اعتبر العديد من المعلّقين الإسرائيليين أن خطاب الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، أمس، حمل مؤشرات على أنه غير معني بتصعيد المواجهات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى حرب واسعة، حتى بعد اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في لبنان، فيما يلمح بعضهم إلى أن الضغوط التي يمارسها سكان المستوطنات المُخلاة في الشمال قد تؤدي إلى اتساع الحرب.
وتأتي هذه الاستنتاجات رغم إشارة حسن نصر الله إلى أن عملية الاغتيال لن تمر من دون رد.
في صحيفة "هآرتس"، اعتبر المحلل العسكري عاموس هارئيل أن "حزب الله" غير معني بحرب واسعة، كما أن عملية الاغتيال التي وقعت في قلب الضاحية في بيروت ترسل إشارات إلى إيران والحزب بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي مستعدة لاحتمال نشوب حرب شاملة، مضيفاً أن هذه الخطوة قد تعتبر مغامرة ليست بسيطة بالنسبة لإسرائيل أيضاً.
وبرأي الكاتب، يُفهم من خطاب حسن نصر الله أمس، الذي كان مقرراً في وقت سابق قبل اغتيال العاروري، أن "وجهته ليست لحرب واسعة بمبادرة منه، وفي حال قررت إسرائيل بدء حرب كهذه، فإن حزب الله عندها سيرد بقوة من دون أي سقوف أو ضوابط".
وأشار الكاتب إلى أنه رغم المواجهة المحدودة (بين جيش الاحتلال وحزب الله) التي تجري وفق ضوابط معيّنة، فإن إجلاء إسرائيل عشرات آلاف المواطنين من المناطق القريبة من الحدود، منح إنجازاً لحزب الله، من دون أن يقصد هو تحصيله، وأن طلب هؤلاء من حكومة الاحتلال الإسرائيلي ضمانات لعودتهم إلى منازلهم في ظل واقع أمني جديد أفضل، يضع إسرائيل والحزب على "مسار تصادم أكثر شدة"، من دون علاقة لاغتيال العاروري.
من جانبه، اعتبر رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان في جامعة تل أبيب ميخائيل ميلشتاين، في حديث لإذاعة 103 العبرية صباح اليوم الخميس، أن نصر الله ملزم بالرد على اغتيال العاروري في بيروت، وعليه "لا يوجد سطر أخير واضح جداً"، في إشارة منه إلى أن كل الخيارات قد تبقى مفتوحة.
وأضاف أنه "لدى النظر إلى ما يريد نصر الله وحزب الله القيام به، يجب دائماً النظر أيضاً إلى الحلبة اللبنانية الداخلية"، في إشارة إلى وجود ضغوطات داخلية على حزب الله لكي لا يقحم لبنان في حرب.
وتابع: "نصر الله أعرب عن غضبه وحالة الغليان لديه، وبالتالي هذا ليس مؤشراً إلى الهدوء، وعليه، فقد يقدم على خطوة مختلفة عما يدور (من معارك) منذ ثلاثة أشهر، يمكنه بعدها القول إن هذا هو الرد على اغتيال العاروري".
بدوره، أشار الباحث الإسرائيلي في شؤون الشرق الأوسط أميتسيا برعم، في حديثه لصحيفة "معاريف" اليوم، إلى وجود حالتين يمكن أن تقودا حزب الله إلى حرب شاملة.
وأوضح أن نصر الله كان قد التزم بالرد على أي اعتداء على أرض لبنان، والآن بعد قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي بذلك، "عليه أن يثبت أنه يفي بوعوده، لكنه يواجه معضلة حيث لا يمكنه الدخول في حرب واسعة. وترى إيران التي تحدد سلوك المنظمة أن على حزب الله الدخول في حرب واسعة في حالتين فقط، هما تفكك المجتمع الإسرائيلي وانهيار الجيش الإسرائيلي بشكل كامل ووجود صدع بين الإسرائيليين، أو في حالة مهاجمة إسرائيل المنشآت النووية في إيران".
وأضاف الباحث الإسرائيلي أن نصر الله يعلم أنه في حال نشوب حرب واسعة، فإن لبنان سيتلقّى ضربة قوية، ولذلك "فإنه يخشى ارتكاب خطأ وأن تقوم إسرائيل بالرد بطريقة شديدة وتعاقب كل لبنان وليس فقط الجنوب الشيعي". وأشار إلى أن نصر الله كان قد فقد قبل نحو عام ونصف الأغلبية في البرلمان، ولذلك، إن أخطأ ودخل في حرب واسعة، فإنه سيتسبب في دمار لبنان جراء القصف الإسرائيلي".
حالة تأهب وفتح ملاجئ في حيفا بعد خطاب حسن نصر الله
مع ذلك، تتواصل حالة التأهب في جيش الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة الشمالية وسط توتر وترقب منذ اغتيال العاروري، وتجاوز الأمر المناطق الحدودية إلى مدينة حيفا، حيث قررت البلدية فتح الملاجئ.
ويوم أمس، صرح رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هليفي، الذي قام بجولة على طول الحدود مع لبنان، بأن جيش الاحتلال على جهوزية تامة، مضيفاً :" نحن على استعداد تام على جميع الجبهات وحالياً نركز على الحرب في غزة".
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرنوت" عن سكان في البلدات والمستوطنات الحدودية الإسرائيلية تذمرهم من الوضع الحالي، فيما يطاب جزء منهم بحل عسكري.
وأوردت الصحيفة قول موشيه دفيدوفيتش، رئيس "المجلس الإقليمي ماطي آشر"، "إن نصر الله يهدد وحزب الله يهاجم والجيش الإسرائيلي يرد ونحن في منتصف كل ذلك، مع بلدات أشباح وسكان تركوا منازلهم ومع يوم إضافي من التوتر".