- ازدياد الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي بمرور الزمن، لتشمل الخلافات بين الشرقيين والغربيين، المتدينين والعلمانيين، وبين اليسار واليمين، مع سعي الحكومة الحالية لتحويل إسرائيل من دولة يهودية ديمقراطية إلى دولة يهودية دينية.
- تعمق الانقسامات والاحتجاجات ضد الحكومة الحالية وسياساتها، ما يشير إلى تمزق المجتمع الإسرائيلي إلى "قبائل متناحرة"، مما يعقد المشهد السياسي والاجتماعي ويصعب إمكانية الحل الداخلي.
بعد مرور قرابة ثمانية عقودٍ على إقامة دولة إسرائيل عام 1948، على انقاض الشعب الفلسطيني، وبعد تدمير أكثر من 550 مدينةٍ وبلدةٍ وقريةٍ فلسطينيةٍ، وتهجير أكثر من ثلاثة أرباع الشعب الفلسطيني إلى خارج وطنه، في أكبر مجزرةٍ وإبادةٍ جماعيةٍ تحدث في التاريخ، أو يتعرض لها شعبٌ في التاريخ، ومن أجل إنجاح المشروع الصهيوني، عملت الحركة الصهيونية على تجميع اليهود من مختلف دول العالم وجلبهم إلى فلسطين، ما أدى إلى تكوين تركيبةٍ مجتمعيةٍ استيطانيةٍ للمهاجرين الصهاينة ذات تبايناتٍ واختلافاتٍ، بسبب الخلفيات الإثنية والطائفية، خاصّةً بين اليهود القادمين من أوروبا الغربية والولايات المتّحدة، الذين يُسمون باليهود الغربيين (الاشكيناز)، وبين اليهود الشرقيين، الذين قدمت أغلبيتهم من الدول العربية والإسلامية (السفرديم).
عملت الحركة الصهيونية بزعامة ديفيد بن غوريون، رئيس حكومة الاحتلال الأولى عام 1948، على دمج الجماعتين وإذابة الاختلافات والتباينات بينهما، عبر تجنيد جميع المهاجرين اليهود الشرقيين والغربيين في الجيش الإسرائيلي، حيث اعتبر بن غوريون الجيش كفرنٍ للصهر لإنتاج اليهودي الإسرائيلي بعد الانتهاء من الخدمة العسكرية، بعد الإذابة، أو على الأقلّ تقليص الفجوات الثقافية بين الجماعتين. لكن اليوم؛ بعد مرور أكثر من 76 عامًا على إقامة دولة الاحتلال، لم تفشل الحركة الصهيونية في إنهاء الفجوات بين الشرقيين والغربيين فقط، بل ازدادت الانقسامات وأخذت أنماطًا ومظاهر مختلفةً، تجاوزت في حدّتها وتأثيراتها السلبية على إسرائيل تداعيات الاختلافات الإثنية بين الغربيين والشرقيين، إذ ظهرت الخلافات بين المتدينين- الحريديم والعلمانيين، وبين اليسار واليمين، وبين مدن المركز والأرياف والهوامش، التي تعمقت مع مرور الزمن، لكنها انفجرت في العام الماضي، بعد تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو الحالية، التي ضمت حلفاءه الطبيعيين من المتدينين الحريديم، والمتدينين القوميين الصهاينة، الذين اعتبروا هذه الحكومة "هديةً ربانيةً"، وفرصةً نادرةً لإعادة صياغة وهندسة المجتمع الإسرائيلي ودولته وفق الاعتبارات الدينية، من خلال إحداث مجموعةٍ من التغييرات العميقة، التي تطاول طبيعة وهوية دولة إسرائيل، إذ أرادو نقل إسرائيل من دولةٍ يهوديةٍ وديمقراطيةٍ (كما أرادها مؤسسوها من قادة الحركة الصهيونية، منذ إقامة المؤتمر الصهيوني الأول بزعامة ثيودور هرتسل عام 1897، مرورًا بأغلبية قادة الحركة الصهيونية، حتّى صعود قوّة الجماعات الدينية في إسرائيل سواء الحريدية أو القومية ديمغرافيًا وسياسيًا وعسكريًا) إلى دولةٍ يهوديةٍ دينية، عبر إحداث تغييراتٍ كبيرةٍ في علاقة الدين بالدولة. وقد سعت الجماعات الدينية؛ التي تشكل الحكومة الإسرائيلية الحالية وتحظى بدعم 64 عضوًا في الكنيست الإسرائيلي من أصل 120 عضوًا، إلى سن مجموعةٍ من القوانين، التي تضمن بقاء اليهود الحريديم خارج التجنيد والخدمة العسكرية والحكومية، إضافةً إلى حصولهم على مخصصات التعليم والرعاية من موازنة الدولة ومن دون أن يقدموا لها شيئًا، مع أنّ نسبتهم في المجتمع اليهودي تصل الآن إلى 14%.
اعتبر مسؤول لجنة التشريعات، سمحاروتمان، أنّ دماء مستوطنين اثنين قتلا العام الماضي في حوارة أطهر من دماء الذين قتلوا في مستعمرات غلاف غزّة صباح 7 أكتوبر
عملت الحكومة الحالية على تمرير تشريعاتٍ وقوانين من شأنها إلغاء مظاهر الحياة الليبرالية في إسرائيل، مثل إلغاء الاختلاط في التعليم والعمل ومرافق الحياة الأخرى، وإلزامية العطلة في أيّام السبت، ومحاربة ظاهرة المثليين بقسوةٍ، وإغلاق جميع المحلات التي تبيع لحم الخنزير، وغيرها من القضايا المحرمة وفق الشريعة اليهودية. لذا؛ كان من الواضح أنّ الحكومة تستغل وجودها كفرصةٍ لنقل إسرائيل من هويتها العلمانية الليبرالية لدولةٍ دينيةٍ محافظةٍ، إذ ازدادت ظاهرة النساء المتدينات، ومظاهر الفصل بين الذكور والإناث في المواصلات العامّة، بل بدأت بعض التجمعات اليهودية الحريدية المغلقة في الفصل بين الجنسين في المواصلات العامّة وفي العمل.
من جهةٍ أخرى؛ تتمثّل الجماعات الدينية القومية (الصهيونية الدينية) في قائمتي حزب العظمة اليهودية بزعامة الكاهاني إيتمار بن غفير، والصهيونية بزعامة بتسلئيل سموتريتش، التي يعتبر معقلها في مستوطنات الضفّة الغربية، إذ يستند برنامجهم ومشروعهم على استمرار وتعاظم المشروع الاستيطاني اليهودي الإحلالي في كلّ فلسطين التاريخية، وتحديدًا في الضفّة الغربية، التي يسمونها "يهودا والسامرا"، كما في باقي المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948، النقب والجليل والمثلث. وقد أفادت جمعياتٌ قانونيةٌ إسرائيليةٌ يساريةٌ أنّ عام 2023 كان الأعلى من حيث مشاريع البناء والاستيطان في الضفّة الغربية منذ عام 1967. كما أفادت بعض التقارير الإسرائيلية بمصادقة الحكومة الحالية على بناء أكثر من 23 ألف وحدةٍ سكنيةٍ في الضفّة الغربية فقط. يذكر أن جزءًا من أعضاء الكنيست ينتمون إلى تيار الدينية الصهيونية، إذ تضم الحكومة الحالية أكثر من 24 عضو كنيست ممن ينتمون لتيار المتطرف مائير كهانا، الذي قتل على يد مواطنٍ مصريٍ في الولايات المتّحدة في نهاية التسعينيات، إذ يعتبر تهويد المسجد الأقصى أولى أولويّات هذه الجماعات الصهيونية القومية، عبر زيادة عمليات الاقتحام اليومية، والتقسيمات الزمانية والمكانية، مرورًا بعمليات ذبح القرابين والصلوات الجماعية، حتى ذبح البقرة الحمراء، التي أحضروها من الولايات المتّحدة لذبحها وحرق جلدها ونقعه بالماء لتطهير اليهود، إيذانا بالسماح لهم بدخول المسجد الأقصى لتسريع نزول السيد المسيح، وهدم المسجد الأقصى، وبناء الهيكل المزعوم، بمعنى إلغاء كلّ ما يتعلق بما يسمى بالوضع القائم، الذي يعطي الأوقاف الإسلامية الأردنية حقّ الإدارة والإشراف داخل ساحات وباحات المسجد الأقصى وقبة الصخرة، إذ كان آخر ما طرحه وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف بن غفير، قبل أيّامٍ هو تمرير ما يسمى بـ"قانون المساواة في الحكومة الإسرائيلية"، الذي يعني معاملة اليهود داخل المسجد الأقصى كما يعامل المسلمون، من حيث الصلوات الجماعية في المكان والزمان الذي يقررونه هم، ما يعني أنّ المسجد الأقصى قد أصبح كنيسًا يهوديًا.
التقت مصالح الجماعات الحريدية والقومية مع مصلحة نتنياهو إيدولوجيًا وشخصيًا، من أجل تمرير قوانين بالكنيست لإيقاف ملاحقة الأخير من قبل أجهزة القضاء الإسرائيلية، بتهمٍ عديدةٍ تتعلق بالرشاوى والفساد وخيانة الأمانة.
بينما اعتبرت الحكومة الحالية إجراء التغيير التي قامت به بـ"الإصلاحات القضائية والقانونية"، وصفته شرائحٌ واسعةٌ من المجتمع اليهودي بالانقلاب القانوني والقضائي على إسرائيل، وقد أدّى رفضه من قبل الكثيرين في إسرائيل إلى تنظيم تظاهراتٍ ضخمةٍ ضدّ الحكومة، تطالبها بالتراجع عن تلك القرارات والقوانين، وكانت أغلبية المشاركين في التظاهرات من اليهود الغربيين (الاشكيناز)، وتحديدًا من منطقة تل أبيب الكبرى، التي تعتبر معقل اليهود العلمانيين، خصوصًا المنتمين إلى أحزاب الوسط الصهيوني واليسار، الذين يطالبون بالحفاظ على هوية إسرائيل العلمانية الليبيرالية، وعدم تمرير قوانين تحلّ الدين محل القوانين، أي مطالبين باستمرار الفصل التام بين السلطات الثلاث، بعد أن اتضح أن الحكومة تريد السيطرة على كافة السلطات في الدولة، وتحديدًا على جهاز القضاء، متمثّلًا بمحكمة العدل العليا، من خلال تعيين قضاة من المستوطنين المتطرفين، بسبب اتهام جماعات الصهيونية الدينية لمحكمة العدل العليا بأنّها تلتزم بالقوانين التي لا تعطى الأولويّة للمستوطنين، ويتهمونها بعرقلة نقل ملكية أراضٍ فلسطينيةٍ إلى يهودٍ. يذكر أن ملاحقة المحكمة العليا من قبل جماعات المستوطنين ليست بالجديدة، إنّما مضى عليها سنواتٌ طويلةٌ، حين هدد عضو الكنيست اليميني المستوطن، موتي يوغيف، قبل حوالي عقدين من الزمن، بهدم محكمة العدل العليا على رأس من فيها من قضاة وموظفين وعاملين بجرافةٍ من نوع (D9)، بحجة استقبالها شكاوى الفلسطينيين ضدّ انتهاكات المستوطنين وجيش الاحتلال، ولكونها تدعم حقوق المثليين في إسرائيل أيضًا.
اعتبر بن غوريون الجيش كفرنٍ للصهر لإنتاج اليهودي الإسرائيلي بعد الانتهاء من الخدمة العسكرية، بعد الإذابة
لم تلتفت الحكومة للتظاهرات الإسرائيلية الواسعة، التي شملت إضراباتٍ تعليميةً وتجاريةً، وإغلاق طرقاتٍ، وتسجيل عرائض بالامتناع عن خدمة الاحتياط العسكرية، خاصّةً من قبل الطيارين، وقد واجهت الحكومة التظاهرات بالقمع، إذ أعطى الوزير المتطرف بن غفير تعليماتٍ للشرطة بقمع المتظاهرين، متهمًا إياهم بالتنسيق مع حركة حماس لتدمير دولة إسرائيل، وقد هدد الكثيرون من اليهود العلمانيين الغربيين بالهجرة، ولوحظت زيادةٌ كبيرةٌ في عدد اليهود الغربيين العلمانيين الذين يطلبون الحصول على جنسياتٍ أخرى من السفارات الأجنبية في تل أبيب.
صعدت الشرطة الإسرائيلية من وسائل قمع المتظاهرين، مستخدمةً خراطيم المياه العادمة، والعصي والاعتقالات والسحل والضرب، ما أدّى إلى تعميق الشروخ والانقسامات داخل المجتمع اليهودي، كما أدّى إلى تحويل المجتمع اليهودي إلى مجموعةٍ من القبائل المتناحرة، في أكبر عملية تمزيقٍ له.
حدثت عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها حركة حماس، في معسكرات ومستوطنات غلاف غزّة في ذروة الانقسام، و حاول نتنياهو استغلال صدمة المجتمع الإسرائيلي من نتائجها، التي أدت إلى مقتل أكثر من 1200 إسرائيليٍ، وأسر أكثر من 250 آخرين من قبل المقاومة الفلسطينية في غزّة، لطي صفحة الانقسام الإسرائيلي ومحو صورته السلبية في الوعي الإسرائيلي، التي تكونت بسبب تحميله مسؤولية الانقسامات العميقة، لكن سرعان ما تفجرت الاحتجاجات والتظاهرات بمظهرٍ مختلفٍ، مع أن المشاركين إلى حدٍّ ما هم ذات المشاركين في تظاهرات إسقاط الحكومة ورفض الانقلاب القانوني والقضائي، إذ تضغط التظاهرات على نتنياهو لإعطاء أولويّةٍ لملف الأسرى، نظرًا لاتهام أكثرية ذوي الأسرى المحتجزين في غزّة الحكومة بإهمال ملفهم وتركهم للموت في غزّة، ليس بسبب عدم خضوعهم لشروط حركة حماس، إنّما لأن الحكومة الحالية تعتبر هؤلاء الأسرى من خصومها السياسيين والحزبيين، الذين كانوا يشاركون في تظاهرات العام الماضي، إلى حدّ اعتبار بعض قادة المستوطنين، والوزراء؛ بن غفير وسموتريتش، مقتلهم وأسرهم عقابًا ربانيًا، لمعارضتهم الحكومة الدينية في إسرائيل، حتّى اعتبر مسؤول لجنة التشريعات، سمحاروتمان، أنّ دماء مستوطنين اثنين قتلا العام الماضي في حوارة أطهر من دماء الذين قتلوا في مستعمرات غلاف غزّة صباح 7 أكتوبر.
لم تقتصر الانقسامات على الشرقيين والغربيين فقط، بل أصبح المجتمع الإسرائيلي طائفيًا مكونًا من قبائل عدّةٍ، شرقيين وغربيين وروس وأثيوبيين وعرب، وقد أدت معاناة اليهود الشرقيين؛ في بداية إقامة إسرائيل، من قبل الفئة اليهودية الغربية (حزب العمل)، وتمييز اليهود الغربيين تجاه الشرقيين الروس والأثيوبيين إلى دفعهم نحو اليمين المتطرف، مناكفةً بحزب العمل وما يسمى باليسار الإسرائيلي، إحدى تعبيرات ذلك؛ قيام مستوطن يهودي يميني (شرقي) بقتل إسحاق رابين، بسبب اتّفاقية أوسلو عام 1995.
التقت مصالح الجماعات الحريدية والقومية مع مصلحة نتنياهو إيدولوجيًا وشخصيًا
إضافةً إلى الانقسامات الإثنية برز الانقسام والخلاف بين اليهود الحريديم والعلمانيين، خصوصًا بسبب عدم انضمام اليهود الحريديم (يمثلون اليوم 14% من المجتمع الإسرائيلي) إلى التجنيد، فهم الأكثر زيادةً في المجتمع الإسرائيلي، وقد تعمق الشرخ بالحرب الحالية، بسبب عدم انخراط الحريديم في التجنيد وحصولهم على مخصصاتهم المالية الحكومية وهم في بيوتهم ومدارسهم، على قاعدة أنّ دراسة التوراة هي من تحمي إسرائيل واليهود من الأعداء وليس الخدمة العسكرية، فمهما بلغت إسرائيل من قوّةٍ عسكريةٍ لن تتمكن من حماية ذاتها من دون دراسة وتعلم التوراة، كما أنّهم يرفضون الخدمة العسكرية بسبب طبيعة الجيش العلماني المختلط، إذ وصل الأمر بحاخام حزب شاس الحريدي إلى التهديد بالهجرة ومغادرة إسرائيل جماعيًا في حال فرض التجنيد الإجباري عليهم، وقد قمعت الشرطة الإسرائيلية تظاهرات الحريديم الرافضة للخدمة الإجبارية بقوّةٍ، حينها هتف الحريديم بالموت لأفراد الشرطة العلمانيين في غزّة على أيدي حماس، بسبب ملاحقتهم دارسي التوراة.
كما توجد انقساماتٌ بين اليهود القوميين والحريديم حول الكثير من الفتاوى، خصوصًا ما يتعلق باقتحامات المسجد الأقصى، إذ لا زالت شريحةٌ من الحريديم تحرم اقتحامات الأقصى قبل نزول المسيح، في ما افتى حاخامات الصهيونية الدينية باقتحامات الأقصى لمساعدة الله والإسراع في إنزال المسيح، كذلك؛ تتعاظم الخلافات بينهم حول السيطرة على المؤسسات الدينية الإسرائيلية، وعلى الانتخابات البلدية، إذ لوحظ تفاهمٌ وشبه تحالفٍ بين قوائم للحريديم وقوائم عربية.
على الرغم من تراجع اليسار الصهيوني؛ اعتبر اليمين الديني الفاشي المتظاهرين في الشوارع يساريين، ووصل الأمر بهم إلى اتهامهم بالتحالف مع حركة حماس، وادعوا ضبط مكالماتٍ بين قادة التظاهرات ويحيى السنوار.
كشفت تداعيات 7 أكتوبر، والإخفاق الكبير، وتبادل الاتهامات بين القادة السياسيين والأمنيين، كما في اتهام نتنياهو قادة الأمن والمخابرات والجيش بأنهم علموا بمخطط حركة حماس بالاقتحام، لكنهم لم يتحركوا لمنعه، ولم يخبروه، لإفشال حكومته وإسقاطه ردًا على الانقلاب القضائي والقانوني، إذ وصل الأمر بابن نتنياهو، يائير، بكتابة تغريدةً على منصة إكس تفيد بتحالف جهاز المخابرات مع حركة حماس من أجل إسقاط والده، وقد أدى ذلك إلى تعميق الشرخ الحالي بين المستوى اليميني السياسي من جهة، والأجهزة الأمنية من جهةٍ أخرى، إذ بات انعدام ثقة وزراء الحكومة، سموتريتش وبن غفير وميري ريغف وغيرهم من وزراء اليمين، بقيادة الجيش ورئيس الأركان واضحًا، كما لم يعودوا يثقون بوزير الجيش يوآف غالانت، الذي ينتمي لحزب الليكود.
هدد عضو الكنيست اليميني المستوطن، موتي يوغيف، قبل حوالي عقدين من الزمن، بهدم محكمة العدل العليا على رأس من فيها من قضاة وموظفين وعاملين بجرافةٍ من نوع (D9)
رغم إجماع المجتمع الإسرائيلي على اعتبار الحرب الحالية حربًا وجوديةً، إلّا أنها قد فشلت في توحيد المجتمع الإسرائيلي، الذي أصبح ممزقًا، وما يعقد المشهد، ويصعب إمكانية الحلّ، هو زيادة اليهود المتدينين الصهاينة والحريديم ديمغرافيًا، وسيطرتهم على الجيش، وذلك لمنع أيّ تقدمٍ بالعملية السياسية مع الفلسطينيين مستقبلاً، وسيطرتهم على باقي المؤسسات، وتحديدًا جهازي التعليم والقضاء، كما بدأت سيطرتهم على الإعلام، ما يجعل من إمكانية المواجهة الداخلية مسألةً ممكنةً.