بين أوكرانيا وسورية

27 فبراير 2022
تدخّلت القوات الروسية في سورية ومنعت سقوط النظام (ياسر الخطيب/الأناضول)
+ الخط -

رغم الاختلاف الكبير بين أوكرانيا وسورية لناحية الأهمية السياسية، والاقتصادية، والأمنية، بالنسبة للولايات المتحدة والدول الغربية، إلا أن تعاطي دول حلف شمال الأطلسي عموماً مع الأزمة الأوكرانية، بدا مشابهاً إلى حد بعيد لتعاملها مع الثورة السورية.

هذه الدول لعبت من خلال مواقفها الكلامية، وتهديداتها للنظام السوري، دوراً توريطياً أكثر منه داعماً لقوى الثورة والمعارضة، خصوصاً بعد دخول موسكو على الخط كمنقذ للنظام، وتسلمها الملف السوري برمته.

مع بداية التهديدات الروسية باجتياح أوكرانيا، كديمقراطية ناشئة على الحدود الشرقية لأوروبا، بدأت تظهر المواقف المتلاحقة من دول حلف الأطلسي على شكل وعيد للروس، في حال أقدموا على الاقتراب من أوكرانيا، وعلى شكل تطمينات لكييف بالوقوف لجانبها، وردع أي عدوان محتمل عليها.

ووجّهت واشنطن التهديدات المتلاحقة لموسكو متوعدة بتداعيات خطيرة في حال أقدم الروس على غزو أوكرانيا. كما رفض الرئيس الأميركي جو بايدن أي خطوط حمراء لروسيا، متوعداً بإجراءات تجعل من الصعب على فلاديمير بوتين الإقدام على أي تحرك باتجاه أوكرانيا، ومؤكداً عدم تراجع بلاده عن دعم سيادة أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي.

وبالتوازي مع الموقف الأميركي، تلاحقت التهديدات الأوروبية للروس معلنة الوقوف مع أوكرانيا، إلا أن كل تلك التهديدات تمت ترجمتها بنشر بضع مئات من الجنود على حدود الدول المحاذية لأوكرانيا وإرسال بعض المساعدات العسكرية التي لم تتعدَ بضعة آلاف من الخوذ وبعض المعدات العسكرية.

تتشابه المواقف التي اتخذتها دول حلف شمال الأطلسي إلى حد بعيد مع المواقف التي اتخذتها من الثورة السورية ضد بشار الأسد في بداية انطلاقها. حينها توالت التهديدات الغربية والأميركية للنظام، والتي أوحت بقرب سقوطه. حتى أن الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما أكد في أحد تصريحاته أن أيام الأسد باتت معدودة، كما أكد عدد من زعماء الدول الغربية أن النظام السوري فقد شرعيته.

وتبيّن في ما بعد أن كل تلك المواقف لم تكن سوى مواقف كلامية تبخّرت مع تدخّل القوات الروسية في سورية ومنعت سقوط النظام بمباركة من تلك الدول التي سلمت الملف السوري برمته لموسكو.

هذا السيناريو نراه يتكرر الآن بتوريط أوكرانيا مع الروس، استناداً إلى الدعم الكلامي اللامحدود من دول حلف الأطلسي، ومن ثم تركها وحيدة تواجه مصيرها، من دون أي تدخّل لوقف العملية الروسية ضدها، ليدفع الشعب الأوكراني بالنتيجة ثمن كل ما قد يتأتى من الاجتياح الروسي من قتل وتهجير، وتدمير للبنى التحتية.

المساهمون