تبريرات تبون إجراء انتخابات رئاسية مسبقة لا تقنع المعارضة في الجزائر

23 مارس 2024
تفسيرات تبون حول تقديم موعد الانتخابات الرئاسية لم تقنع المعارضة (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الرئاسة الجزائرية قدمت تقريرًا يبرر تقديم موعد الانتخابات الرئاسية بثلاثة أشهر، مشيرة إلى الرغبة في العودة للوضع الطبيعي والاستباق لتهديدات خارجية، وتعزيز جاهزية البلاد.
- غالبية القوى السياسية، خاصة المعارضة، لم تقتنع بأسباب تقديم موعد الانتخابات، معتبرة أن القرار يعكس رغبة الرئيس في الذهاب إلى عهدة ثانية ويصعب المشاركة الشعبية.
- مسؤولون وقادة أحزاب سياسية وصفوا المبررات بأنها غير مقنعة وأن التقرير الرسمي فاقم الغموض، معتبرين أن القرار يضر بصورة الرئيس ويعكس رغبته في البقاء في السلطة.

قدمت الرئاسة الجزائرية عبر تقرير نشرته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، أمس الجمعة، المبررات والأسباب الرئيسة التي دفعت الرئيس عبد المجيد تبون إلى اتخاذ قرار تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة عن موعدها المقرر بثلاثة أشهر، لكن هذه التفسيرات لم تقنع عدداً من القوى السياسية، خاصة المعارضة في الجزائر.

وخلال التقرير، أكدت الرئاسة الجزائرية أن قرار تقديم الانتخابات الرئاسية مرتبط أولاً بالرغبة في "العودة إلى الوضع الطبيعي وإلى الرزنامة الانتخابية الجزائرية"، واستباق لوجود "تهديدات خارجية حقيقية وملموسة، بما يجعل من تقليص العهدة الأولى ضرورة تكتيكية، استباقاً لاضطرابات مبرمجة"، تتطلب وجود "رئيس وجيش ومؤسسات بجاهزية لمواجهة الأزمات الخارجية".

لكن هذه المبررات لم تكن كافية لغالبية القوى السياسية، وقال نائب رئيس حركة مجتمع السلم، نصر الدين حمدادوش، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "المبررات التي ذكرتها وكالة الأنباء واضحة في محاولة رفع حالة الغموض، وإزالة نقاط الظل للقراءات والتأويلات السياسية لهذا القرار، توحي برغبة الرئيس في الذهاب إلى عهدة ثانية، والشكل الذي اتُّخِذ فيه القرار بحضور جميع أركان الدولة يدل على أن هذه المسألة محسومة، بدون وجود أي صراع للأجنحة، وهي رسائل إلى الخارج أكثر منها إلى الداخل"، مشيراً إلى أن "تنظيم الانتخابات في شهر سبتمبر/أيلول المقبل، تعني تنظيم الحملة الانتخابية في شهر أغسطس/آب المقبل، وهذا قد يصعب عملية التفاعل والمشاركة الشعبية الكبيرة معها".

وعاب حمدادوش على تبون عدم إبلاغ القوى السياسية مسبقاً بالقرار، وأكد أن "الدعوة إلى انتخابات رئاسية مسبقة صلاحية دستورية حصرية لرئيس الجمهورية، وهو ليس ملزماً من حيث الوجوب باستشارة الأحزاب السياسية في ذلك، ولكن كان الأولى فعل ذلك مباشرة، احتراماً لهم بوصفهم شركاء سياسيين وأساسيين في هذه الانتخابات".

من جهته، وصف رئيس حزب التحالف الجمهوري ومساعد وزير الخارجية الأسبق، بلقاسم ساحلي، المبررات التي قدّمتها السلطة لقرار تقديم الانتخابات بأنها "غير مقنعة عموماً، ولا سيما ما يتعلق بهدف ضبط الأجندة الانتخابية، والتي من المؤكد أن رزنامتها كما حددت سينتج عنها إشكاليات لا يستهان بها، خاصة أن فترة جمع التوقيعات والحملة الانتخابية تتزامن مع مواعيد اجتماعية هامة مثل امتحانات نهاية السنة، وعيد الأضحى، والعطل الصيفية، في حين كان هذا الهدف سيتحقق لو تم إعلان قرار الانتخابات الرئاسية المسبقة بمناسبة خطاب الرئيس في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أمام غرفتي البرلمان، على أن يتم تنظيم الرئاسيات نهاية شهر مايو/أيار أو بداية يونيو/حزيران مثلاً".

واعتبر ساحلي أن المبررات التي قدمتها السلطة من باب الشفافية، أدت في المقابل إلى إرباك سياسي لحلفاء تبون أو خصومه، وهو الأمر الذي يتنافى مع دور تبون ومسؤولياته في ضمان استقرار المؤسسات والمجتمع على حد سواء، وبغض النظر كذلك عن بعض المصطلحات والتوصيفات المستعملة في التقرير الذي نشرته الوكالة الرسمية، والتي تتنافى مع السردية المعروفة للنظام في تعاطيه مع الحراك ومع رئاسيات 2019".

وكان الرئيس الجزائري قد أعلن مساء أمس الجمعة إجراء الانتخابات رئاسية مسبقة عن موعدها الدستوري، فتجري في السابع من سبتمبر/أيلول المقبل، وتقديمها عن موعدها الدستوري بـ "94 يوماً". واستند تبون إلى البند 11 من المادة 91 من الدستور الذي ينص على أنه "يمكن لرئيس الجمهورية أن يقرر تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة".

وفي ما يتعلق برئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، لا تقدم المبررات التي طرحتها السلطات، أيَّ تفسير مقنع، وقال في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "تقديم الانتخابات لثلاثة أشهر يدفع إلى التساؤل عن جدوى ذلك، والمبرر الذي قُدم على أساس العودة إلى التاريخ الطبيعي للانتخابات كان يمكن أن يكون مفهوماً لو تمت العودة بالانتخابات إلى فصل الربيع، في حين أن الرزنامة العادية لأية انتخابات هي انتهاء عهدة وبداية عهدة أخرى"، مشيراً إلى أن "المبرر الجيوسياسي غامض لنا، ربما تكون هناك معلومات سرية ليست في متناولنا، وأعتقد أن مضمون التقرير الذي نشرته الوكالة فاقم الغموض أكثر مما قدم توضيحات"، وقال: "فهمنا شيئاً واحداً، وهو أن رئيس الجمهورية مُصرّ على البقاء، فضلاً عن وسم المعارضة بأوصاف تعني إلغاء القبول بالرأي السياسي والإعلامي، وهذا أمر يضر بصورة الرئيس".

المساهمون