شدد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون، يوم الخميس، على أن "سورية مقبلة على ما يمكن أن يشكل نقطة فارقة وهامة في ظل الاهتمام المتزايد من دول المنطقة"، معتبراً أن "هذا قد يساعد على الوصول إلى تقدم بالحل السياسي".
وجاءت تصريحات المسؤول الأممي خلال إحاطة دورية له أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، وأكد أن هذا الاهتمام قد يعزز الجهود من أجل تحقيق تقدم سياسي في الصراع، وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254.
وشدد بيدرسون على أنه "من أجل تحقيق تقدم، يتعين على العديد من الجهات الفاعلة اتخاذ خطوات ملموسة"، مؤكداً على "ضرورة أن تنخرط جميع الأطراف السورية والإقليمية والدولية من أجل تحقيق هذا التقدم". وقال: "في أعقاب الزلازل المأساوية، شهدنا اهتماماً دبلوماسياً متجدداً بشأن سورية. الدبلوماسية مستمرة بين أطراف أستانة والحكومة السورية، وهناك فرص جديدة للمشاركة بين الدول العربية والحكومة السورية".
وقال إنه ما زال يسعى لـ"تسهيل عملية سياسية في سورية، وقد قلت دائماً إن الأمم المتحدة لا تستطيع أن تفعل ذلك بمفردها، نحن بحاجة إلى دعم جميع الأطراف الرئيسية، وسنواصل العمل مع الجميع لتحقيق ذلك. لا توجد مجموعات من الأطراف الفاعلة، لا الأطراف السورية ولا أطراف أستانة ولا الغربية ولا العربية، يمكنها بمفردها تحقيق تقدم من أجل التوصل إلى حل سياسي".
كما شدد المسؤول الأممي على ضرورة أن "تستأنف اللجنة الدستورية عملها في جنيف بروح من التوافق، وبوتيرة أسرع بغية تحقيق التقدم". وتعترض روسيا على عقد الاجتماعات في سويسرا.
احتياجات هائلة
من جهتها، قالت مديرة شعبة تمويل الأنشطة الإنسانية من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ليزا داوتين، إن "حجم الاحتياجات الإنسانية في سورية غير مسبوق.. لقد مر ما يقرب من ثلاثة أشهر منذ الزلازل المدمرة التي ضربت تركيا وسورية".
وأضافت داوتين: "هناك أكثر من 3 ملايين شخص حصلوا على وجبات ساخنة وحصص غذائية جاهزة للأكل، ناهيك عن تلقي قرابة 1.1 مليون سوري للمساعدات الصحية، وأزيل أكثر من 470 ألف متر مكعب من الأنقاض". ولفتت الانتباه إلى أن "اثنتي عشرة سنة من الصراع في سورية قبل الزلزال خلفت 15.3 مليون شخص، أكثر من نصف إجمالي السكان بحاجة إلى المساعدة الإنسانية ودعم الحماية"، معبرة عن خشيتها أن يزداد الرقم.
وتوقفت المسؤولة الأممية عند الاحتياجات بعد الزلزال ووصفتها بـ"الهائلة"، وقالت إن الكثير من العائلات ما زالت في المدارس والملاجئ وأماكن مفتوحة وتعيش في أماكن مكتظة، ناهيك عن اضطرار الأطفال للعمل وغيرها من التحديات. وأشارت إلى وجود أكثر من 6.9 ملايين شخص في سورية نازحين داخلياً، وجزء منهم اضطر للنزوح أكثر من مرة.
كما تحدثت داوتين عن تنفيذ أكثر من 500 مشروع إنعاش مبكر، منذ بداية العام الماضي، في جميع أنحاء سورية، الغالبية العظمى منها في إطار خطط الاستجابة الإنسانية لسورية، وتحدثت عن إحراز تقدم في تقديم المساعدات لشمال غرب سورية، حيث "تواصل وكالات الأمم المتحدة وشركاؤها الاستفادة من المعابر الحدودية الثلاثة المتاحة، باب الهوى وباب السلام والراعي، للوصول إلى ملايين الأشخاص كل شهر".
وأكدت في الوقت ذاته أن عمليات المساعدات العابرة لخطوط التماس لم تحقق تقدماً، وأكدت أن صندوق المساعدات الإنسانية لسورية (كل سورية) لم يحصل على التمويل اللازم حتى الآن، حيث تم تمويله بنسبة ثمانية بالمائة فقط للعام الجاري.
روسيا تهاجم الغرب
من جهته، تحدث سفير روسيا للأمم المتحدة في نيويورك، فاسيلي نيبنزيا، عن الحاجات الإنسانية الهائلة التي تشهدها سورية، واتهم الدول الغربية بـ"تسييس المساعدات الإنسانية واستغلالها كأداة لممارسة الضغط".
وتحدث نيبنزيا عن السماح بعد الزلزال بفتح معابر إضافية عابرة للحدود، بالإضافة لباب الهوى، وقال إن ذلك "قلل من حماسة الأمم المتحدة لتعزيز الإمدادات عبر خطوط التماس"، وأضاف: "الزملاء الغربيون ومجلس الأمن تصرفوا وكأن شيئاً لم يكن، ويتجاهلون أنه يتم استغلال قرارات الأمم المتحدة من قبل الإرهابيين. سنعبر عن موقفنا عندما يتم نقاش تمديد الآلية العابرة للحدود في شهر يوليو/ تموز، لا تساعد هذه الآلية على تحسين الوضع الإنساني".
من جهته، حمّل نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، جيفري ديلورانتس، النظام السوري مسؤولية تدهور الأوضاع، وقال: "احتجز نظام الأسد المدنيين، بمن فيهم الأطفال، ورفض الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب، وتسبب في مقتل أكثر من نصف مليون شخص، ودمر الاقتصاد السوري، وأجبر الكثيرين على مغادرة بلادهم، ورفض المفاوضات المباشرة، وقوض عمل اللجنة الدستورية".
وأكد ديلورانتس أن بلاده تؤيد عمليات إعادة الإعمار، ولكن فقط إن حدث تقدم وإصلاحات سياسية حقيقية، ودعا إلى وقف إطلاق النار، وشدد على أن واشنطن "لن تطبع العلاقات مع الأسد طالما استمر الوضع على ما هو عليه دون إصلاحات وعملية سياسية حقيقية".