تبون يزور تيزي وزو عاصمة منطقة القبائل.. رسائل سياسية عشية الانتخابات الرئاسية

10 يوليو 2024
خلال زيارة تبون إيطاليا، 26 مايو 2022 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- زار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ولاية تيزي وزو، وأطلق مشاريع خدمية ورياضية، منها ملعب يحمل اسم الزعيم الثوري حسين آيت أحمد، في سياق سياسي خاص عشية الانتخابات الرئاسية المقبلة.
- منذ انتخابه عام 2019، وعد تبون بزيارة تيزي وزو، التي تجنبها المترشحون السابقون بسبب الرفض الشعبي، وتأجلت الزيارة بسبب الظروف السياسية وأزمة كورونا.
- تهدف الزيارة إلى إنهاء العزوف الانتخابي في منطقة القبائل، وإدماجها في النسيج الانتخابي الوطني، وإرسال رسائل سياسية بشأن نهاية الاحتكاك بين المنطقة والسلطة.

زار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأربعاء، ولاية تيزي وزو عاصمة منطقة القبائل، (ذات الغالبية من السكان الأمازيغ) وأطلق سلسلة من المشاريع الخدمية والرياضية، أبرزها ملعب كرة قدم يحمل اسم الزعيم الثوري حسين آيت أحمد، لكن هذه الزيارة تختلف بشكل كبير من حيث سياقاتها السياسية والخصوصيات المناطقية مقارنة مع باقي الولايات، على خلفية الموقف السياسي لولاية تيزي وزو ومنطقة القبائل التي ظلت متمردة سياسياً على السلطة منذ الاستقلال، وتأتي ضمن مناخات الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتبدو ذات طابع سياسي بالغ يرتبط بإنهاء حالة الاحتكاك بين السلطة والمنطقة.

خصوصية ولاية تيزي وزو

ومنذ انتخابه عام 2019، وعد الرئيس تبون بزيارة ولاية تيزي وزو التي كان قد تجنب كغيره من المترشحين في تلك الانتخابات تنشيط حملته الانتخابية فيها، إذ تكاد تيزي وزو الولاية الوحيدة التي لم يجر فيها أي من المترشحين الأربعة في انتخابات الرئاسة عام 2019، تجمعات شعبية ودعائية خلال الحملة الانتخابية تلك، بسبب موجة الرفض الشعبي في المنطقة لإجراء الانتخابات والحراك الشعبي الذي استمر في الولاية إلى حدود نهاية عام 2021، برغم توقفه مبكرا في كثير من الولايات بعد الانتخابات الرئاسية الماضية.

ودفعت تلك الظروف العامة وطبيعة الموقف السياسي والشعبي للمنطقة من السلطة، إضافة إلى أزمة كورونا، الرئيس تبون إلى إرجاء زيارة تيزي وزو، خاصة خشية التعرض لرفض شعبي أو إثارة ردات فعل سلبية في الشارع المحلي، إلى أن جاء التوقيت السياسي المناسب الحالي، عشية الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في السابع من سبتمبر/ أيلول المقبل، وفي أعقاب إحكام السلطة سيطرتها على الشارع والفضاء العام، وتفكيك خلايا حركات متمردة كانت تنشط في المنطقة، وبخاصة خلايا حركة الماك الانفصالية التي تصنفها السلطات منذ مايو/ أيار 2021، تنظيما "إرهابيا"، وبعد بروز تحول نسبي في موقف الشارع والقوى السياسية المتركزة في المنطقة، على جبهة القوى الاشتراكية من المسارات السياسية للسلطة، وفتح قنوات الحوار مع السلطة السياسية والرئيس عبد المجيد تبون.

ولعل ما يؤشر على ذلك إعلان جبهة القوى الاشتراكية المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة وتقديم مرشح عنها، يوسف أوشيش، بعد ربع قرن من المقاطعة. وضمن سياقات الاقتراب السياسي، كان لافتا إطلاق الرئيس تبون اليوم اسم الزعيم الثوري حسين آيت أحمد، مؤسس جبهة القوى الاشتراكية، أقدم أحزاب المعارضة السياسية في الجزائر، وأحد أكثر الشخصيات السياسية المتمردة على السلطة منذ عام 1963، على أحدث ملعب لكرة القدم يجري إنشاؤه في ولاية تيزي وزو، لصالح فريق شبيبة القبائل، النادي الذي يمثل مرجعية تتجاوز البعد الرياضي بالنسبة لسكان المنطقة.

وبغض النظر عن طبيعة المشاريع التنموية والخدمية التي دشنها الرئيس تبون، فإن هذه الزيارة الرئاسية، تدخل ضمن تحفز سياسي مبكر في الجزائر لإنهاء العزوف الانتخابي في منطقة القبائل قبل الانتخابات الرئاسية، بالاستفادة من متغيرات عديدة، بحسب ما أكد المحلل السياسي جمال هديري لـ"العربي الجديد"، قائلا إن زيارة الرئيس تبون اليوم إلى تيزي وزو لا تخلو من حزمة غايات، أبرزها "السعي لوضع منطقة القبائل ضمن النسيج الانتخابي، وإنهاء حالة القطيعة الانتخابية التي تشهدها ولايات منطقة القبائل الثلاث تيزي وزو وبجاية والبويرة، في الاستحقاقات الرئاسية، حيث كانت سجلت في انتخابات عام 2019 أدنى نسب تصويت بين 1 و2%، ويمثل هذا الهدف أحد الرهانات السياسية للسلطة والرئيس تبون في الانتخابات المقبلة، بغض النظر عن لصالح من سيصوت الناخبون في المنطقة، رداً على محاولات حركات تتبنى مطالب انفصالية (الماك) وأطراف أخرى قد تسعى لتوظيف تدني نسبة التصويت لصالح طروحاتها".

ويعترض عدد من المراقبين على ربط الزيارات الأخيرة إلى الولايات في الداخل التي قام بها الرئيس تبون بكونها حملة انتخابية مسبقة للرئاسيات، ووفقا للناشط السياسي نور بلهواري، خلال حديث مع "العربي الجديد"، فإن "الرئيس ركز في زياراته على ولايات ومناطق ذات رمزية ودلالات استراتيجية واقتصادية وحتى أمنية، تندوف والجلفة وخنشلة، والأمر نفسه بالنسبة إلى تيزي وزو، ولكون أن هذه الولايات لم تنل حظها من التنمية في السابق"، مضيفاً أن "زيارة اليوم إلى تيزي وزو تحديداً تحمل في السياق حزمة رسائل سياسية إلى أطراف في الداخل والخارج، بشأن نهاية الاحتكاك السياسي الحاد الذي ميز علاقة المنطقة بالسلطة والمؤسسات الرسمية للدولة، والذي كانت تستغله أطراف انفصالية وخارجية للمساس بالوحدة الوطنية، وبروز ظرفية ووضع جديد يتيح رسم سياسات اندماج ونسيج وطني عام، بغض النظر عن أية خصوصية مناطقية، وعودة هيبة الدولة ومؤسساتها".

المساهمون