تحركات مصرية بدعم فرنسي بالساحل الأفريقي لتطويق المصالح التركية

08 مارس 2021
عرضت مصر التعاون مع تشاد لرفع مستوى أجهزتها العسكرية (Getty)
+ الخط -

كشفت مصادر مصرية رفيعة المستوى عن تحركات خاصة تقوم بها القاهرة، أخيراً، بدول الساحل الأفريقي، بهدف البحث عن موطئ قدم في تلك المنطقة، التي ظلت لفترة طويلة بعيدة عن اهتمام السياسة الخارجية المصرية.
وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن الشهر الماضي شهد زيارتين غير معلنتين قام بهما رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، يرافقه وفد أمني، إلى كل من تشاد والنيجر، حيث التقى هناك بمسؤولين رفيعي المستوى. وأضافت المصادر أن السبب الرئيسي وراء التوجه المصري نحو دول الساحل الأفريقي هو التقارير الاستخبارية الخاصة، بتلك المنطقة، والتي تؤكد توغل تركيا في تلك المنطقة، وسعيها إلى إقامة علاقات قوية مع دول الساحل الأفريقي، وكسب نفوذ سياسي هناك، في ظل ما وصفته التقارير المصرية، بأنه "سياسة توسعية تركية في أفريقيا بشكل عام".

أكد عباس كامل لمسؤولين أمنيين في النيجر وتشاد استعداد مصر للتعاون معهما
 

وبحسب المصادر فإن عباس كامل، الذي التقى مسؤولين أمنيين في كل من النيجر وتشاد مؤخراً، أكد على استعداد مصر للتعاون مع تلك الدول لرفع مستوى أجهزتها الأمنية والعسكرية، ودعمها بشكل كبير في مجال مكافحة الإرهاب، في ظل دلائل تؤكد مساعي عناصر تنظيم "داعش" للانتقال إلى تلك المنطقة، وإقامة مناطق تمركز جديدة لها، في ظل الخسائر والهزائم المتلاحقة التي تعرض لها التنظيم في سورية والعراق، ومناطق نفوذه القديمة.
وأوضحت المصادر أن رئيس المخابرات المصري توافق مع المسؤولين في البلدين على تبادل الزيارات الرئاسية، خلال الفترة المقبلة. وأوضحت أن الأيام المقبلة ستشهد زيارات لرؤساء من دول الساحل الأفريقي إلى القاهرة، في إطار المحاولات الرامية لعودة مصر إلى الحاضنة الأفريقية بشكل قوي مجدداً، وعدم ترك الساحة لأي من القوى الإقليمية، وعلى رأسها تركيا. وأشارت المصادر إلى أن بوادر التحسن بين القاهرة وأنقرة على صعيد بعض ملفات المنطقة، لا تعني، ترك مصر الساحة الأفريقية متاحة وخالية أمام التوغل التركي، خاصة أنها من الأساس كانت مناطق نفوذ مصري خالص، في وقت تتقاطع فيه التطلعات المصرية والتركية بشأن التواجد كقوى إقليمية فاعلة، وكذا سعي تركيا لإقامة قاعدة عسكرية في منطقة غرب أفريقيا، وبالتحديد في دولة النيجر على الحدود المتاخمة مع ليبيا.

وكشفت المصادر أن كامل عرض، خلال الزيارتين الأخيرتين، تقديم مصر الدعم الفني للقوات المسلحة في البلدين، من خلال مجموعات من الدورات المتقدمة، والتدريبات العسكرية، والمنح، للعسكريين في تلك البلدان، بالأكاديميات العسكرية المصرية، في إطار دعم جهود تلك الدول بمجال مكافحة الإرهاب، وعمليات التهريب. وأوضحت المصادر أن المساعي المصرية الأخيرة في منطقة الساحل الأفريقي، هدفها تقديم نفسها كمنافس قوي لتركيا في مجال التدريب العسكري، والذي تتخذ منه أنقرة بوابة للعبور إلى تلك الدول.

ضاعفت تركيا تمثيلها الدبلوماسي في مناطق غرب القارة الأفريقية بشكل كبير
 

وقال مصدر مصري خاص، لـ"لعربي الجديد"، مؤخراً، إن المسؤولين عن الملفات الأفريقية في دوائر صناعة القرار، رصدوا توسع دور مؤسسة "صادات" التركية في إجراء برامج تدريبية عسكرية للعديد من القوات والجيوش الأفريقية. كما تم رصد توقيع أنقرة للعديد من اتفاقيات التعاون الأمني مع حكومات تلك الدول، في محاولة منها أيضاً لفتح أسواق جديدة للصناعات العسكرية، في مناطق تعد هدفاً أساسياً للصناعات المصرية. وبحسب المصدر، يحظى التحرك المصري صوب دول الساحل، بدعم أوروبي، وبالتحديد من فرنسا وألمانيا، في إطار الأجواء المشحونة بين العاصمتين الأوروبيتين، من جهة، وأنقرة من الجهة الأخرى، التي تسعى لتوسيع نفوذها في القارة الأفريقية لمزاحمتهما في تلك المنطقة.
وخلال السنوات الخمس الماضية، شهدت منطقة الساحل وغرب أفريقيا زيارات مكثفة من جانب المسؤولين في تركيا، حيث زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في يناير/كانون الثاني من العام الماضي، غامبيا والسنغال، فيما قام وزير خارجيته مولود جاووش أوغلو بجولة أفريقية في يوليو/تموز 2020، شملت توغو، وغينيا الاستوائية، والنيجر. كما ضاعفت تركيا تمثيلها الدبلوماسي في مناطق غرب القارة الأفريقية بشكل كبير خلال الفترة الماضية، ليصبح إجمالي عدد سفاراتها في أفريقيا بشكل عام 43، بعدما افتتحت مؤخراً سفارتين جديدتين لها في توغو وغينيا الاستوائية.
يذكر أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استقبل رئيس جمهورية غينيا بيساو، عمر سيسوكو إمبالو، في قصر الاتحادية، نهاية الأسبوع الماضي. وصرح متحدث باسم رئاسة الجمهورية، وقتها، بأن اللقاء شهد عقد مباحثات موسعة بين وفدي البلدين، حيث أكد السيسي أن الزيارة تمثل فرصة هامة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، لا سيما في ظل الأهمية التي تحتلها غينيا بيساو في منطقة غرب أفريقيا.

المساهمون