تخلٍ دولي عن اللاجئين السوريين

30 أكتوبر 2022
إعادة اللاجئين تجرى من دون تغيير سلوك النظام (فرانس برس)
+ الخط -

بالتوازي مع حملات إعادة تعويم النظام السوري من بوابة اللاجئين السوريين، وعقد العديد من المؤتمرات تحت عنوان إعادة اللاجئين، التي تصوّر النظام بمظهر المنتصر والمستعد لتأمين عودة آمنة للاجئين الذين هربوا من الحرب، بدأت بعض الدول الأكثر استقبالاً للاجئين السوريين (تركيا، لبنان) بطرح خطط لإعادتهم، بمعزل عن التنسيق مع الأمم المتحدة التي لا تزال تصنّف مناطق النظام أنها غير آمنة.

وبدأت كل من حكومة النظام والحكومة اللبنانية فعلياً بإعادة عدد من اللاجئين السوريين من لبنان تحت عنوان "العودة الطوعية"، وسط صمت من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي اللذين تناسيا أن اللاجئين الذين يريد النظام إعادتهم قد هربوا من بطشه وتركوا بيوتهم وأملاكهم وفضّلوا تحمّل شظف العيش في خيام مهترئة، والحملات العنصرية ضدهم، على البقاء في مناطق تسيطر عليها قواته.

إعادة اللاجئين تجرى من دون أن يطرأ أي تغيير على سلوك هذا النظام، الذي زاد عنجهيته، ويتعاطى مع اللاجئين على أنهم إما جزء من المؤامرة التي حيكت ضده، او أنهم خونة هربوا من تأدية واجبهم الوطني، الأمر الذي يجعل من عودتهم بمثابة تسليم الضحية لجلادها. 

إلا أن من يعودون حالياً من لبنان جلّهم من الأسر التي ليس لديها أفراد مطلوبون للنظام، أو من الموالين أصلاً للنظام وخرجوا من مناطقه بحثاً عن ظروف عيش أفضل، وبالتالي فإن التزاماتهم بالعودة مجرد دفع للمستحقات المالية التي بذمتهم للدوائر الخدمية من ماء وكهرباء، وإرسال أبنائهم لأداء الخدمة الإلزامية التي كثير منهم لا يعارضونها.

إلا أن الاستمرار بتنفيذ حملات إعادة اللاجئين بهذه الطريقة من شأنه أن يعطي النظام ورقة قوة تُصوِّر أنه يمتلك الإمكانيات لتأمين عودة آمنة ومستقرة للاجئين، ما قد ينذر باعتماد سلطات الدول التي ترغب بترحيل اللاجئين عن أراضيها ضغوطاً وممارسات عنصرية ضدهم، لجعل قبولهم بالترحيل إلى سورية خياراً وحيداً أمامهم، ما يعرّض القسم الأكبر منهم لمخاطر الاعتقال والقتل.

كما أن الاستمرار بتنفيذ إعادة اللاجئين من شأنه شرعنتها لدى الأمم المتحدة الصامتة أصلاً، وتحويلها إلى طرف مشارك في عمليات الترحيل القسري للسوريين، من دون تغيّر الظروف التي أدت إلى هربهم من سورية، لذا يجب على الجهات التابعة للأمم المتحدة المعنية بشؤون اللاجئين والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان العمل على وقف عمليات ترحيل السوريين، وإدانتها، قبل أن تتحوّل إلى أمر واقع.