قالت مصادر مصرية خاصة لـ"العربي الجديد" إن المسؤولين في مصر يسعون لترتيب جولة مفاوضات غير مباشرة جديدة في القاهرة، بين حركة "حماس" ومسؤولين أمنيين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بشأن التوصل إلى اتفاق تهدئة طويل المدى، تتخلله صفقة تبادل الأسرى بين الجانبين.
وتأتي هذه المساعي في وقت شنت فيه طائرات حربية ومسيرة إسرائيلية، ليل السبت الأحد، عدة غارات، استهدفت مواقع تدريبية تتبع للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بعد ساعات من توتر حدودي شرقي مدينة غزة، أدى إلى إصابة 41 فلسطينياً، بينهم اثنان جراحهما خطرة، وإصابة جندي إسرائيلي بجروح خطرة. وأعقب ذلك تهديد رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت، خلال جلسة الحكومة أمس الأحد، بأن إسرائيل "ستحاسب كل من يمس مقاتلي ومواطني إسرائيل".
ستسعى مصر لإقناع "حماس" والفصائل المسلحة بالحفاظ على التهدئة
وبحسب المصادر المصرية، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن رئيس جهاز المخابرات العامة عباس كامل توصل خلال زيارته الأخيرة لتل أبيب الخميس الماضي إلى اتفاق يقضي بترتيب جولة مفاوضات جديدة في القاهرة، بين المسؤولين في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وآخرين في "حماس" لاستكمال عدد من الملفات العالقة، التي من شأنها إعادة الهدوء إلى ملف قطاع غزة. وتسعى حكومة الاحتلال إلى الحفاظ على حالة الهدوء في القطاع، بحد تعبير المصادر، التي أكدت عدم وجود نوايا لدى الاحتلال لأي تصعيد عسكري على المدى الزمني القريب، في ظل حالة الارتباك التي تعيشها الحكومة الحالية. وكان عباس التقى بينت، وسلمه دعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لزيارة القاهرة، خلال الأيام المقبلة. كما التقى بمستشار مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الجديد إيال حولتا.
ووفقاً للمصادر فإن خطط المسؤولين الإسرائيليين في الوقت الراهن تنصب في الحفاظ على حالة الهدوء، لأطول فترة ممكنة، مع إمكانية تحقيق تقدم على مستوى بعض الملفات، مثل تبادل الأسرى مع حركة حماس. وبحسب المصادر، فإن القاهرة تعول على إحداث تقدم بشأن اتفاق التهدئة طويل المدى بعد توصلها لإنجاز جيد خلال الفترة الماضية، بعودة الأوضاع في قطاع غزة لما كانت عليه قبل المواجهة العسكرية الأخيرة. وأشارت إلى أن المسؤولين في جهاز المخابرات العامة سيسعون للبناء على ذلك الإنجاز، وإقناع "حماس" والفصائل المسلحة في القطاع، بالحفاظ على التهدئة وعدم التصعيد، بأي وسيلة، لحين انطلاق المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال، عبر الوسيط المصري.
وقالت المصادر إنه على الرغم من تمسك قيادة "حماس"، وذراعها العسكري "كتائب القسام"، بفصل ملف صفقة الأسرى، وعدم ربطه بأية ملفات أخرى متعلقة باتفاق التهدئة، إلا أن القاهرة تسعى لتقديم تصور، يحقق التوازن بين رؤية الحركة، والضغط الإسرائيلي، بربط ملف الجنود المحتجزين لدى "حماس" بأي اتفاق للتهدئة، مشيرة إلى أن هناك تصوراً مصرياً، يطرح الصفقة كبند مستقل بذاته على أن تكون مراحله ضمن اتفاق واسع للتهدئة. وأكدت المصادر أن الدعم الأميركي الذي يحظى به الدور المصري حالياً للتوصل لتسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ربما يقود إلى اتفاق جزئي، خصوصاً في ظل رغبة الحكومة الإسرائيلية إحراز نجاح سياسي، في مواجهة أحزاب المعارضة.
الدعم الأميركي للدور المصري ربما يقود إلى اتفاق جزئي
وأوضحت المصادر أن الاتفاق، الذي تم التوصل له أخيراً، بين قطر والأمم المتحدة والجانب الإسرائيلي بشأن دخول المنحة القطرية للقطاع سيساهم بدرجة كبيرة أيضاً في مهمة الوسيط المصري خلال الأيام المقبلة، لا سيما أن ملف المنحة القطرية كان مصيرياً بالنسبة لحركة "حماس". وكانت حكومة الاحتلال الإسرائيلي أعلنت، أخيراً، أنها اتفقت مع قطر والأمم المتحدة على آلية لنقل المساعدات من الدوحة إلى غزة. من جهتها أفادت اللجنة القطرية لإعادة إعمار القطاع بأنّها وقعت مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة بهدف توزيع 100 دولار لكل أسرة، من نحو 100 ألف أسرة، اعتباراً من سبتمبر/ أيلول المقبل. وتدعم هذه الخطوة آفاق الإغاثة في القطاع، بعد الدمار الذي لحق به بسبب العدوان الإسرائيلي المتكرر.
وكشفت المصادر أن المسار المصري، والاتصالات التي تقودها القاهرة بين "حماس" والفصائل من جهة وسلطات الاحتلال من جهة أخرى، توازيها اتصالات مع السلطة الفلسطينية في رام الله من جهة، والسلطات الإسرائيلية من جهة أخرى، متعلقة بعدد من الترتيبات الأمنية بين الطرفين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، بالإضافة إلى ضمان عدم عرقلة السلطة أية تفاهمات بشأن قطاع غزة، يمكن التوصل لها عبر مصر، مشيرة في الوقت ذاته إلى مساعي القاهرة لإحياء مشاورات المصالحة الداخلية.
في غضون ذلك، كشفت المصادر أن المسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري، طالبوا قيادة حركة "حماس" بضرورة تشديد الرقابة على السياج الحدودي بين قطاع غزة وشمال سيناء، من الجانب الفلسطيني، في ظل حملة عسكرية مصرية في مناطق عدة بشمال سيناء سيتم إطلاقها خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد تصاعد الهجمات التي تشنها عناصر تنظيم "ولاية سيناء"، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من ضباط ومجندين بالجيش المصري، والمجموعات القبلية المساندة لها خلال الشهرين الماضيين. وأوضحت المصادر أن المسؤولين في مصر يريدون تضييق الخناق على التنظيم، وسد أي ثغرات قد يهرب منها عناصره. وبحسب المصادر، فإن ملف التنسيق الأمني على الشريط الحدودي، سيكون من بين الملفات الجانبية التي سيتم بحثها مع وفد "حماس" الذي سيصل القاهرة، ضمن الترتيبات لجولة المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال.