استمع إلى الملخص
- الوضع الإنساني والتحديات الاقتصادية: تحدث توم فليتشر عن الأزمة الإنسانية الكبيرة، حيث يحتاج 17 مليون شخص إلى الدعم، مشددًا على احترام القانون الإنساني وتمويل المساعدات، وأهمية الاستثمار في الشعب السوري لإعادة البناء.
- الدور الدولي والمجتمع الدولي: أكد بيدرسون على أهمية التعاون الدولي لدعم العملية السياسية، وتسهيل الجهود الإنسانية، وضمان عدم عرقلة العقوبات للعمليات الإنسانية، ودعم التنمية للحد من الاعتماد على المساعدات.
وصف مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لسورية غير بيدرسون الأحداث التي شهدتها سورية بـ"التاريخية"، والتي جاءت بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، النظام الذي حكم سورية لمدة 54 عامًا في غضون أسبوعين قصيرين، في الوقت الذي تواجه فيه سورية واقعًا جديدًا للغاية. وجاءت تصريحات بيدرسون ضمن إحاطته الشهرية لمجلس الأمن الدولي في نيويورك والتي قدمها عبر دائرة متلفزة من دمشق.
وأشار في البداية للأمل والمخاوف التي يعيشها السوريون بسبب التحديات المختلفة. وقال: "أنا أسمع الآمال وأسمع المخاوف. هناك شعور عميق ومشترك بين السوريين بأن هذا الوضع الجديد هو لهم، وأن هذه هي لحظتهم لتحقيق تطلعاتهم المشروعة. وهناك أمل كبير ولدى سورية الآن فرصة حقيقية للتحرك نحو السلام والاستقرار الاقتصادي والنمو، والإدماج لجميع السوريين والمساءلة والعدالة." وأضاف: "ولكن يشعر كثيرون بالقلق إزاء المستقبل. فالتحديات التي تنتظرنا هائلة. وأخشى أن تتجه الأمور نحو الأسوأ مرة أخرى إذا لم يتم التعامل مع هذه المسألة بالشكل الصحيح ــ من جانب السوريين والمجتمع الدولي على حد سواء".
وحول الوضع على الأرض وما تتطلبه العملية السياسية، أضاف: "استلمت حكومة تصريف الأعمال السلطة وأسستها قيادة العمليات العسكرية وهي التحالف المسلح المهيمن وتقوده هيئة تحرير الشام وقائدها أحمد الشرع"، وأكد: "لكن هناك مجموعات مسلحة، بما فيها أجزاء من الجيش الوطني السوري والتي تعمل خارج هذا التحالف الذي يعمل معظمه تحت رعاية الائتلاف الوطني السوري المعارض".
وأوضح أنه "لا تزال منطقة الشمال الشرقي، وكذلك بعض أحياء مدينة حلب، تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطية، بدعم من الولايات المتحدة. كانت هناك أعمال عدائية كبيرة في الأسبوعين الماضيين، قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين تركيا والولايات المتحدة على طول نهر الفرات. لقد انتهى الآن وقف إطلاق النار لمدة خمسة أيام وأنا قلق للغاية بشأن التقارير عن التصعيد العسكري، وكذلك التقارير عن الحشود العسكرية. مثل هذا التصعيد يمكن أن يكون كارثياً".
وأشار كذلك إلى تقارير إعلامية "عن تقدم إسرائيلي لعدة كيلومترات داخل الأراضي السورية. وقد نفذت إسرائيل أكثر من 350 ضربة على منشآت ومعدات وإمدادات عسكرية في مختلف أنحاء سورية منذ سقوط النظام السابق وما زالت هذه الضربات مستمرة، بما في ذلك هجوم هائل في طرطوس. وتُعرّض مثل هذه الهجمات السكان المدنيين المنهكين لمزيد من المخاطر وتقوض احتمالات الانتقال السياسي المنظم". وأشار إلى تقارير مفادها أن إسرائيل تنوي توسيع عملياتها الاستيطانية في الجولان السوري المحتل. وشدد على ضرورة أن توقف ذلك وأشار إلى عدم قانونيتها كما إلى ضرورة وقف الهجمات.
تحديات مستقبلية
وحول التحديات، قال بيدرسون إن "أولها يتمثل بعدم انتهاء النزاع على الرغم من التحسن الذي يشهده البلد، إلا أن الاستقرار لا يزال هشاً والأعمال العدائية مستمرة في عدد من المناطق". أما التحدي الثاني فهو "في حجم الاحتياجات حيث يعيش 90% من السوريين في فقر مدقع فقد دمر الصراع الاقتصاد السوري". كما شدد على أن هذه التحديات الهائلة "تتطلب كل دعمنا، بطريقة تتجاوز الجانب الإنساني، من حيث التنمية الاقتصادية، وإعادة الإعمار، وعملية معالجة العقوبات وإنهائها في نهاية المطاف". وشدد كذلك على ضرورة إبقاء العملية السياسية على مسارها محذراً من فوضي ممكنة.
وأشار بيدرسون كذلك إلى اجتماعات عقدها مع مسؤولين في عدد من دول المنطقة ودول فاعلة بما فيها البحرين وفرنسا وألمانيا وقطر وتركيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وأشار إلى مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254. ولفت الانتباه إلى بيان العقبة على دعم ولايته. وأشار إلى وجود "فهم واسع النطاق بأن القرار 2254 لا يمكن تطبيقه ميكانيكياً في ظل الظروف الجديدة. ولكن المبادئ الأساسية تحظى بإجماع سوري واسع. وفي حين حدد القرار 2254 طرفين، أحدهما أطيح ولا يمكن أن يشارك في العملية، فإن الأمر لا يزال يتطلب انتقالاً سياسياً، وهذا يتطلب عملية سورية داخلية شاملة".
العملية الانتقالية
وأشار المسؤول الأممي إلى عدد من الركائز للعملية الانتقالية، إذ قال إن "السوريون يحتاجون إلى انتقال منظم يضمن الحفاظ على مؤسسات الدولة التي تخدم مصالحهم وتوفر لهم الخدمات الأساسية. وهنا اسمحوا لي أن أشير إلى الجهود المبذولة لضمان ذلك بالفعل، من حيث حماية وزراء الحكومة السابقة لنقل السلطة، ودعوة موظفي الدولة إلى مواصلة عملهم. وهذا يوفر أساسًا أوليًا قويًا. ولكنه ليس كافيًا في حد ذاته". وشدد على ضرورة أن يكون الانتقال "موثوقًا به وشاملًا، بما في ذلك أوسع طيف من المجتمع السوري والأحزاب السورية". وأشار إلى ضرورة أن يكون "هناك دستور جديد، بما يتماشى مع القرار 2254". كما شدد على ضرورة "إجراء انتخابات حرة ونزيهة، تشمل جميع السوريين، كما ينص القرار 2254، وفقًا للمعايير الدولية".
الوضع الإنساني
إلى ذلك تحدث وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، توم فليتشر، في البداية عن الوضع الحالي، وقال: "شهدت سورية واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم حيث هناك 17 مليون شخص، أكثر من 70% من السكان، في حاجة إلى الدعم. كما نزح أكثر من سبعة ملايين شخص داخليًا؛ بالإضافة إلى ملايين اللاجئين. ويواجه قرابة 13 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد"، ولفت الانتباه إلى أن التحولات الأخيرة زادت من هذه الاحتياجات، حيث نزح أكثر من مليون شخص في أقل من أسبوعين"، وأشار إلى مقتل وجرح مئات المدنيين، منهم 80 طفلاً على الأقل، كما تم إغلاق أكثر من 12 ألف مدرسة مؤقتًا، مما أثر على ملايين الطلاب". ولفت الانتباه إلى أنه ومع "إغلاق الحدود والطرق التجارية، كان هناك نقص في الخبز والوقود وغيرها من المواد الأساسية"، وتوقف كذلك عند تعليق "معظم المنظمات عملياتها مؤقتًا. كما تم نهب العديد من المستودعات".
وأكد المسؤول الأممي أن الأوضاع بدأت تستقر حالياً. وأضاف: "وكما رأيت هذا الأسبوع، فقد أعيد فتح الأسواق والطرق والمرافق الصحية. وعاد الأطفال إلى المدارس. وبدأت عمليات الإغاثة تستأنف تدريجياً في معظم مراكزنا، بما في ذلك حلب وحمص وهنا في دمشق". وشدد على ضرورة أن "نتكيف مع الاستجابة الإنسانية للظروف الجديدة ــ وإن كانت لا تزال تتغير بسرعة".
وشدد على الحاجة لثلاثة أمور، وهي "رسالة قوية لا لبس فيها مفادها أنه يجب احترام القانون الإنساني الدولي، سواء في أي أعمال عدائية مستمرة أو في تلبية الاحتياجات الأساسية للناس. يجب حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. ويجب السماح لأولئك الذين يتنقلون بالقيام بذلك بأمان". كما أكد ضرورة "تحديد مصير المفقودين، وفي الأماكن التي انتهت فيها الأعمال العدائية، يجب إزالة الألغام الأرضية ومخلفات الحرب من المتفجرات". وشدد على ضرورة تمويل عمليات المساعدات الإنسانية، إذ لم يتم تمويل طلب الأمم المتحدة للعام الحالي إلا بمقدار الثلث. وختم بتأكيد ضرورة الاستثمار في الشعب السوري، مؤكداً أن هذا الوقت المناسب للدول "الأعضاء للعمل على دعم التنمية لإعادة بناء سورية، والحد من الاعتماد على الدعم الإنساني؛ والحفاظ على الخدمات الأساسية"، وأشار كذلك إلى ضرورة تسهيل جميع الدول للجهود الإنسانية، بما في ذلك من خلال ضمان ألا تعيق العقوبات وتدابير مكافحة الإرهاب للعمليات الإنسانية".
ويشار في هذا السياق، إلى أن الوفد السوري لم يقدم مداخلته خلال الجلسة، كما جرت العادة في هذه الجلسات على الرغم من وجوده على قائمة المتحدثين قبل بدء الجلسة. وحضر الجلسة، بالإضافة إلى الدول الخمسة عشر دائمة العضوية ومسؤولون من الأمم المتحدة ومنظمات مجتمع مدني كذلك، ممثلون عن إيران وتركيا والعراق كدول جوار ومعنية بالموضوع، وتأتي دعوتها ضمن الأطر المختلفة المتعلقة بجلسات مجلس الأمن.
وقدم سفراء تلك الدول مداخلاتهم، بعد مداخلات الدول الأعضاء في مجلس الأمن. وكان من المفترض أن يقدم مندوب سورية، قصي الضحاك، مداخلته قبل الدول الثلاث. وعزت مصادر مطلعة غير دبلوماسية لـ"العربي الجديد" في نيويورك أن ذلك جاء بتعليمات من دمشق في آخر لحظة وبسبب تركيز الأمم المتحدة والدول الأعضاء في الجلسة على القرار 2254 (2016) وتمسكها به. وأكد مصدر دبلوماسي مطلع في نيويورك المعلومات التي تتحدث عن وجود تعليمات من دمشق بعدم الاشتراك أو الانسحاب بأخر لحظة، لكنه نفى أن يكون له علم بالأسباب وراء عدم أخذ مندوب سورية الكلمة للحديث باسم بلاده كما جرت العادة.