- الجدل يمتد إلى ابنه شوفآل، الذي ظهر في فيديوهات يدعو للعنف ضد المتظاهرين، مما يعكس تأثير الأب ويبرز نهجًا عائليًا في التعامل مع الاحتجاجات.
- بن غفير يعمل على تحقيق دعواته من خلال خطط عملية مثل إقامة مركز إرشاد في الشرطة لتدريب الجاليات اليهودية عالميًا، مما يثير انتقادات وقلقًا بشأن تأثيرها على العلاقات الدولية والأمن العام.
بن غفير يدعو لتشكيل مليشيات في الخارج
نجل بن غفير يدعو الشرطة لضرب المتظاهرين بالهراوات
غضب وانتقادات في الأوساط الإسرائيلية حيال تصرفات بن غفير
كثيراً ما يطل وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير بتصريحات ومنشورات ومقاطع فيديو مثيرة للجدل، سواء كان ذلك على الصعيد الداخلي أو الخارجي، من بينها دعوته هذا الأسبوع لإقامة مليشيات لحماية اليهود الموجودين في الخارج، في ظل الاحتجاجات الغاضبة الرافضة للحرب على غزة خاصة في الجامعات الأميركية.
ويبدو أن الوزير الإسرائيلي مهووس بالمليشيات، ولا يكتفي بها في حدود دولة الاحتلال، بأشكال مختلفة، بل يريدها في الخارج أيضاً، وهو ما يعيدنا إلى مواقف ومحطات سابقة، برزت فيها سعادة بن غفير الغامرة بالمليشيات وتوزيع السلاح.
وكما يقول المثل الشعبي "فرخ البط عوام"، لم يتوقف الأمر عند بن غفير فحسب، فابنه شوفآل تعرض أكثر من مرة لانتقادات بسبب مواقف جدلية أيضاً، منها دعوته عبر فيديو، يوم الأربعاء، للانهيال على المتظاهرين الإسرائيليين المطالبين بإعادة المحتجزين الإسرائيليين في غزة بالهراوات وتحطيمهم.
وكثيراً ما يُطل صوت شوفآل هذا في فيديوهات والده عبر تطبيق "تيك توك"، وربما منصات أخرى، يسأل والده عن رأيه في قضية ما أو موقف مسؤول ما، ليجود الأب بما لديه.
وأشغل الأب وابنه الإسرائيليين نهار وليل أول من أمس الأربعاء، وطاولتهما شتائم كثيرة منها بذيئة جداً، في مشهد يتكرر من فترة إلى أخرى، لكن عائلة بن غفير ماضية في طريقها.
واعترض محتجون طريق بن غفير ومنعوه من الخروج من قاعة مؤتمرات في القدس المحتلة يوم الأربعاء، تعبيراً عن غضبهم من عدم إبرام الحكومة صفقة مع حركة حماس، ولاعتقادهم أن بن غفير يلعب دوراً في معارضة الصفقة. وتعرّض الوزير لشتائم بذيئة جداً وسط الجموع، لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد، إذ أطل ابنه في بث مباشر عبر فيسبوك لاحقاً، مثيراً زوبعة كبيرة عقب مطالبته الشرطة بالتعامل بالقوة مع المحتجّين وضربهم بالهراوات: "كان ينبغي على الشرطة الإسرائيلية أن تأتي بالهراوات وتحطّمها عليهم".
وهاجم عدد كبير من الإسرائيليين الابن وكتبوا له عبارات من بينها "التفاحة لا تسقط بعيداً عن الشجرة"، و"كيف يجرؤ ابن مُجرم مدان على فتح فمه أصلاً؟". فيما تساءل الصحافي الإسرائيلي المعروف في صحيفة "هآرتس" جوش برينر: "هل هذا ما تسمعه في البيت أيضاً؟".
وفي وقت سابق من نفس اليوم، أعلن بن غفير الأب أنه يفحص إقامة مركز إرشاد ودعم في الشرطة الإسرائيلية لمنح التوجيه المهني والتدريب والمعرفة المهنية لإقامة فرق حراسة مسلحة محلية في الجاليات اليهودية حول العالم.
وكتب بن غفير للمفتش العام للشرطة الإسرائيلية كوب شبتاي: "واجب الدولة والحكومة ليس تجاه مواطنيها فقط، وإنما واجبنا القومي والتاريخي يحتّم علينا الوقوف إلى جانب اليهود الملاحقين في أرجاء العالم".
وتنص خطة بن غفير على إقامة مجموعات حراسة محلية في الجاليات اليهودية تعمل على حراسة مؤسساتها، وفق نموذج فرق الحراسة المسلّحة المدنية في إسرائيل، التي دأب بن غفير على توسيع رقعتها وتسليحها في كل مستوطنة أو بلدة، للتدخل السريع لدى وجود حدث أمني أو الشعور بتهديد ما، والتي يمكن أن تشكّل فعلياً خطراً على حياة فلسطينيي الداخل، بإطلاق النار عليهم من دون مبرر، بمزاعم أمنية.
وزادت الفرق المسلّحة على نحو كبير منذ عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، علماً أن هناك فرقاً مسلحة أيضاً تتبع للجبهة الداخلية الإسرائيلية.
وأوضح بن غفير أن دور الشرطة الإسرائيلية في ما يتعلق بالجاليات اليهودية في الخارج هو توفير "برامج تدريب وإرشاد ومعرفة مهنية أمنية وتكنولوجية، وربما أيضاً وسائل حماية تكنولوجية وفق التمويل الذي سيتوفّر، لمساعدة الجاليات والمنظمات اليهودية في بناء فرق كهذه وتفعيلها بشكل مهني".
وذكر بن غفير في رسالته إلى شبتاي أن المقصود هو "خطة تُفعَّل بالتنسيق التام مع الشرطة المحليّة والسلطات ذات الصلة"، فيما "توفّر شرطة إسرائيل فقط المعرفة والتدريب والوسائل التكنولوجيّة المساعدة".
وأوعز وزير الأمن القومي الإسرائيلي لقائد الشرطة بالعمل على وضع خطة الطوارئ هذه بأسرع وقت ممكن، معللاً ذلك بأن "الحرب لن تنتهي قريباً، فيما مد الأحداث المعادية للسامية في العالم في تصاعد مستمر ومقلق".
بالمقابل، وجه عدد كبير من الإسرائيليين انتقادات لاذعة للوزير بسبب اقتراحه، كما انتقد بعضهم طريقة تعامل وسائل الإعلام الإسرائيلية مع الموضوع.
وكتب أحد المعلقين عبر منصة إكس تعليقاً على منشور بن غفير المرفق بصورة لخبر نشره موقع القناة 12 العبرية: "كان ينبغي أن يكون العنوان الرئيسي في وسيلة إعلامية جادة: الأمن الشخصي في الحضيض والوزير منشغل بالتصريحات الشعبوية".
وجاءت الكثير من التعليقات منتقدةً ليس الوزيرّ فقط، وإنما الشرطةَ التي هو وزيرها، وحتى دولةَ الاحتلال ككل، في ظل الإخفاقات الكبيرة خاصة في فترة الحرب.
ومن بين التعليقات التي طالعها "العربي الجديد" وتخاطب بن غفير: "اسمع أنت مثير للشفقة"، "إيتمار، في الدول التي تقوم فيها الشرطة بدورها، لا حاجة لفرق مسلّحة"، "رائع، تفكّرون أيضاً بتوفير الأمن لاحقاً لسكان المطلة وسيدروت؟"، فيما اقترح أحدهم "ربما تبدأون أولاً مع شرطة عادية في البلاد"، وكتب آخر: "هل تهتم ولو لمرة بشؤون وزارتك، أم لأنك لا تعرف القيام بأي شيء، تضطر لإلهاء الجمهور بجهلك؟".
ومن المعلّقين من كتب: "مسيرات للاستيطان في لبنان.. وفرق حراسة في الغرب، هذا هو الحال عندما تكون صفراً وتفشل في خلق أمن في إسرائيل، وتحاول البيع لقاعدتك في الخارج".
وجاءه رد من الخارج يقول: "إيتمار، أنا بصفتي يهودياً في الشتات، أقول بملء الفم، لا نريدك ولا نريد مليشياتك المجنونة. يوجد في كل جالية منظمات أمنية تعمل جنباً إلى جنب مع السلطات المحلية وتوفّر حراسة ممتازة".
وفي تعليق آخر، كتب أحدهم: "الجاليات اليهودية في كل العالم تدرس قطع الاتصالات مع إسرائيل بسببك، وشكراً لأنّك تسرّع العملية". وطالبه تعليق آخر بالاستقالة قائلا: "فشلت وزيراً للأمن القومي، وفشلت في حماية مواطني إسرائيل، والآن تريد لعب دور وزير الخارجية، ووزير الشتات، والوكالة اليهودية، والموساد، والشرطة المحليّة. ماذا ستفعل؟ ستوزع سلاحاً عليهم (الجاليات)؟ إذا كنت تريد المساعدة، فعليك الاستقالة".
هوس بن غفير بالمليشيات والقوة
على الرغم من أن الكثير من مواقف وتصريحات بن غفير قد تبدو غير واقعية، لكن لا يمكن تجاهل تأثيره داخل الحكومة الإسرائيلية، كما لا يمكن تجاهل استطلاعات الرأي، حيث منحه آخر استطلاع لصحيفة معاريف، والذي نُشرت نتائجه اليوم الجمعة، تسعة مقاعد في الكنيست. ويتهم بن غفير بأنه يسعى دائماً للعناوين وهذا ما يفسّر الكثير من تصريحاته، حتى إنه يلقّب "وزير التيك توك"، وهو لقب استخدمه رئيس المعارضة يئير لبيد.
من جهة أخرى، لا يمكن فهم نداء بن غفير بمعزل عن أيدولوجيته ونهجه، كونه متطرفاً جداً ومستوطناً، ومنخرطاً سابقاً في حركة إرهابية، كما يرى في قضايا الاستيطان والتهجير أولوية، وأن اليهود أحق بالعيش من العرب. وسبق أن نادى غير مرة بتطبيق حكم الإعدام على الأسرى الفلسطينيين الذين يضيّق عليهم على نحو فيه انتهاكات كبيرة لحقوق الغنسان، بحسب تقارير عدة، ما أفضى إلى مقتل عدد منهم داخل السجون.
ومن المؤشرات على هوسه بالمليشيات والسلاح، دخل بن غفير في خلاف مع الشرطة الإسرائيلية، وأثار جدلاً بطلبه فصل "الحرس القومي"، الذي أقامته دولة الاحتلال الإسرائيلي تحسباً لأحداث مثل هبة الكرامة في مايو/ أيار 2021 في الداخل والضفة الغربية المحتلة، عن الشرطة، ليكون تحت سلطته مباشرة، وهو ما وصفته صحيفة هآرتس العبرية في افتتاحيتها يوم 26 يناير/ كانون الثاني 2023 بأن "بن غفير يريد مليشيا"، مضيفة أن "بن غفير يشق الطريق لإقامة مليشيا مسلّحة موازية، غير خاضعة للشرطة، مليشيا تنافس الجيش الإسرائيلي في الضفة، فيما يحدد أهدافها، وقواعد سلوكياتها وأوامر إطلاق النار الخاصة بها، من يحمل بيده (في إشارة إلى بن غفير) حزمة المتفجرات التي يمكنها إشعال الأوضاع".
ولم يتوقف الأمر عند "الحرس القومي"، وإنما يعمل بن غفير على تسليح الإسرائيليين وتسهيل الحصول على رخصة سلاح، وهو الأمر الذي اكتسب زخماً كبيراً في الأشهر الأخيرة، خاصة بعد السابع من أكتوبر، هذا علاوة على إقامة فرق حراسة مسلّحة من المدنيين، وصولاً إلى فكرته العابرة للحدود بإقامة مليشيات في الخارج.
والأخطر من كل هذا أن تسليح الإسرائيليين والتحريض المتواصل من قبله على فلسطينيي الداخل، وتحريض المستوطنين في الضفة الغربية، تجعل من الضغط على الزناد وإطلاق النار على الفلسطيني وقتله عملية سهلة ومدعومة من قبل وزير في الحكومة.
"أبي، منذ بداية الحرب منحتم موافقات لأكثر من 100 ألف قطعة سلاح، ماذا عن الأسلحة الطويلة؟"، يطل صوت الابن شوفآل موجها سؤالاً لوالده بن غفير، في فيديو نُشر على تيك توك أخيراً، ليرد الأب مؤكداً: "صحيح يا شوفآل، منذ بداية الحرب سمحت وزارة الأمن لأكثر من 100 ألف شخص بالتزوّد بمسدسات، والحصول على تراخيص لحمل مسدس. وبالنسبة للأسلحة الطويلة، افتتحنا أكثر من 900 فرقة حراسة مسلّحة، ووزعنا أثر من 11 ألفاً و500 بندقية هجومية وبنادق طويلة على أعضاء الفرق المسلّحة، وأنا أناشد الجمهور أن تعالوا وتطوّعوا في الفرق المسلّحة. إسرائيل تتسلح".
ويدلل على أفكار بن غفير الدموية أيضاً تصريح، أطلقه في شهر أغسطس/آب 2023، بأن حق المستوطنين بالحركة في الضفة الغربية يفوق حق العرب. وقال خلال حديث عن دعمه تعزيز القيود المفروضة على الفلسطينيين في الضفة الغربية: "حقّي، وكذلك حقّ زوجتي وأولادي، في التنقل على الطرق (في الضفة الغربية)، أهم من حرية حركة العرب". كما قال إن حقه في الحياة يأتي قبل حق الفلسطينيين فيها. وأعقبت تصريحاته إدانات واسعة حتى من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.