بوريل يجول على المسؤولين في لبنان على وقع التصعيد جنوباً

12 سبتمبر 2024
من زيارة بوريل إلى مقر "يونيفيل" في جنوب لبنان، 11 سبتمبر 2024 (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **زيارة جوزيب بوريل إلى لبنان**: وصل بوريل إلى بيروت لبحث وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، والتقى بمسؤولين لبنانيين لمناقشة الأوضاع العامة وتداعيات العدوان الإسرائيلي.
- **مواقف بوريل والاتحاد الأوروبي**: شدد بوريل على ضرورة تخفيف التوترات العسكرية وإنهاء الحرب، مؤكداً دعم الاتحاد الأوروبي للبنان وتنفيذ قرار مجلس الأمن 1701.
- **التصعيد العسكري والجهود الدبلوماسية**: تشهد الجبهة الجنوبية تصعيداً عسكرياً بين إسرائيل وحزب الله، وأكد بوريل على أهمية الحل السياسي والدعم الأوروبي للفلسطينيين.

حطّ مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيروت، أمس الأربعاء، في إطار جولته في المنطقة لبحث سبل وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، وذلك على وقع عودة التصعيد العسكري على الجبهة الجنوبية، بعدما شهدت لفترة زمنية قصيرة تراجعاً في وتيرة المواجهات إبّان تنفيذ حزب الله ردّه على اغتيال القيادي فؤاد شكر.

والتقى بوريل، اليوم الخميس، مسؤولين لبنانيين سياسيين وعسكريين، ضمنهم رئيسا الحكومة نجيب ميقاتي والبرلمان نبيه بري، وقائد الجيش العماد جوزاف عون، ووزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، حيث كان عرض لآخر التطورات في لبنان والمنطقة، والحرب الدائرة في الجنوب. وقال المستشار الإعلامي لبري علي حمدان، في بيانٍ، إنّ "اللقاء الذي استمرّ زهاء الساعة عرض الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، على ضوء مواصلة إسرائيل عدوانها على قطاع غزة ولبنان وتداعياته الأمنية والسياسية على الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط".

وثمّن بري "عالياً مواقف بوريل الإنسانية المؤشرة للحق والحقيقة من مجريات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان، والذي يتواصل منذ حوالي العام"، مؤكداً أنّ "لبنان لا يريد الحرب، ولكن له الحق وقادر على الدفاع عن نفسه". وخاطب بري الموفد الأوروبي بالقول: "لقد شهدتم بأنفسكم الغطرسة والعدوانية الإسرائيلية على لبنان أثناء زيارتكم لقوات يونيفيل في الناقورة في جنوب لبنان".

بدوره، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، خلال لقائه بوريل، إنّ "المطلوب في هذه المرحلة تكثيف الضغط الدولي والأممي لوقف العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان". وبحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي لميقاتي، فإنّ "البحث تطرق إلى الأوضاع الداخلية، وضرورة تكثيف التعاون بين لبنان والاتحاد الأوروبي لمعالجة ملف النزوح السوري ومخاطره الراهنة والمستقبلية".

أمّا وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب فقال إنّ "اجتماعنا يشكّل فرصة مهمّة لشكركم لكونكم صوت الحق والحكمة، وتوقعتم بشكل صحيحٍ أنّه ليس هناك حلّ عسكري للقضية الفلسطينية، إذ إنّ السلام والأمن مترابطان، ولا أمن من دون إنهاء الاحتلال شرطاً ضرورياً ومسبقاً لتحقيق سلام دائم في هذه المنطقة من العالم". وأضاف بو حبيب، في مؤتمر صحافي مشترك مع بوريل: "نتطلّع إلى متابعة الالتزام الإيجابي مع الإدارة الجديدة للاتحاد الأوروبي للتوصل إلى حلول مستدامة في الشرق الأوسط، إذ إنّ منح السلام يشكّل فرصة لنأخذ على محمل الجدّ تدابير وإجراءات من أجل التوصل إلى دولة فلسطينية طال انتظارها، كما يتعيّن على إسرائيل أنّ تقرّ بأنّه لن تكون هناك نهاية للنزاع من دون ضمان العدالة للفلسطينيين".

وجدّد بو حبيب التزام لبنان بالتنفيذ الشامل والمتوازن لقرار مجلس الأمن 1701، مشيراً إلى "أننا ممتنّون للدعم المستمرّ للاتحاد الأوروبي للبنان، كما نرحب بعملية إعادة تقييم سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سورية، بناءً على طلب الدول الثماني الأعضاء فيه، إذ يستطيع الاتحاد أن يؤدي دوراً بنّاءً بإيجاد حلولٍ مستدامة للتعافي المبكر وتشجيع العودة الآمنة والكريمة للسوريين الذين هم بغالبيتهم من اللاجئين الاقتصاديين إلى بلادهم".

بوريل: لتخفيف حدّة التوترات العسكرية

من جهته، قال بوريل إنه "منذ زيارته الأخيرة إلى لبنان في يناير/ كانون الثاني الماضي، لم تتوقف طبول الحرب، والتطورات الإقليمية أكدت المخاوف التي أشرت إليها دائماً، أي الخوف من المزيد من التصعيد، ومن الانهيارات الإقليمية بفعل الحرب في غزة ومن معاناة إنسانية أكثر وأوسع انتشاراً". وأشار بوريل إلى أنّ الشعب اللبناني يتطلّع إلى السلام والاستقرار والتنمية بدلاً من الحرب، ورسالتي من الزيارة أنّ الاتحاد الأوروبي يقف إلى جانب الشعب اللبناني لمساعدته في التغلّب على هذه التحديات والتهديدات قدر الإمكان، لافتاً إلى أننا "نتفق على أنّ الحرب في غزة مأساة مروعة للمدنيين الفلسطينيين لا يمكن أن نصفها بالكلمات، لكن من الضروري أن نستخدم الكلمات لكي ندين القتل الوحشي للمدنيين ولنحث على إنهاء الحرب بصورة فورية".

وأضاف "الحرب تشكّل تهديداً دائماً للاستقرار الإقليمي وخصوصاً للبنان، فعبر الخط الأزرق أدّت الحرب إلى تشريدٍ قسريٍّ لعشرات الآلاف من المدنيين الذين اضطروا إلى الفرار وترك بيوتهم على جانبي الحدود". ولفت أيضاً إلى أنّه "وفقاً لإحصاء مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، فقد طاول التدمير أربعة آلاف مبنى سكني بالكامل في الجنوب اللبناني، واضطر أكثر من 110 آلاف لبناني إلى مغادرة بيوتهم، وينطبق الأمر نفسه على الجانب الآخر من الخط الأزرق". وشدد بوريل على ضرورة "العمل على تخفيف حدّة التوترات العسكرية، وأن يشكل الأمر أولوية"، كما حثّ "جميع الأطراف على اتباع هذا المسار"، مؤكداً أن "على جميع القادة في لبنان أن يعملوا من أجل مصلحة لبنان واللبنانيين، وليس لمصلحة أحد آخر".

وأشار إلى أنّه "ينبغي أن يمهّد التنفيذ الكامل والمتناسب للقرار 1701 الطريق لتسوية شاملة، بما في ذلك ترسيم الحدود البرية والسماح بعودة النازحين داخلياً وإعادة الإعمار في المناطق المتضررة". من ناحية ثانية، شدد بوريل على ضرورة أن تعود المؤسسات اللبنانية إلى العمل، وهذه مسألة أساسية، بما في ذلك رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء.

ومع وصوله إلى لبنان، زار بوريل مقرّ قوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل) في الناقورة، جنوبي البلاد، حيث التقى بحَفَظة السلام من بعض الدول الأوروبية الـ16 المساهمة. كما اجتمع بوريل مساءً مع الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، حيث تخلل النقاش عدد من الملفات، أبرزها العدوان الإسرائيلي على لبنان، الحرب في غزة، وملفات محلية، ولا سيما الاستحقاق الرئاسي واللجوء السوري، على أن يستكمل اليوم الخميس جولاته على مسؤولين سياسيين وعسكريين في بيروت.

وقال بوريل في زيارة تأتي قبيل انتهاء ولايته إنّ "دعم الاتحاد الأوروبي القوي للشعب اللبناني والحلّ الدبلوماسي بموجب قرار 1701، أساسيان لاستعادة الاستقرار". ولفت مصدرٌ في "يونيفيل" في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "الحدود اللبنانية الجنوبية تشهد في الأيام الماضية تصعيداً عسكرياً بين حزب الله وإسرائيل، ونجدّد دعوتنا جميع الأطراف إلى ضرورة التهدئة، وتفادي الحسابات الخاطئة، وتقليل التوترات لمنع توسّع الصراع بشكل ستكون له عواقب كارثية على المنطقة ككلّ".

وأشار المصدر نفسه إلى أنّ "اللقاء مع بوريل بحث الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، وضرورة التوصّل إلى حلّ دبلوماسي ينهي الحرب التي اقتربت من عامها الأول"، لافتاً إلى أنّ "الحلّ الدبلوماسي لإنهاء الصراع في لبنان وعودة الاستقرار والنازحين لا يزال ممكناً، ويونيفيل جاهزة دائماً لتقديم المساعدة بهذا الإطار". وفي تصريحاتٍ له ضمن جولته التي لم تشمل إسرائيل، بعدما رفضت استقباله، وفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية، شدد بوريل على ضرورة إيجاد حلّ سياسي، معتبراً أنّ قطاع غزة يواجه مأساة حقيقية من صنع الإنسان، وما يحدث أمر مروع وانتهاك جسيم لحقوق الإنسان، مؤكداً الاستمرار في دعم الفلسطينيين.

وتشهد الجبهة الجنوبية للبنان منذ أيامٍ تصعيداً عسكرياً، خصوصاً من جانب الاحتلال الإسرائيلي، الذي يشنّ عدداً كبيراً من الغارات على القرى والبلدات الحدودية، ويرفع وتيرة استهدافه لبعض المناطق التي تعدّ خارج قواعد الاشتباك، ولا سيما النبطية، عدا عن توجيهه ضربات لمواقع في البقاع، وذلك بزعم قصف مواقع وبنى تحتية عسكرية تابعة لحزب الله.

ويواصل الاحتلال الإسرائيلي اغتيال عناصر وقادة في حزب الله بمنسوب مرتفع سواء باستهداف سياراتهم أو دراجاتهم النارية أو مبانٍ يكونون فيها، عدا عن استهدافه مدنيين، بينهم نساء وأطفال، ومسعفون، آخرهم استشهاد 3 عناصر من الدفاع المدني جنوباً، مع الإشارة إلى أنّ عدد شهداء العدوان الإسرائيلي منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تخطى الـ540، معظمهم من محور المقاومة، في حين وصل عدد النازحين إلى حدود الـ140 ألف نازح.

من جانبه، يكثف حزب الله عملياته العسكرية ضد مواقع وتجمّعات جيش الاحتلال، بحيث تؤكد أوساطه السياسية أنّ "الكلمة للميدان، وكل تصعيد سيقابله تصعيد، وأنّ المقاومة لا تخشى كل التهديدات الإسرائيلية، وهي مستعدة وجاهزة لكل الاحتمالات". يأتي ذلك في وقتٍ تتصاعد فيه التهديدات الإسرائيلية تجاه لبنان، ومنها قول رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الأحد الماضي، إنّ حزب الله هو الذراع الأقوى لإيران، وإنه أصدر تعليمات للجيش وقوات الأمن بالاستعداد لتغيير هذا الوضع في الشمال.

المساهمون