قال الرئيس السابق للحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، ليل الخميس، إن الدولة هي التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل وليس حزب "العدالة والتنمية"، في تعليق جديد على الجدل الذي يعيشه الحزب الإسلامي منذ توقيع أمينه العام، سعد الدين العثماني، في العاشر من ديسمبر/كانون الأول الماضي، على اتفاق استئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب.
وأوضح بنكيران، في كلمة بثت على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ليل الخميس، أن "الذي يمضي اليوم في التطبيع مع إسرائيل هو الدولة التي يسيرها الملك وليس العدالة والتنمية"، معتبراً أن استئناف العلاقات مع تل أبيب "مرتبط بمصلحة بلادنا، والقرار اتخذه سيدنا (العاهل المغربي الملك محمد السادس)، الذي يتصرف في إطار صلاحياته، وهو اتخذ قراراً لا يمكننا إلا أن نكون معه ولن نكون ضده".
ولفت، خلال استقباله أعضاء المكتب الوطني لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب (الذراع النقابية للعدالة والتنمية) ببيته بالعاصمة المغربية الرباط، إلى أن حزبه له موقفه الخاص بخصوص التطبيع، مضيفاً: "نحن لا يمكننا أن نغير موقفنا من التطبيع لا بابن تيمية ولا ابن القيم ولا بغيرهما، لأن هذه المرحلة كنا فيها أمام الواقع، وأمين عام حزبنا، بصفته رئيس الحكومة، وقع على ما أتت به الظروف ونحن متفهمون ذلك".
إلى ذلك، كشف بنكيران عن بعض الكواليس التي سبقت حفل التوقيع على اتفاق استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، مشيراً، بهذا الصدد، إلى أنه تلقى، بالتوازي مع الاتصال برئيس الحكومة سعد الدين العثماني، اتصالاً هاتفياً من مستشار الملك فؤاد عالي الهمة، أكد فيه أن موقف العاهل المغربي "لم يتغير من القضية الفلسطينية ولن يتبدل".
من جهة أخرى، شن رئيس الحكومة المغربي السابق، هجوماً حاداً على الإسلاميين الذين هاجموا المغرب بعد التوقيع على اتفاق استئناف العلاقات مع إسرائيل، واصفاً إياهم بـ"الأغبياء"، وقال: "بعض الإسلاميين بين عشية وضحاها استلوا سيوفهم، وشرعوا يتهمون هذا بأنه عميل وأن هذا خائن، لكنهم لا يدركون أنهم بهذه الطريقة سيفقدون إخوانهم". وتابع: "من حق هؤلاء أن ينتقدوا المغرب بسبب موقفه، ولكن ليس من حقهم أن يقللوا الحياء عليه، وعليهم أن يراعوا، لأنه دولة إسلامية عظيمة، ولها وحدة مذهب ودافعت عن ثغر الأمة الغربي منذ 12 قرناً، ورفات المغاربة لا يزال في الجولان وسيناء".
واستدرك قائلاً: "نحن مغاربة ومسلمون، ونعتبر دولة فلسطين والأقاليم الجنوبية للمملكة سواء، ولكنْ لدينا مشكل في صحرائنا التي قدمنا فيها التضحيات، وكان لنا فيها خصم ظلمنا مع الأسف الشديد، ليس هو الجزائر إنما حكامها، أما الشعب الجزائري فيحب المغرب والمغاربة".
ومنذ العاشر من ديسمبر/كانون الأول، تاريخ إعلان العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن الاتفاق على استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، يعيش "العدالة والتنمية" على صفيح ساخن، جراء تباين مواقف هيئته التنظيمية التي لم تستفق بعد من صدمة خطوة التطبيع، بين موقف رافض لها عبّر عنه كل من حركة "التوحيد والإصلاح"، الذراع الدعوية للحزب، والتنظيم الشبابي، وآخر تمثّل في الأمانة العامة التي تجنّبت إعلان موقف صريح مباشر.
وفي الوقت الذي وجدت فيه قيادة الحزب، الذي يبني عقيدته السياسية منذ نشأته على رفض التطبيع، نفسها في موقف محرج أمام قواعدها والرأي العام، وهي تصطدم بقرار استئناف العلاقات مع تل أبيب؛ ألقى توقيع الأمين العام لـ"العدالة والتنمية"، سعد الدين العثماني، بصفته رئيساً للحكومة، على الإعلان الثلاثي بين الرباط وواشنطن وتل أبيب، بظلاله على الحزب، ووصل إلى حد المطالبة بإقالته والدعوة إلى مؤتمر استثنائي للإطاحة به من رأس الحزب.