أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، اليوم الأحد، مرسوماً تضمن إنهاء العمل بنظام محاكم الميدان العسكرية المعمول به في سورية منذ أكثر من خمسين عاماً.
ونصّ المرسوم على أنه "يُنهى العمل بالمرسوم التشريعي رقم /109/ تاريخ 17 - 8 - 1968 وتعديلاته المتضمن إحداث محاكم الميدان العسكرية". كما قضى بإحالة "جميع القضايا المحالة إلى محاكم الميدان العسكرية بحالتها الحاضرة إلى القضاء العسكري، لإجراء الملاحقة فيها وفق أحكام قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /61/ لعام 1950 وتعديلاته".
وبموجب مرسوم إحداثها، تتشكل محكمة الميدان بقرار من القائد العام للجيش والقوات المسلحة، من رئيس لا تقلّ رتبته عن رائد وعضوين لا تقلّ رتبتهما عن نقيب، من دون اشتراط شهادة الإجازة في الحقوق، ويقوم بوظائف النيابة العامة فيها أحد قضاة النيابة العامة العسكرية، يُسمّى بقرار من القائد العام للجيش والقوات المسلحة، وتملك النيابة العامة لديها صلاحية النائب العام العسكري وقاضي التحقيق العسكري.
وتختص هذه المحكمة، وفق مرسوم إحداثها والتعديلات اللاحقة عليه، في "النظر بالجرائم الداخلة في اختصاص المحاكم العسكرية المحالة إليها بقرار من القائد العام للجيش والقوات المسلحة، والمرتكبة في زمن الحرب والعمليات الحربية". ويحق لمحكمة الميدان عدم التقيد بالأصول والإجراءات المنصوص عليها في التشريعات النافذة، وتُعتبر أحكامها غير قابلة للطعن.
وحتى انطلاق الثورة السورية ضد النظام عام 2011، كانت هناك محكمة ميدان عسكرية واحدة مقرّها الرئيسي في منطقة القابون في دمشق، ولكن بعد انطلاق الثورة، جرى تشكيل محكمتين ميدانيتين إضافيتين مطلع عام 2012، مقرّهما في دمشق أيضاً، واحدة في القابون والأخرى في معسكر التدريب الجامعي بالديماس، قرب نادي الفروسية.
وكانت محكمة الميدان في البداية مختصة بمحاكمة العسكريين الذين يرتكبون مخالفات أو أفعالاً جرمية، ومنها التخابر مع العدو أثناء حالة الحرب مع عدو خارجي، لكن استخدمت في الثمانينيات لردع بعض التجاوزات المدنية مثل سرقة المازوت، ثم توارى نشاطها خلال التسعينيات، إلى أن جرى إحياؤها مع اندلاع الثورة السورية، إذ يجرى تحويل المشاركين أو المتهمين بالمشاركة في فاعليات عسكرية أو سلمية، من عسكريين ومدنيين على السواء، إلى هذه المحكمة بتهمة الإرهاب.
ووفق منظمات حقوقية عدة، فإن إجراءات المحاكمة في محكمة الميدان شكلية وسرية، والاستجواب يعتمد على الضبط المقدم من الفروع الأمنية، حيث يُحتجر المعتقل برغم علم القائمين على المحكمة بأن هذه الاعترافات جرى انتزاعها بالقوة وتحت التعذيب. وتؤكد المنظمات أن هناك محاكم ميدانية أيضاً داخل الفروع الأمنية، وتصدر أحكامها على المعتقلين لدى هذه الفروع، وهي أحكام يجرى تنفيذها فوراً، وغالباً ما تكون أحكامها بالإعدام.
وكانت المحامية نورا غازي، وهي ناشطة سورية في مجال حقوق الإنسان وزوجها معتقل لدى النظام، ذكرت لـ"العربي الجديد" أن جلسات هذه المحاكم قصيرة جداً، ولا تتجاوز دقيقتين، ثم يعود المعتقلون إلى سجونهم في عدرا أو صيدنايا ليتبلغوا أحكامهم، وتنفّذ أحكام الإعدام غالباً في سجن صيدنايا، لكن هناك أحكاما تنفذ خارج صيدنايا، تحديداً داخل الفروع الأمنية.
وأكدت غازي أنه منذ انطلاق الحراك الشعبي في سورية في مارس/ آذار 2011، أصدرت هذه المحاكم عشرات آلاف الأحكام بحق الناشطين في الثورة من مدنيين وعسكريين، وتميزت بقسوتها لكونها تبدأ بخمس سنوات، وصولاً إلى عقوبة الإعدام.