انطلاق حملة الانتخابات المغربية: منافسة قوية بين "العدالة والتنمية" و3 أحزاب أخرى

26 اغسطس 2021
32 حزباً تتنافس في الانتخابات المغربية (Getty)
+ الخط -

انطلقت في المغرب، اليوم الخميس، حملة الانتخابات المحلية والجهوية والتشريعية المقررة في الثامن من سبتمبر/أيلول المقبل، في ظل وضع استثنائي فرضه تفشي فيروس كورونا في البلاد، فيما يُنتظر أن تشتد المنافسة بين حزب "العدالة والتنمية"، الطامح إلى قيادة الحكومة للمرة الثالثة على التوالي، وثلاثة أحزاب لها وزنها الانتخابي، هي "الأصالة والمعاصرة" و"التجمع الوطني للأحرار" و"الاستقلال".

ومنذ صباح اليوم، شرعت الأحزاب الـ 32 المشاركة في الانتخابات في إطلاق حملاتها الانتخابية من مقارّها الرئيسية والجهوية والمحلية، داعية الناخبين إلى المشاركة والتصويت على مرشحيها، فيما عملت بعض الأحزاب على الكشف عن برنامجها الانتخابي كما كان الحال بالنسبة إلى الحزب الاشتراكي الموحد.

وبينما يُنتظر أن يعقد حزب "العدالة والتنمية "، قائد الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب، مساء اليوم، مهرجاناً رسمياً لإطلاق حملته الانتخابية، بدا لافتاً خلال الساعات الأولى للحملة حجم استثمار الأحزاب المتنافسة مواقع التواصل الاجتماعي في حملاتها الانتخابية لاستقطاب واستمالة الناخبين للتصويت لها جراء الوضع الوبائي المقلق والاشتراطات التي فرضتها وزارة الداخلية لتنظيم الحملات الانتخابية.

 

وبينما تعتبر الأحزاب مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما موقع "فيس بوك"، أفضل حل لتجاوز الإكراهات التي فرضتها الأزمة الصحية، يرى بعض المراقبين أن تلك المواقع لا يمكن الرهان عليها كثيراً، وتبقى وسيلة مكملة لأن الأحزاب المغربية لا تزال تعتمد على تأثير الصورة (التلفزيون والملصق الدعائي) والتواصل من قرب بطرق الأبواب وأماكن العمل والشارع والمقاهي والأماكن العمومية.

واشترطت وزارة الداخلية المغربية على المرشحين للانتخابات المقبلة التزام العديد من الإجراءات الاحترازية خلال الحملة الانتخابية، التي ستنتهي في الساعة 12 ليلاً من يوم الثلاثاء 7 سبتمبر/أيلول المقبل، مع الأخذ بالاعتبار التدابير الاحترازية المدرجة في إطار حالة الطوارئ الصحية.

ومنعت السلطات المغربية المترشحين من أن يتجاوزوا عدد 25 شخصاً في التجمعات العمومية بالفضاءات المغلقة والمفتوحة، وعدم تنظيم تجمعات انتخابية بالفضاءات المفتوحة التي تعرف الاكتظاظ، ومنعت المرشحين خلال الحملة الانتخابية من نصب خيام بالفضاءات العمومية وتنظيم الولائم، ومن تجاوز عدد 10 أشخاص كحد أقصى خلال الجولات الميدانية، و5 سيارات بالنسبة إلى القوافل مع ضرورة إشعار السلطة المحلية بتوقيت هذه الجولات والقوافل ومسارها.

وفي السياق ذاته، قررت الوزارة منع توزيع المنشورات على الناخبين بالشارع والفضاء العموميين، وكذا في مقارّ السكن، غير أنها أشارت إلى أنه يجوز للمرشحين وضع المناشير بأماكن يمكن رؤيتها والاطلاع على مضمونها مع تجنب توزيعها مباشرة. 

وتأتي الانتخابات المغربية في ظل سياق سياسي مختلف عن سابقاتها، أبرز سماته وضع اقتصادي واجتماعي صعب فرضه تفشي فيروس كورونا، واستحقاقات مستقبلية تخص على وجه الخصوص تطبيق النموذج التنموي الجديد الذي وضعته لجنة عينها العاهل المغربي.

وبينما تبدو انتخابات 2021، وفق بعض التحليلات، محطة بلا رهانات سياسية كبرى، إذ لا تأتي في سياق إصلاحات، أو تحول ديمقراطي، تمثل نسبة المشاركة في رابع انتخابات تُجرى في ظل دستور جرىت التصديق عليه باستفتاء شعبي كأحد الإصلاحات الدستورية التي جاءت استجابة لمطالب "الربيع المغربي"، ممثلاً في "حركة 20 فبراير"، تحدياً صعباً للدولة وللأحزاب بمختلف تلويناتها، على اعتبار أن أي عزوف عن التوجه إلى صناديق الاقتراع سيعيد إلى الأذهان سيناريو انتخابات 2007 من تدني نسبة المشاركة إلى 37 بالمائة، بل سيوجه ضربة موجعة إلى المسار الإصلاحي الذي انتهجه المغرب منذ الربيع العربي.

وتواجه الانتخابات القادمة تحدي إيجاد نخب جديدة ذات كفاءة قادرة على تطبيق النموذج التنموي الجديد، الذي أعدته لجنة عيّنها الملك محمد السادس. وتأتي صعوبة هذا التحدي من كون أنّ تحققه يرتبط بمدى قدرة الأحزاب على تجديد النخب السياسية الحالية وحسم الصراع مع النخبة التقليدية التي تمسك، منذ سنوات، بكل الخيوط داخل الهيئات الحزبية. 

4 أحزاب تتنافس على الصدارة

يبدو أن المشهد السياسي لما بعد محطة 8 سبتمبر/أيلول المقبل لن يكون مختلفاً كثيراً عن السابق إلا في تغيير ترتيب بعض الأحزاب. وتنحصر المنافسة بين أربعة أحزاب هي: العدالة والتنمية (قائد الائتلاف الحكومي الحالي) الذي يراهن على قيادة الحكومة المغربية للمرة الثالثة على التوالي، والتجمع الوطني للأحرار (ثاني أكبر حزب في الائتلاف الحكومي) الذي يضع في أولوياته إزاحة الإسلاميين، وحزب الأصالة والمعاصرة (أكبر حزب معارض في المغرب) وحزب الاستقلال (أعرق الأحزاب المغربية).

 

وفي ظل فقدان "العدالة والتنمية" لوهجه الانتخابي جراء تأثره بالتدبير السياسي للشأن الحكومي على امتداد 10 السنوات الماضية وبما عاشه من أزمة داخلية منذ عام 2017، وكذا اعتماد قاسم انتخابي جديد على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية العامة، يبدو أن الأحزاب الأربعة تمتلك ذات الحظوظ، فيما ستبحث الأحزاب الأخرى عن زيادة مقاعدها أو ضمان حضورها في المؤسسات التمثيلية.

ويبلغ عدد الناخبين المغاربة 18 مليون ناخب بزيادة مليونين و280 ألفاً و898 ناخباً خلال خمس سنوات، أي بنسبة 14,5 بالمائة، مقارنة بالقوائم المعتمدة للانتخابات التشريعية لعام 2016.

وتؤكد المعطيات أنّ جزءاً كبيراً من هؤلاء المسجلين الجدد هم من الشباب من 18 إلى 24 سيصوتون في أغلب الأحيان لأول مرة في حياتهم ويمثلون 8 بالمائة من إجمالي الناخبين.

المساهمون