تحذيرات من اقتحام الأقصى الثلاثاء في ذكرى "خراب الهيكل" وسلسلة استيطانية حول أسوار البلدة القديمة في القدس

11 اغسطس 2024
خلال اقتحام مستوطنين الأقصى بحماية قوات الاحتلال، 26 سبتمبر 2022 (الأناضول)
+ الخط -

بينما تتواصل الدعوات الفلسطينية إلى الحضور الدائم في المسجد الأقصى وحمايته من مخططات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، وعدم تركه لقمة سائغة أمامهم، دعت "جماعات الهيكل" المزعوم أنصارها إلى المشاركة في سلسلة بشرية حول سور القدس المحتلة، اليوم الأحد، أسوة بسلسلة شبيهة امتدت من مستوطنات "غوش قطيف" المقامة على أراضي قطاع غزة نحو القدس المحتلة قبل 20 عاماً.

وفي حين كثفت الجماعات اليهودية المتطرفة من جهودها لدفع أكبر عدد من المستوطنين للمشاركة في إحياء ما يسمونها ذكرى "خراب الهيكل" التي تصادف الثلاثاء المقبل، حذر رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ عكرمة صبري، من التداعيات الخطيرة لاقتحامات المستوطنين للأقصى، مؤكداً أنّ هؤلاء المتطرفين يريدون إشعال المنطقة بحرب دينية.

وقال صبري لـ"العربي الجديد": "لا يكف هؤلاء عن تنفيذ مخططاتهم اللئيمة ضد المسجد الأقصى ومنها السيطرة التدريجية على الأقصى من خلال إحكام السيطرة على الناحية الشمالية الشرقية للمسجد بعد أن كانوا أحكموا السيطرة على الناحية الجنوبية الغربية في بابي المغاربة والسلسلة". وأضاف صبري: "المسجد الأقصى حق خالص للمسلمين وحدهم، وهو حق شرعي مستمد من الله ومن عقيدة ملياري مسلم"، داعياً إلى تكثيف الوجود في باحات الأقصى خلال اليومين المقبلين ولا سيما الثلاثاء، الذي سيشهد ذروة الاقتحامات.

بدوره، اعتبر رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس الشيخ عبد العظيم سلهب في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ "ما يجرى التخطيط له في ذكرى خراب هيكلهم خطير واستفزازي، خاصة أنّ الشرطة الإسرائيلية توفر الغطاء والحماية الكاملة لهؤلاء المتطرفين الذين يحظون بدعم واسع من قبل الحكومة اليمينية المتطرفة بزعامة بنيامين نتنياهو، وبالتحديد من قبل ما يسمى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي تجرأ على الوضع القائم في المسجد واقتحمه منذ توليه المنصب أكثر من مرة".

التهديدات باقتحام الأقصى في ذكرى خراب الهيكل المزعوم دفعت بحراكات شبابية، ومرجعيات دينية رسمية إلى التحذير من إشعال المنطقة بسبب ما تعلنه الجماعات المتطرفة. وقال حاتم عبد القادر أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية ومستشارها لشؤون القدس في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه الدعوات العلنية الخطيرة للمس بالأقصى تستدعي التحرك العاجل شعبياً ورسمياً للتصدي لها". وأضاف عبد القادر: "سندافع عن مسجدنا، ولن نسمح لهم بتحقيق أحلامهم الموتورة بشأن هذا المسجد لبناء هيكلهم المزعوم، وهم يدركون موقف المسلمين قاطبة، خاصة شعبنا في بيت المقدس من الدفاع عن مسجدهم مهما غلت التضحيات، وقد أثبتوا ذلك في معركة البوابات الإلكترونية، وهبة باب الرحمة".

أبو عواد: اقتحام الأقصى عقيدة وأيديولوجيا

من ناحيته وصف الكاتب المحلل السياسي المختص بالشؤون الإسرائيلية، عماد أبو عواد، الدعوات والتهييج الذي تقوم به جماعات التطرف اليهودية ضد المسجد الأقصى بأنها "ليست مجرد استفزازات، بل عقيدة وأيديولوجيا من وجهة نظرهم، بمعنى أن ما يحدث في السنوات الأخيرة لم يكن ليحدث إلا بعد سلسلة من التغيرات بدأت تحدث في المجتمع الإسرائيلي وأهمها تمكنهم من تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى من عدم الاقتحام قبل عام 2000 إلى ارتفاع منسوب الاقتحامات من 3 آلاف مقتحم عام 2004 إلى 6 آلاف عام 2009 وصولاً إلى 60 ألفاً عام 2019".

وأشار أبو عواد، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ ذلك "ساهم في ترسيخ فكرة لدى جمهور المستوطنين بأننا نستطيع القيام بما نريد، في حين أنه قبل هذه الاقتحامات كان هناك معارضة حتى من قبل جزء من جمهور المتدينين الحريديم، لكنهم حين شاهدوا أنّ الاقتحام سهل وما حدث من تغيير في واقع المسجد الأقصى أصبح هناك تقسيم زماني وباتت شهية المستوطنين مفتوحة أكثر على الذهاب خطوة إلى الإمام وصولاً إلى التقسيم المكاني".

ووفق أبو عواد، "فقد ارتبط هذا أخيراً بسبب وجود الصهيونية الدينية في الحكومة الإسرائيلية ما شجعهم على تأسيس مجموعة من الجمعيات التي بدأت تعمل... إضافة إلى موجة في الداخل الإسرائيلي نحو كثير من التطرف ما ساهم في رفع وتيرة الاعتداء على المسجد الأقصى من قبل المستوطنين، لكنه جاء متدرجاً منذ عشرين عاماً". ورأى أبو عواد أن كل الأحداث مصبوغة دينياً، متسائلاً: "من الذي يقتحم الأقصى؟ هل هو الليبرالي الجالس في تل أبيب أم المتدين صاحب العقيدة التوراتية، ومن ثم كل الأحداث التي تحدث في فلسطين بما في ذلك كل مصطلحاتهم الحربية في التعاطي مع قطاع غزة هي مصطلحات دينية مقتبسة من التوراة".

وعبر أبو عواد عن تشاؤمه حيال الوضع الفلسطيني القائم حالياً، بالقول "في اعتقادي الواقع الفلسطيني معقد، لن يكون هناك أكثر من الحالة الموجودة حالياً، فالفلسطيني يشعر بحالة من الإحباط بسبب عدم نصرة القضية الفلسطينية خاصة في قطاع غزة، كما أنه مكبّل اليدين سواء في القدس أو في الضفة الغربية أو الداخل المحتل، ومن ثم لا أتوقع ردود فعل أعلى". وشدد على أنّ "المطلوب فلسطينياً توحيد الحالة الفلسطينية الداخلية والذهاب باتجاه تشكيل جبهة وطنية موحدة للتصدي لكل ذلك، لكن هذا مستحيل في ظل الواقع الموجود حالياً والذي تتحكم فيه أميركا وإسرائيل حيث تمنعان السلطة الفلسطينية من ترتيب الوضع الداخلي في سلسلة من التهديدات المستمرة".

المساهمون