وزيرة خارجية فرنسا تصعّد وتنبّه المسؤولين اللبنانيين وتشنّ هجوماً على حماس

16 أكتوبر 2023
الوزيرة الفرنسية شددت على ضرورة تحييد لبنان عن الصراع(آلان جوكارد/فرانس برس)
+ الخط -

أنهت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، مساء يوم الاثنين، زيارتها إلى بيروت بتوجيه رسائل شديدة إلى حزب الله، من دون أن تسمّيه، قائلةً "بكل وضوح" إنه "لا يمكن لأي جماعة أن تعتقد أنه يمكنها أن تستفيد من الوضع الراهن. هذه رسالة واضحة".

ودعت الوزيرة الفرنسية المسؤولين اللبنانيين إلى "تحمّل المسؤولية بهذا الصدد، من أجل تفادي أن يُجرَّ لبنان إلى هذا الوضع".

وبالتزامن مع زيارة كولونا، بعد ظهر اليوم إلى لبنان ورسائلها التي سارعت إلى توجيهها بمجرّد وصولها إلى الأراضي اللبنانية، عبر منشور على منصة "إكس"، دعت فيه "جميع الجهات الفاعلة إلى الاضطلاع بمسؤولياتها في لبنان الغارق بالصعوبات بالفعل"، سُجِّل تجددٌ للقصف المتبادل على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي.

وأعلن حزب الله عن استهدافه خمسة مواقع إسرائيلية بالأسلحة المباشرة وتحقيق إصابات مؤكدة فيها. كما أعلن عن عملية ثانية طاولت موقع الضهيرة الإسرائيلي، واستهدفت دبابة ميركافا عند مدخله بالصواريخ الموجهة وأصابتها إصابة مباشرة. في المقابل، عمد جيش الاحتلال إلى قصف نقاط عدة على الحدود الجنوبية، وسط تحليق مكثف لطائراته في الأجواء الجنوبية.

وقالت كولونا، في مؤتمر صحافي مساء اليوم الاثنين من مقرّ السفارة الفرنسية قبيل مغادرتها بيروت، إنها "جاءت إلى هنا للتذكير بارتباطنا بلبنان ودعمنا لاستقراره"، مشيرة إلى أن "فرنسا تعكف منذ اليوم الأول وتضاعف الاتصالات مع الجهات الفاعلة في المنطقة وشركائها في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتوجه كافة الرسائل الضرورية التي تتمنى أن تبلغ أهدافها".

ومن بيروت، صرّحت الوزيرة الفرنسية بأن "الوضع خطير ويثير القلق"، مجاهرة بالعلن بأن "فرنسا في هذه المأساة المروّعة تقف إلى جانب إسرائيل التي لها الحق بالدفاع عن نفسها، مع احترام القانون الدولي ومراعاة المدنيين".

وشددت على أن "الوقت هو لتحمّل المسؤولية والتعقّل والسيطرة على الوضع، فأي تصعيد يتم بطريقة متعمّدة أو من دون ترتيب لن يفيد أحدا في العالم العربي وخارج هذه المنطقة، وفرنسا تأخذ الوضع هذا على محمل الجدّ بشكل كبير، وهي وفية لموقفها، ولن تدخر جهداً لتفادي التصعيد، ويجب أن يكون هناك أفق سلام وأمن للجميع".

والتقت الوزيرة الفرنسية مسؤولين لبنانيين يتقدّمهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ومن ثم رئيس البرلمان نبيه بري.

وشدد ميقاتي خلال اللقاء على "إجراء كافة الاتصالات والعمل الدؤوب من أجل بقاء لبنان في منأى عن التوترات في المنطقة"، معتبراً أن "وقف إطلاق النار يساهم في تحقيق هذا الأمر"، مؤكداً "ضرورة تكثيف الاجتماعات الدولية والعربية رفيعة المستوى لتلافي التصعيد".

من جهتها، قالت كولونا إن "فرنسا تؤيد اقتراح مصر عقد اجتماع لقادة بعض الدول العربية والأوروبية المعنية بالإضافة إلى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، كما أنها تبذل جهداً لإيجاد إطار حل للقضايا المطروحة حالياً والبحث في الحلول التي تمنع التصعيد غير المحسوب".

وأضافت: "يجب تلافي الحسابات الخاطئة والعمل على إبقاء جنوب لبنان خارج التشنجات، لأن الصراع الراهن قد يمتدّ لمهلة غير محددة".

بدوره، قال المكتب الإعلامي للرئيس بري إن "اللقاء تناول الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة على ضوء تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة".

ولم يصدر أي تصريح من بري أو كولونا عن الاجتماع، ولكن قال مصدرٌ مقرّب من رئيس البرلمان لـ"العربي الجديد"، إن "الوزيرة الفرنسية شددت على ضرورة تحييد لبنان عن الصراع وردع حزب الله، إذ إن تصرفاته في الجنوب سترتد سلباً على كل لبنان، كما أكدت ضرورة تكثيف الاتصالات معه للدفع نحو وقف عملياته على الحدود".

وأشار المصدر إلى أن "بري أكد للوزيرة الفرنسية أن لبنان لا يرغب بالتصعيد أو دخول أي حرب، فهو لا يحتمل ذلك الآن، لكن العدو الإسرائيلي هو الذي يستهدف الأراضي اللبنانية، ويحتلها، ويقوم بانتهاكات كبرى، بدأت تطاول المدنيين، وعلى المجتمع الأوروبي والدولي أن يراها أيضاً، إذ لا يجب إغفالها أبداً".

وبحسب المصدر، فقد "تطرق اللقاء أيضاً إلى القصف الإسرائيلي نحو بلدات حدودية، وارتكابه جريمة بحق الصحافيين. وقد أدت اعتداءاته إلى استشهاد الصحافي عصام عبدالله، وهذا أمرٌ لا يمكن السكوت عنه".

وفي مؤتمرها الصحافي، قالت كولونا إن "آلاف المدنيين كانوا ضحايا لأعمال إرهابية مقيتة لا يمكن أن تُبرّر، وقد واجهت إسرائيل هجوماً إرهابياً غير مسبوق في تاريخها، ولا يمكن لحجمه أن يكون محلّ شكّ بأنه تم التخطيط له"، وفق تعبيرها، مطالبةً بـ"الإفراج فوراً عن كافة الرهائن ومن دون شروط"، داعيةً أيضاً إلى "عدم الخلط بين حماس وكافة المواطنين الفلسطينيين".

على صعيد ثانٍ، لفتت كولونا إلى "جهودٍ تبذل لفتح ممر إنساني حتى يمكن للمساعدات الإنسانية للأمم المتحدة أن تعبر معبر رفح وتصل إلى المواطنين، وهذا الأمر ملحّ"، مشيرة إلى أن "جميع المدنيين يجب أن يكونوا قادرين على مغادرة غزة إذا رغبوا بذلك، ولا يمكن لحماس أن تبقي جميع المواطنين رهائن لديها"، وفق ما قالته.

وأكدت الوزيرة الفرنسية أنه "يجب التركيز على الجانب الإنساني، ولكن الجانب الدبلوماسي ملحّ أيضاً، إذ ينبغي العمل بكل ما نستطيعه لتفادي التصعيد، وهذا ما جعلني أنتقل إلى الشرق الأوسط للمساهمة في تفادي التهاب الوضع في المنطقة بكاملها".

على صعيدٍ متصل، قالت الوزيرة الفرنسية إن "فرنسا ستكون جاهزة للمساعدة لمصلحة المدنيين في غزة عبر قناة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر"، مؤكدة أن "فرنسا ستوفر مساعدة قدرها 10 ملايين يورو لوكالتي الأونروا وبرنامج الأغذية العالمي التابعين للأمم المتحدة وللصليب الأحمر والمنظمات غير الحكومية من أجل تلبية حاجات المدنيين الإنسانية في غزة".

وبالتزامن أيضاً، نفذت وقفتان احتجاجيتان، أمام سفارتي فرنسا وبريطانيا في بيروت، استنكاراً واعتراضاً على "تواطؤ الدول الأوروبية مع جرائم الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، ووقوفها إلى جانب اسرائيل، وإهمالها المجازر التي ترتكبها بحق المدنيين والعائلات والأطفال".

المساهمون