بايدن يطلب تمرير مساعدات ضخمة لأوكرانيا مستبقاً ولاية ترامب

03 ديسمبر 2024
جو بايدن وفولوديمير زيلينسكي، واشنطن 12 ديسمبر 2023 (شيب سوموديفيلا/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تسعى إدارة بايدن لتزويد أوكرانيا بالأسلحة لتعزيز موقفها العسكري وسط تصاعد الهجوم الروسي، مع مخاوف من تغيير السياسة الأميركية بعد تولي ترامب الرئاسة.
- تواجه الإدارة تحديات بسبب استنزاف المخزونات العسكرية الأميركية، مما قد يؤثر على جاهزية الجيش لمواجهة نقاط ساخنة أخرى، لكنها ترى دعم أوكرانيا ضروريًا للحفاظ على النظام الدولي.
- تشهد أوكرانيا تقدمًا روسيًا في دونيتسك، مما يهدد خطوط الإمداد، بينما يراقب البنتاغون تأثير الصواريخ الأميركية والبريطانية على القتال وتحديات الجيش الأوكراني في كورسك.

قال مسؤولون أميركيون إن إدارة جو بايدن منخرطة في صراع اللحظة الأخيرة لتزويد أوكرانيا بمليارات الدولارات من الأسلحة الإضافية، وهو جهد ضخم يولد مخاوف داخلية بشأن إمكانية تآكل المخزونات الأميركية واستنزاف الموارد التي يحتاج إليها الأميركيون في نقاط أخرى ملتهبة. وترجع جهود بايدن الحثيثة لتسريع تزويد أوكرانيا بالأسلحة في أسابيع إدارته الأخيرة لزخم الهجوم الروسي المتزايد والنتائج التي يحققها على الأرض من جهة ومن جهة ثانية تأتي خشية من تحول متوقع بالسياسة الأميركية اتجاه الحرب بعد دخول الرئيس المنتخب دونالد ترامب البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني القادم. 

إرث بايدن

وترى صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن مساعي بايدن الحثيثة لدعم أوكرانيا ستساعد في تشكيل إرثه وتحسينه في السياسة الخارجية بعد فترة رئاسية واحدة تخللها الكثير من الأحداث من الانسحاب الأميركي من أفغانستان وما تبعها من سيطرة لطالبان على كابول مروراً باندلاع أكبر حرب برية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية وصولاً إلى حالة عدم الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط وسط الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما تبعها حتى الآن. 

وأعلن وزير الخارجية أنتوني بلينكن، أمس الاثنين، أن الولايات المتحدة سترسل 725 مليون دولار إضافية بصفة مساعدات عسكرية إلى كييف، بما في ذلك ذخائر مضادة للطائرات بدون طيار وذخيرة لنظام صواريخ هيمارس والألغام الأرضية المضادة للأفراد، ويخطط بلينكن للقاءٍ في بروكسل مع نظرائه في حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا يومي الثلاثاء والأربعاء. كما قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان في بيان، الاثنين،: "أمر الرئيس وزارة الدفاع بتسليم المواد إلى أوكرانيا بسرعة لضمان حصول أوكرانيا على المعدات التي تحتاج إليها للدفاع عن نفسها"، مشيراً إلى أن بايدن أعلن في سبتمبر/أيلول نيته تخصيص كل التمويل للمساعدات العسكرية لكييف قبل مغادرته منصبه، وقال سوليفان إنه من الآن وإلى تنصيب ترامب سترسل الإدارة إلى كييف مئات الآلاف من قذائف المدفعية وآلاف الصواريخ، مؤكداً أن بايدن "يسعى إلى وضع أوكرانيا في أقوى موقف ممكن".

ويقول مسؤولو الإدارة إن تقديم الأسلحة في نهاية ولاية بايدن بالإضافة إلى منحه في نوفمبر الماضي الضوء الأخضر لضربات صاروخية في عمق الأراضي الروسية ونشر الألغام الأرضية المضادة للأفراد، التي تنتقدها جماعات حقوق الإنسان، يمكن أن يمنح كييف بعض المساحة للتنفس، لكنهم بحسب واشنطن بوست يحثون القادة الأوكرانيين على استغلال اللحظة لتوسيع جيشهم إلى ما يتجاوز 160 ألف مجند تقول كييف إنها في حاجة إليهم. وتشير واشنطن بوست إلى إيمان البعض في الإدارة الأميركية بأن الجيش الأوكراني في حاجة ماسة إلى موارد بشرية بالإضافة إلى الأسلحة، ويعتقدون أنه بغض النظر عما تفعله واشنطن ستظل كييف غير قادرة على تحقيق إنجازات مهمة وإيقاف الغزو الروسي بدون المزيد من الجنود حتى مع تسريع شحنات الأسلحة، وهناك إحباط متزايد بحسب الصحيفة تجاه القادة الأوكرانيين الذين قاوموا دعوات الولايات المتحدة إلى خفض سن التجنيد في البلاد من 25 إلى 18 عاماً. ولا سيما أن القوات الروسية استولت في الأسابيع الأخيرة على أراض أوكرانية بأسرع وتيرة منذ عام 2022 مما سبّب إثارة قلق واشنطن.

وهذا ما أشار إليه المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، الأسبوع الماضي، بقوله: "سنستمر بالتأكيد في إرسال الأسلحة والمعدات إلى أوكرانيا. نعلم أن هذا أمر حيوي، ولكن الأمر كذلك بالنسبة للقوى البشرية التي نعتقد أنهم بأمس الحاجة إليها في هذه المرحلة. لذلك نحن مستعدون أيضاً لزيادة قدرتنا التدريبية إذا اتخذوا الخطوات المناسبة لملء صفوفهم". وقال أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية إنه تم حل مشكلة تراجع القوة النارية لأوكرانيا بسبب تباطؤ المساعدات العسكرية الأميركية بعد أن وافق الكونغرس، في إبريل/ نيسان الماضي، على تقديم 61 مليار دولار تمويلاً إضافياً. وأضاف المسؤول، الذي حجبت واشنطن بوست هويته ليتمكن كما قالت من التحدث بصراحة عن التقييمات الأميركية الحساسة لحالة المعركة واستراتيجية إدارة بايدن، "قد لا يتم سد فجوة الذخيرة تماماً بين أوكرانيا وروسيا، لكن اقتربنا كثيراً من ذلك، أما من ناحية القوى البشرية فالفرق واضح أنها مسألة رياضيات وفيزياء"، وأكد المسؤول: "لا أحاول اتهام أوكرانيا بأي شيء، إنها قضية صعبة للغاية بالنسبة لهم. لكن على مدار العام الماضي عانت كييف عدم تمكنها حشد وتدريب عدد كاف من الجنود لتعويض خسائر ساحة المعركة".

خطر على المخزونات الأميركية

من جهتهم يؤكد القادة الأوكرانيون أن جهود التجنيد تأثرت سلباً بسبب تراجع المساعدات العسكرية في وقت سابق من هذا العام، حيث أصبح المجندون غير راغبين في الالتحاق بالجيش لأنهم غير متأكدين من امتلاكهم أسلحة. وهذا ما بينه دميتري ليتفين، مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي قال فيه: "لا معنى لخفض سن التعبئة في أوكرانيا لتجنيد المزيد من الأشخاص، عندما لا تصل المعدات التي تم إعلانها مسبقاً في الوقت المحدد، فبسبب هذا التأخر تفتقر أوكرانيا إلى الأسلحة لتجهيز الجنود الموجودين أصلاً". ويقول المسؤولون الأميركيون إن الفجوة بين جهود التجنيد الروسية والأوكرانية على المدى الطويل ربما تكون أكثر أهمية في تحديد مسار الحرب، لقد واجه الجيش الأوكراني المنهك تحدياً يتمثل في نقص حاد في الوحدات الأمامية، فضلاً عن جهود التعبئة والتدريب البطيئة. ومقابل التباطؤ الأوكراني استطاع الكرملين زيادة عدد قواته رغم تكبده خسائر فادحة.

من جهته، تعهد ترامب بإنهاء الحرب في أوكرانيا في "24 ساعة" بمجرد توليه منصبه، وأعلن الأسبوع الماضي أنه سيعين الجنرال المتقاعد كيث كيلوج ليكون مبعوثه الخاص لروسيا وأوكرانيا. واقترح كيلوج، وهو مسؤول كبير في الأمن القومي في إدارة ترامب الأولى، ربط الدعم الأميركي المستقبلي لأوكرانيا بانخراطها في محادثات لإنهاء الصراع لكنه اقترح أيضاً تسليح كييف بشكل أكثر عدوانية لدفع الكرملين إلى تقديم تنازلات. ولا يزال مستقبل المساعدات الأميركية، وهي الداعم العسكري الرئيسي لأوكرانيا، بعد تنصيب ترامب موضع شك، ولا سيما أن نائب الرئيس المنتخب، جيه دي فانس، ورجل الأعمال المقرب من ترامب، إيلون ماسك، عبرا عن شكوكهما بشأن استمرار المساعدات لأوكرانيا.

ويحذر مسؤولون أميركيون من أن المسارعة إلى استخدام ما تبقى من مشروع قانون المساعدات التكميلية البالغ 61 مليار دولار من الممكن أن يرهق الجيش الأميركي، وهناك قلق خاص بشأن حجم صواريخ الدفاع الجوي الاعتراضية وبعض أنواع قذائف المدفعية التي يتم نقلها بسرعة إلى أوكرانيا. وقال أحد المسؤولين إنه من الصعب استبدال كليهما بسرعة وسوف تؤدي هذه الخسائر إلى تقليص جاهزية الجيش الأميركي لمواجهة نقاط ساخنة أخرى محتملة في الشرق الأوسط وآسيا، وقال هذا المسؤول: "إن جاهزية الولايات المتحدة معرضة لخطر شديد وخطير" إذا لم يتم موازنة الاحتياجات الأخرى مع احتياجات أوكرانيا.

وأكد المسؤول أن البيت الأبيض يوازن بين مختلف المخاطر بينما يمضي قدماً في خططه لمساعدة أوكرانيا، وأجرى البيت الأبيض حسابات مفادها أنه على الرغم من التحديات التي تواجه مخزونات الولايات المتحدة فمن الأفضل إرسال أكبر قدر ممكن من المساعدات إلى أوكرانيا بالنظر إلى "كل التداعيات المترتبة على الحرب في أوكرانيا على النظام الدولي القائم على القواعد وعلى مسارح أخرى في جميع أنحاء العالم، وكيف ستتعلم الدول الاستبدادية الدروس من هذا" بحسب المسؤول. ولكن أحد كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين يرى أن الخطر الرئيسي يكمن في مكان آخر ويقول إن حجم المساعدات المزمع تقديمها في وقت قريب لأوكرانيا كبير جداً ويجب تسليمه في وقت قصير ما يعني تخصيص الجيش الأميركي المزيد من الآليات والأفراد لنقل كمية هائلة من المعدات إلى أوروبا.

على الأرض.. تقدم روسي

وميدانياً، يقول المحللون الذين يتتبعون الصراع في الأيام الأخيرة إن روسيا تتقدم في منطقة دونيتسك الغربية، مما يعرض بلدتي بوكروفسك وفيليكا نوفوسيلكا للخطر ويعرض خطوط الإمداد الأوكرانية للخطر، لكن مسؤولاً عسكرياً أميركياً رفيع المستوى قال: "سوف يعود الأوكرانيون إلى وتيرة التقدم الأبطأ". كما أرجع هذا المسؤول المكاسب الروسية في منطقة كورسك الروسية، حيث تحاول أوكرانيا الدفاع عن توغلها داخل الأراضي الروسية، إلى الهجوم المضاد الذي شنته موسكو هناك بمساعدة القوات التي قدمتها حليفتها كوريا الشمالية ما سمح باستعادة ما يزيد قليلاً على ثلث الأراضي التي استولت عليها أوكرانيا. وعلى الرغم ممّا أسماه المسؤول "التراجع البطيء" لأوكرانيا في كورسك، قال إنه ما لم يغير أي من الجانبين كثيراً مستوى جهوده وموارده المخصصة لكورسك، فربما يستغرق الأمر من روسيا عدة أشهر لطرد القوات الأوكرانية بالكامل من المنطقة.

وقال المسؤول العسكري إن البنتاغون يراقب كورسك من كثب لرصد تأثر القتال بقرار إدارة بايدن السماح باستخدام الصواريخ الأميركية (ATACMS) والصواريخ البريطانية (Storm Shadow)، وقال المسؤول إن هذه الصواريخ حتى الآن كان لها تأثير على القتال بشكل عام، ما أدى إلى إبطاء تكامل القوات الكورية الشمالية. ويعترف المسؤولون الأوكرانيون بالصعوبة التي يواجهها جيشهم، وقال مسؤول أوكراني إن خط المواجهة في دونيتسك "موقف صعب، وربما حتى أحد أصعب المواقف في الفترة الأخيرة من الحرب. لكن الأمر ليس ميؤوساً منه". ويتوقع العديد من المحللين أن تفقد أوكرانيا السيطرة على بوكروفسك قبل شهرين.

المساهمون