تكليف جعفر حسان بتشكيل حكومة الأردن الجديدة.. ما أبرز التحديات؟

15 سبتمبر 2024
جعفر حسان المكلف بتشكيل الحكومة الأردنية الجديدة (منصة إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تعيين جعفر حسان رئيساً للوزراء**: كلف الملك عبد الله الثاني جعفر حسان بتشكيل الحكومة الجديدة خلفاً لبشر الخصاونة، بعد الانتخابات البرلمانية التي شهدت نتائج غير مسبوقة لحزب جبهة العمل الإسلامي.

- **توجيهات الملك للحكومة الجديدة**: وجه الملك رسالة إلى جعفر حسان لتحقيق رؤية التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، وتشكيل فريق وزاري كفء، والإعداد للانتخابات المحلية، وتعزيز العلاقات العربية ودعم القضية الفلسطينية.

- **التحديات والملفات أمام الحكومة الجديدة**: تشمل التحديات تعزيز الديمقراطية، الإصلاح الاقتصادي، معالجة البطالة، تحسين البنية التحتية، مواجهة التحديات الأمنية والإقليمية، وأزمة اللاجئين، وحل مشكلات ندرة المياه.

كلف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اليوم الأحد، جعفر حسان بتشكيل الحكومة الجديدة خلفاً لحكومة بشر الخصاونة التي قدمت استقالتها في وقت سابق اليوم، وكلفها الملك بالاستمرار في تصريف الأعمال إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة ومباشرة أعمالها. وجعفر حسان هو سياسي ووزير أردني سابق من مواليد عام 1968، عمل في عدّة مناصب، بينها وزير التخطيط والتعاون الدولي بين 2009 إلى 2013، ونائب رئيس الوزراء وزير دولة للشؤون الاقتصادية في عام 2018، وحالياً هو مدير مكتب الملك.

وتلقى جعفر حسان دراسته في مدرسة المطران في عمان التي تخرج فيها عام 1985، ونال شهادتي الدكتوراه والماجستير في العلوم السياسية والاقتصاد الدولي من المعهد الأعلى للدراسات الدولية والتنموية بجامعة جنيف/ سويسرا، وشهادة الماجستير في الإدارة العامة من جامعة هارفارد-كمبريدج/ الولايات المتحدة الأميركية، وشهادة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة بوسطن/ الولايات المتحدة الأميركية، وشهادة البكالوريوس في العلاقات الدولية من الجامعة الأميركية في باريس/ فرنسا.

ويأتي تكليف جعفر حسان بتشكيل الحكومة الجديدة بعد أيام من إجراء الانتخابات البرلمانية، في 10 سبتمبر/أيلول الحالي، والتي أسفرت عن حصول حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية لحركة الإخوان المسلمين) والمصنفة معارضة، على 31 مقعداً من مقاعد مجلس النواب الـ138 بنسبة 22% من المقاعد، وهي نتائج غير مسبوقة منذ أكثر من ثلاثة عقود، في انتخابات خيّمت عليها الحرب على غزة، إضافة إلى نواب من الأحزاب الوسطية ونواب مستقلين.

وبحسب الموقع الرسمي للديوان الملكي، وجّه الملك رسالة إلى جعفر حسان أعرب فيها عن تطلعه إلى أن يقوم رئيس الحكومة المكلف بمهمته بـ"عزم وإرادة صلبة وعمل وتنفيذ مؤسسي كفء، مبني على الرؤية الواضحة التي أرستها مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري خلال الأعوام الماضية"، وأضاف أن "ذلك يتطلب فريقاً وزارياً طموحاً ومؤمناً برؤية التحديث، وعلى قدر من الكفاءة والمسؤولية الوطنية والجرأة والمثابرة في اتخاذ القرارات وإيجاد الحلول التي تخدم المواطنين لتجاوز العقبات، ويجب أن تكون مهام الوزراء واضحة ومحددة بأهداف سنوية قابلة للقياس، تخضع للمتابعة والتقييم المستمرين وفق رؤية التحديث الشاملة".

ودعا الملك الأردني في رسالته إلى "العمل على الإعداد للانتخابات المحلية القادمة، ومراجعة وتجويد منظومة التشريعات المتعلقة بها لتمكين هياكل الإدارة المحلية من القيام بدورها التنموي والخدمي على أفضل وجه"، وأكد "أهمية تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي لتحقيق النمو الشامل المستدام، الذي يكفل مضاعفة الاستثمار وزيادة فرص التشغيل لأبناء الوطن وبناته، ولضمان نوعية حياة أفضل، وعلى الحكومة أن تعمل بشفافية وتوضح آليات عملها بدقة ومسؤولية".

وأشار الملك إلى أن "عمقنا العربي خيار استراتيجي يكمن في توطيد علاقاتنا مع الأشقاء، والأردن دوماً مع التضامن والعمل العربي المشترك، وهذا جزء أصيل من رسالتنا، وقد كنا وما زلنا الأقرب للأشقاء الفلسطينيين، ولن نتوانى عن دعمهم ومساندتهم والوقوف إلى جانبهم، في ظل ظروف الحرب القاسية التي تشن عليهم في قطاع غزة والضفة الغربية". ووجه الحكومة لكي تسخّر كل الجهود "في سبيل دعم صمود الأشقاء الفلسطينيين على أرضهم والدفاع عن حقوقهم"، مضيفاً "لن نتوانى عن تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة لأشقائنا في فلسطين حتى يحصلوا على كامل حقوقهم المشروعة ويرفع الظلم التاريخي عنهم سياسياً وإنسانياً، وصولاً إلى قيام دولتهم الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وسنواصل دورنا التاريخي في حماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس من منطلق الوصاية الهاشمية عليها".

ملفات أمام حكومة جعفر حسان

وقال الكاتب الصحافي زياد الرباعي، لـ"العربي الجديد"، إن الأهم للحكومة الجديدة برئاسة جعفر حسان أن "تكون صاحبة ولاية عامة مطلقة، وتعمل بشكل متين مع مجلس النواب الجديد، خاصة أن هذا المجلس مختلف جداً عن سابقه، فأول مرة هناك قوائم حزبية تنجح في الحصول على مقاعد نيابية، عبر قانون انتخاب جديد خصّص 41 مقعداً للتنافس الحزبي للمرة الأولى، من بين 138 مقعداً، بعدما أعاد رسم الدوائر في الانتخابات إلى دائرتين: محلية لها 97 مقعداً، موزعة على 18 دائرة انتخابية، و41 مقعداً للقائمة العامة مخصصة للأحزاب والتحالفات الحزبية على مستوى المملكة، ونال حزب جبهة العمل الإسلامي 31 مقعداً".

وأضاف الرباعي: "يجب تغيير نمط وطبيعة علاقة الحكومة مع مجلس النواب، فالنمط القديم لا يناسب والتغيرات الجديدة، واليوم هناك قوة مؤثرة، والشعب أكثر وعياً بعد الانتخابات النزيهة التي جرت"، وأضاف أنه هناك "تحديات داخلية خارجية كبيرة، وهناك صراع إقليمي، وأمامنا عدو يشن حرب إبادة عنصرية على غزة والضفة الغربية، ولذا يجب أن تكون لدينا حكومة قوية للتعامل مع التحديات الداخلية والخارجية، سياسياً واقتصادياً".

وأشار المتحدث إلى أن "أفضل رئيس وزراء يمكن اختياره هو القريب من نبض الشارع، فليس المهم رئيس الوزراء شهاداته من الجامعات الغربية، لكن المهم أن يعرف ما يريده الشارع"، ورأى أن "حكومة الخصاونة لم تعرف الشارع ولم تفهمه، فالحكومة يجب ألا تبقى في المكاتب المغلقة، وعليها أن تكون قريبة من الناس، وألا تكتفي بإنجازاتها الصورية وأرقامها الوهمية، غير الموجودة على أرض الواقع، وعدم تعيين الأصدقاء والمعارف في المناصب العليا ومستشارين، ورفع يد الحكومة عن أموال مؤسسة الضمان الاجتماعي".

بدوره، قال أستاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة الحسين بن طلال حسن الدعجة، لـ"العربي الجديد"، إن المطلوب من جعفر حسان هو "تشكيلة حكومية قادرة على التعامل مع المرحلة الجديدة التي تتطلب بناء توافق وطني، وتعزيز الحوار السياسي، ودعم الأحزاب لتعزيز الديمقراطية"، مشيراً إلى أن "الحكومة تحتاج إلى دعم شعبي واسع وتعاون مع مختلف القوى السياسية والاجتماعية لضمان النجاح".

وأضاف الدعجة أن المطلوب هو "حكومة لمواجهة التحديات الخارجية والداخلية من خلال التركيز على الإصلاح السياسي وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرار، من خلال تطوير النظام الديمقراطي وتعزيز دور البرلمان والمجتمع المدني"، وأشار إلى أهمية مواجهة التحديات الاقتصادية "من خلال وضع استراتيجية شاملة ومتكاملة ترتكز على عدة محاور رئيسية للإصلاح الاقتصادي، خاصة أن الأردن يعاني مستويات مرتفعة من المديونية والبطالة، وهذا يتطلب أن تشمل الإصلاحات الاقتصادية تعزيز النمو المستدام، وتحسين البيئة الاستثمارية، ومحاربة الفساد لضمان توزيع عادل للثروات".

ولفت الدعجة إلى "أهمية معالجة البطالة في ظل وجود نسبة كبيرة من السكان في الأردن هم من الشباب، وهذا يتطلب تحسين التعليم والتدريب المهني ليتناسب مع متطلبات السوق، وتوفير فرص العمل أمر ضروري، والتركيز أيضاً على تحسين البنية التحتية والخدمات العامة، مثل الصحة والتعليم، في جميع المحافظات، وليس فقط في العاصمة، لتعزيز التنمية المتوازنة"، مشدداً على أهمية "قدرة الحكومة الجديدة على مواجهة التحديات الخارجية والحفاظ على الأمن القومي، وحماية الحدود وتعزيز الاستقرار الأمني في ظل التحديات الإرهابية والجماعات المسلحة في المنطقة. إضافة إلى مواجهة الصراعات الإقليمية: بحكم موقعه الجغرافي، فالأردن يتأثر بالصراعات في الدول المجاورة، مثل العدوان على غزة والضفة الغربية والأزمة في سورية والعراق. هذا يتطلب سياسة خارجية قائمة على الحوار الدبلوماسي مع القوى الإقليمية والدولية".

وأشار المتحدث إلى أن الأردن "يستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين، مما يشكل عبئاً على موارده المحدودة، الأمر الذي يتطلب تعزيز التعاون مع المجتمع الدولي لضمان حصول اللاجئين على الدعم المناسب من دون التأثير على اقتصاد البلاد"، لافتاً إلى أنه "أمام الحكومة المقبلة تحدي الاندماج في الاقتصاد العالمي من خلال تعزيز التجارة والاستثمارات مع الدول الأجنبية والتعاون مع المنظمات الاقتصادية الدولية، وتحسين العلاقات التجارية مع الأسواق الجديدة والناشئة يعتبر جزءاً من الحل"، لافتاً إلى ضرورة أن "تواجه الحكومة الجديدة التحديات البيئية والمائية، فالأردن يعاني ندرة المياه، مما يستوجب تبني استراتيجيات أكثر كفاءة لاستخدام المياه وإيجاد حلول مستدامة، مثل تحلية المياه ومشاريع الربط المائي مع دول الجوار".