حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الاثنين، من أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) يواجه تحديات جديدة في التعامل مع الصين وروسيا، متعهدًا بتجديد دعم واشنطن لحلفائها خلال قمة الحلف، في حين رأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الغرب يحاول هدم الشراكة الإستراتيجية القائمة بين روسيا والصين، غير أنه أشاد ببايدن.
وقال بايدن، اليوم الاثنين، قبل بدء اجتماع قادة الحلف: "أعتقد أنه خلال السنتين الماضيتين، أصبح هناك إدراك متزايد أن لدينا تحديات جديدة (..) لدينا روسيا التي لا تتصرف بالطريقة التي كنا نأملها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الصين"، وفق ما نقلت "فرانس برس".
وأمس، الأحد، قال الرئيس الأميركي إن الرئيس الروسي كان محقاً في قوله إن العلاقات بين بلديهما وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات، لكنه أشار إلى أن روسيا ربما تكون أضعف مما تبدو عليه.
وتابع: "اسمحوا لي أن أوضح أنه على حق، لقد تدهورت، ويعتمد الأمر على كيفية تصرفه بما يتماشى مع المعايير الدولية، وهو ما لم يفعله في كثير من الحالات".
وكان بايدن، الذي وصف بوتين بالقاتل في مارس/ آذار، قد قال إن روسيا تنتهج سلوكاً غير مقبول على عدد من الجبهات، لكنه أشار أيضاً إلى "المعضلات" التي تواجه روسيا، والمتمثلة في الانهيار الاقتصادي الذي أعقب تفكيك الاتحاد السوفييتي السابق، وما وصفه بالتوسع الذي يفوق قدراتها في سورية ومشكلاتها مع جائحة كوفيد-19.
ولدى سؤاله عن السبب في عدم تغير موقف بوتين رغم العقوبات التي يفرضها الغرب منذ سنوات على روسيا، قال بايدن ساخراً: "إنه فلاديمير بوتين".
بوتين يشيد ببايدن
في المقابل، رأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الغرب يحاول هدم الشراكة الاستراتيجية القائمة بين روسيا والصين، مشيداً في سياق آخر بنظيره الأميركي الجديد جو بايدن وخبرته السياسية مقارنة مع سلفه دونالد ترامب.
وفي معرض حديثه عن العلاقات الروسية الصينية، قال بوتين في حوار مع قناة "إن بي سي" الأميركية عشية توجهه إلى جنيف لعقد أول قمة مع بايدن: "نحن راضون عن مستوى تعاوننا الذي بلغ مستويات غير مسبوقة بعدما استمر في التطور خلال آخر بضعة عقود. نعتز بذلك، شأننا في ذلك شأن أصدقائنا الصينيين". ووصف حالة العلاقات بين البلدين بأنها "شراكة استراتيجية" غير مسبوقة ذات "مستوى عال من الثقة والتعاون".
وأضاف في نص الحوار الذي نشر على الموقع الرسمي للكرملين اليوم الاثنين: "نشهد محاولات هدم العلاقات بين روسيا والصين. نرى أن هذه المحاولات تتخذ في إطار السياسة العملية".
في سياق آخر، أشاد بوتين بخبرة بايدن السياسية على عكس سلفه دونالد ترامب، قائلاً: "الرئيس بايدن يختلف، بالطبع، بشكل جذري عن ترامب، لأنه محترف وعمل طيلة حياته الواعية في السياسة".
وأضاف: "هذا شخص مختلف. هناك إيجابيات وسلبيات، ولكنني آمل كثيرا أنه لن تكون هناك حركات اندفاعية من قبل الرئيس الجديد، وأننا سنلتزم بقواعد ما للتواصل وسنتمكن من الاتفاق على أمور وإيجاد نقاط التلاقي".
وفي وقت سابق، نفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشدة المزاعم القائلة إن بلاده تنفذ هجمات إلكترونية ضد الولايات المتحدة، ووصفها بأنها "لا أساس لها من الصحة"، وفق ما أوردته وكالة "أسوشييتد برس".
وقال بوتين في مقابلة بثت على قناة "إن بي سي"، اليوم الاثنين: "أين الدليل؟ أين الدليل؟ لقد أصبح الأمر هزليا... لقد تم اتهامنا بجميع أنواع الأمور- التدخل في الانتخابات، والهجمات الإلكترونية وما إلى ذلك - ولم يزعجوا أنفسهم مرة، ولا مرة، ولا مرة واحدة، بتقديم أي نوع من الأدلة أو البراهين، مجرد اتهامات لا أساس لها من الصحة".
في إبريل/نيسان الفائت، أعلنت الولايات المتحدة طرد 10 دبلوماسيين روس وفرض عقوبات جديدة مرتبطة باختراق شركة تكنولوجيا المعلومات "سولار ويندس".
واضطربت العلاقات لسنوات بين الخصمين السابقين في الحرب الباردة، لكنها توترت بشدة بعدما سعى بوتين لاستعادة بعض النفوذ الذي فقدته روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، الذي شابته الفوضى في عام 1991، وبدأ في التدخل خارج حدود روسيا.
بايدن: للناتو أهمية قصوى لمصالحنا
وكان الرئيس الأميركي قد وصل، مساء الأحد، إلى بروكسل للمشاركة في قمة لحلف شمال الأطلسي، اليوم، وللاجتماع مع رؤساء مؤسسات الاتحاد الأوروبي، غدًا الثلاثاء، قبل أن يلتقي نظيره الروسي، الأربعاء، في جنيف.
وشدد جو بايدن، اليوم، على "الحاجة إلى تنسيق أكبر" بين الحلفاء، مؤكدا الأهمية التي يمثلها الحلف بالنسبة إلى الولايات المتحدة. وتابع، في رسالة تظهر اختلافا تاما مع مواقف سلفه دونالد ترامب: "أريد أن يكون هذا الأمر واضحا (..)، لحلف شمال الأطلسي أهمية قصوى لمصالحنا (..)، لو لم يكن موجودا، لتوجب علينا أن ننشئ حلفًا".
وأضاف: "أنا أذكر الأميركيين باستمرار بأنه عندما تعرضت أميركا للهجوم للمرة الأولى على أراضيها منذ بداية الحرب العالمية الثانية (11 أيلول/سبتمبر 2001)، تحرّك حلف الأطلسي. حيث احترم الحلفاء المادة الخامسة (من المعاهدة التي تفرض على الأعضاء تقديم المساعدة للبلد الذي يتعرض لهجوم)".
واتخذت تدابير مشددة لضمان أمن الرئيس الأميركي وقادة الدول الـ29 الأخرى الأعضاء في الأطلسي خلال إقامتهم، حيث أبلغ سكان بروكسل بالصعوبات التي تنتظرهم في تنقلاتهم خلال أيام زيارة بايدن.