تركيا: التحالف الحاكم يسعى لكتابة دستور جديد والمعارضة تنتقد مساعيه

03 أكتوبر 2023
رئيس البرلمان التركي نعمان قورطولموش وزعيم الحركة القومية دولت بهتشلي (رضا أوزيل/ Getty)
+ الخط -

تشهد الساحة السياسية التركية حراكاً اليوم الثلاثاء بشأن قضية كتابة دستور جديد للبلاد، مع بدء رئيس البرلمان التركي نعمان قورطولموش جولة لقاءات مع الكتل البرلمانية.

وعقد قورطولموش لقاء اليوم مع زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، ومن المنتظر أن يعقد لاحقاً لقاءات مع بقية الكتل.

وقال قورطولوش في تصريح للصحافيين: "سأعمل على زيارة جميع الكتل البرلمانية في الفترة المقبلة، ويجب أن تكون هناك نوايا واضحة من قبل بقية الأطراف السياسية دون أحكام مسبقة، والدستور حاجة ملحة لتركيا حالياً، ويجب التخلص من دستور انقلاب 1982".

وأضاف قورطولموش أنه بالإضافة للبرلمانيين سيتم الاستماع إلى "آراء منظمات المجتمع المدني والجامعات والأكاديميين والقانونيين"، مشيراً إلى أنه "لا يمكن إعطاء برنامج زمني حالياً للدستور الجديد، ولكن المناقشة بطريقة صحيحة وعلى أرضية مناسبة تؤدي للنتائج".

ويحتاج تعديل الدستور مباشرة إلى موافقة 400 عضو من أصل 600، عدد نواب البرلمان، فيما يحتاج التعديل إلى 360 صوتاً للذهاب إلى الاستفتاء الشعبي، وتفضل الأحزاب السياسية عدم الذهاب للاستفتاء بسبب كلفة تنظيمه على خزينة البلاد.

ويمتلك التحالف الجمهوري الحاكم 323 مقعداً فقط، وهو ما يعني ضرورة كسب موافقة بقية الأحزاب التي تباينت مواقفها حتى الآن. ويُنتظر أن تؤدي المناقشات إلى مواقف واضحة ستعرف مع اكتمال جولة قورطولموش مع بقية الأحزاب.

ومن المنتظر أن يكمل اليوم وغداً رئيس البرلمان التركي لقاءاته.

ويأتي هذا الحراك السياسي عقب تجديد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعوته لكتابة دستور جديد للبلاد.

وقال أردوغان، في كلمة له اليوم الثلاثاء: "من الطبيعي كتابة دستور مدني للشعب الذي يطالب به، ولا يحق لأي مؤسسة سياسية أن تصم الآذان عن تحمل المسؤولية". وأضاف "وضعت في كلمة بافتتاح البرلمان قبل يومين موقفنا البناء حيال الدستور الجديد وآمالنا منه، نحن مستعدون لمناقشة كل شيء، باستثناء الخطوط الحمراء التي تمس 85 مليون مواطن في البلاد".

وشدد: "في المرحلة الجديدة أفضل بشارة يمكن تقديمها للشعب هو دستور جديد يستوعب الجميع ويضمن الحريات، دستور يجعل جميع المواطنين يقولون هذا دستورنا، وأقول بوضوح إن المرحلة الحالية هي الأكثر ملاءمة في البرلمان والرأي العام لإتمام كتابة الدستور الجديد".

وأكد الرئيس التركي: "ننتظر ألا تكون الخبرات لدى الحقوقيين والقانونيين في البلاد ومكتسباتهم وجميع المقترحات خارج (استحقاقات) هذه المرحلة، هناك ثراء في تركيا يتجسد بالحديث والدفاع عن الإرادة وصناديق الاقتراع والتعبير عن الرأي عبر الطرق المشروعة والديمقراطية".

بدوره، شدد بهتشلي، حليف أردوغان، في كلمة له اليوم أمام كتلة حزبه البرلمانية، على مسألة الدستور الجديد، وأن حزبه أعد مسودة مكونة من 100 مادة، وقال: "نرغب بأن يكون هناك دستور جديد في البلاد شامل للديمقراطية ومبني على التوافق، ويلبي آمال الشعب، ومتوافق مع النظام الجمهوري، دستور معاصر يشكل أرضية لتركيا في المئوية الجديدة".

وأردف: "حزب الحركة القومية أعدّ مسودة من 100 مادة للدستور الجديد، ويجب على كافة مكونات الشعب أن يكونوا ضمن مرحلة كتابة الدستور الجديد، وعلى الأحزاب السياسية داخل البرلمان أن تكون ضمن هذه المرحلة وأن تتحمل مسؤولياتها، وتستجيب لمطالب الشعب بشكل بناء".

وأمام هذه الدعوات، تطرق زعيم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، كمال كلجدار أوغلو، إلى مسألة الدستور الجديد في كلمة له أمام كتلة حزبه البرلمانية اليوم، موجهاً انتقادات شديدة للرئيس أردوغان.

وقال كلجدار أوغلو في كلمته: "أردوغان طالب بدستور مدني جديد، ولكن هل أردوغان بالفعل إلى جانب العدالة والديمقراطية؟ فمن يعبر عن رأيه موجود في السجون في الوقت الذي تضمن فيه المواد 25 و26 و27 بالدستور حرية الرأي، وهذا يعني أن الدستور معلق".

وأضاف: "أردوغان يسعى لإقناع بقية الأحزاب والضحك عليهم، ولكن نحن لسنا حزب الحركة القومية. المادة 28 تقول إن الصحافة حرة لا رقابة عليها، ولكن مؤسسات الدولة لا تعطي إعلانات للصحف التي هي مع الحريات أو مواقع الإنترنت".

وتُظهر تصريحات كلجدار أوغلو رفضه للدستور الجديد في ظل هيمنة التحالف الجمهوري الحاكم، فيما كانت صدرت تصريحات سابقة من زعيمة الحزب الجيد متحدثة عن تعديلات دستورية وليس دستور جديد.

وكانت مسألة التعديلات الدستورية طرحت العام الماضي من قبل التحالف الجمهوري عقب حديث كلجدار أوغلو عن قوانين لحماية حق المحجبات، فطالب التحالف الحاكم بتعديلات دستورية بدلاً عن القوانين، لأن المسألة ليست ذات إشكالية حالياً، وتحول الأمر إلى كتابة دستور جديد.

وقبل أيام، أفادت صحيفة "جمهورييت" المعارضة أن "التحالف الحاكم يسعى إلى أجندة سرية غير معلنة في الدستور الجديد، تشمل تعديلات بالمادة 101 حول حق الترشح للانتخابات الرئاسية، لفتح المجال أمام الرئيس أردوغان للترشح مرة مقبلة عام 2028".

وفي الوقت الذي لم تحصل فيه مناقشات حول هذا الموضوع، نفى نائب أردوغان، إركان كاندمير، في حوار مع قناة "سي إن إن" التركية، وجود أجندة سرية للتحالف الجمهوري، مبيناً أن "جميع الحوارات بخصوص الدستور ستكون مفتوحة للجميع"، دون التطرق إلى مسألة الفترات الانتخابية للرئيس.

وتنصّ المادة 101 في الدستور على أن المرشح الرئاسي يحق له تولي الرئاسة لفترتين فقط، مدة كل واحدة منها 5 سنوات، ويمكن الترشح لفترة ثالثة في حال ذهبت البلاد لانتخابات مبكرة قبيل إتمام الفترة الرئاسية الثانية.

والرئيس أردوغان، حالياً، في فترته الثانية التي تنتهي عام 2025 وفق النظام الرئاسي الجديد، ومن الواضح أن مسائل الدستور ستكون من أسخن الملفات في الفترة المقبلة، مع مزيد من اللقاءات والتصريحات من قبل الأحزاب السياسية التركية.

المساهمون