني على وجه الخصوص.
ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد" فإن في محافظة شمال سيناء، بات هناك عدة مسميات، تعمل إلى جانب الجيش المصري، وتتمثل في الآتي: "اتحاد قبائل سيناء" الذي يرأسه العرجاني، ويتفرع منه عدة مجموعات كـ"مجموعة الشهيد وسيم العرجاني"، والقوة الخاصة "أف 70".
كما هناك مجموعات أخرى لا علاقة للعرجاني بها، وهي مجموعة رجال الظل، و"كتائب الشهيد سالم أبو لافي"، الذي قتل في كمين لتنظيم "داعش" قبل خمس سنوات، وهو شريك العرجاني سابقاً، و"مجموعة الملوك - قبيلة الارميلات"، و"مجموعة المغارة"، و"قوة القائد بدر".
عشرات الشباب البدو بدأوا بالقتال مع الجيش منذ أواخر عام 2016
وفي التعقيب على ذلك، قال أحد شيوخ سيناء لـ"العربي الجديد"، إن "الأيام الماضية شهدت عدة إشكالات بين القبائل، لم نشهد مثلها طيلة سنوات "الحرب على الإرهاب"، وعلى قضايا تافهة، إلا أن السلاح بيد عشرات الشبان العاملين مع قوات الجيش، غيّر المعادلة بشكل لافت".
وأضاف: "بات هذا السلاح مدعاة لفتنة داخلية، في ظل رغبة الجميع التقدم في العلاقة مع قيادات الجيش بسيناء، ولو كان ذلك على حساب أبناء القبائل الأخرى، الذين هم جميعاً أصحاب أرض واحدة وقضية واحدة، إلا أننا شهدنا تهديدات وعروضا عسكرية، ورسائل متبادلة بين عدة قبائل ومجموعات عسكرية في سيناء، وهذا نذير خطير لما تحمله الأيام للمنطقة".
مقاتلو القبائل يبحثون عن مكاسب الحرب
وتابع أنه في ظل هدوء الأحداث الأمنية، وزوال خطر "داعش" بشكل كبير، تفرغ المقاتلون البدو مع الجيش لبعضهم البعض، بحثاً عن مكاسب الحرب، بالحصول على بطاقات للتحرك خارج سيناء بسياراتهم الخاصة، وتنسيقات العبور عبر قناة السويس، والحصول على أسلحة حماية شخصية مرخصة من قوات الجيش، خوفاً من تعرضهم للأذى نتيجة عملهم مع الأمن، وما شمل ذلك من شر أصاب مواطنين كثرا على يد هؤلاء المتعاونين.
وأشار الشيخ إلى أن المشهد آخذ في التعقيد، في ظل صمت مريب من قيادة الجيش، على الحالة الراهنة، وكأنهم يريدون التخلص من هؤلاء البدو بعد انتهاء مهمتهم في ملاحقة التنظيم على مدار السنوات الماضية.
يشار إلى أنّ عشرات الشباب البدو بدأوا بالقتال مع الجيش منذ أواخر عام 2016، مقابل تسهيلات حصلوا عليها، في التحرك بأريحية على كمائن الجيش في نطاق سيناء، وركوب سيارات الدفع الرباعي المحظورة في شمال سيناء، بالإضافة إلى السماح لهم بممارسة أعمال تجارية ممنوعة.
في المقابل، سُجلت إنجازات لهذه المجموعات القبلية بتمكنها من الوصول لعناصر من "داعش"، سواء بالقتل أو الإصابة أو الاعتقال، بينما خسرت المجموعات عددا كبيراً من عناصرها، على يد التنظيم.