انتخابات "مجلس الشعب" لدى النظام السوري.. عسكر ومتزعمو مليشيات بين الفائزين

18 يوليو 2024
انتخاب أعضاء جدد في مجلس الشعب في دمشق في 15 يوليو/تموز 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **نتائج الانتخابات وتفاصيل المشاركة**: فاز حزب البعث بأغلبية المقاعد في انتخابات مجلس الشعب السوري، مع نسبة مشاركة بلغت 38.16% فقط، مما يعكس تململ المواطنين وسط ظروف سيئة. الانتخابات شهدت تجاوزات كبيرة.

- **الفائزون البارزون وتورطهم في النزاع**: فاز عدد من الضباط ومتزعمي المليشيات الداعمين للنظام، مثل فراس الجهام والعميد صايل أسعد داود، مما يعزز سيطرة النظام على المجلس.

- **دور مجلس الشعب وهيمنة النظام**: مجلس الشعب يتولى السلطة التشريعية، لكن بشار الأسد يتقاسمها معه. الانتخابات أظهرت رغبة النظام في الهيمنة المطلقة على المجلس لمواجهة التحديات السياسية.

أعلنت "اللجنة القضائية العليا للانتخابات"، التابعة للنظام السوري، اليوم الخميس، نتائج انتخابات مجلس الشعب التي أجريت الاثنين الماضي في مناطق سيطرة النظام، وسط إقبال ضعيف وتململ من المشاركة في الحياة السياسية، وسط ظروف أمنية واجتماعية وسياسية سيئة.

وبحسب نتائج الانتخابات، فقد فاز المرشحون عن حزب البعث بالنصيب الأكبر، وقد عُرضت قوائمهم الجاهزة مسبقاً أمام الناخبين. كما رصد "العربي الجديد" نجاح عدد من متزعمي المليشيات المقاتلة إلى جانب قوات النظام، وداعمي العمل المسلح ضد المناطق التي ثارت على النظام منذ آذار/ مارس 2011.

وقال رئيس اللجنة جهاد مراد، خلال تلاوته أسماء الفائزين بالانتخابات، إن "اللجنة حرصت على توفير مناخ ديمقراطي من خلال اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان حرية الناخبين ونزاهة الانتخابات، وكانت على مسافة واحدة من جميع المرشحين والأحزاب مع معاملة الجميع، بما يضمن تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص".

لكن مراد اعترف بأن "نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 38.16%"، لافتاً إلى أن عدد من يحق لهم الانتخاب 19 مليوناً و200 ألف و325 مواطناً، انتخب منهم 7 ملايين و326 ألفاً و844 مواطناً". ورفض مراد إعطاء رقم إحصاء شامل للسوريين، بناء على الأرقام المذكورة، علما أن عدد اللاجئين السوريين خارج البلاد بات يقارب 10 ملايين لاجئ، فيما يعيش نحو 7 ملايين في مناطق خارجة عن سيطرة النظام شمال شرق وشمال غرب البلاد.

وزعم رئيس اللجنة أن "الانتخابات جرت بإشراف قضائي كامل بدءاً من الترشيح وحتى إعلان نتائج الانتخابات، التي عكست أوسع تمثيل للشعب السوري بمختلف فئاته وقطاعاته، حيث إن الفائزين بالعضوية يمتلكون الكفاءات العلمية والخبرات المختلفة والحيثية الاجتماعية، الأمر الذي يتيح للمجلس الجديد أداء دوره الوطني على أكمل وجه"، لافتا إلى أنه "يمكن للمرشحين تقديم الطعون بنتائج الانتخابات إلى المحكمة الدستورية العليا أيام الجمعة والسبت والأحد".

وجرى رصد تجاوزات كبيرة خلال الانتخابات، من إضافة الأصوات إلى الصناديق بدون حضور الناخبين، إلى لجوء بعض المرشحين المتنفذين لأخذ الأصوات من بيوت عدد كبير من الناخبين بالترغيب سواء بالأموال أو تقديم المساعدات.

ضباط ومتزعمو مليشيات بين الفائزين

وأظهرت نتائج الانتخابات فوز عدد من الضباط ومتزعمي المليشيات وداعمي العمل المسلح إلى جانب النظام، مثل: فراس الجهام، المعروف بفراس العراقية، المرشح عن فرع الحزب في محافظة دير الزور (شرق)، وهو قائد لمليشيات الدفاع الوطني في المحافظة، والعميد صايل أسعد داود، ضابط المخابرات الجوية، والمعروف بسجله الإجرامي في حمص. إضافة إلى ذلك، فاز الشيخ العشائري مهدي حسين العلي، المعروف بدعمه المالي لمليشيات النظام في محافظة حماة، وسط البلاد، وآل حسن محمد شعبان بري في حلب، ومناف فلاح في محافظة درعا والذي كان له دور في تجنيد موظفي الدولة في قمع الاحتجاجات الشعبية عند انطلاق الثورة السورية، وغيرهم من داعمي وممولي مليشيات تقاتل إلى جانب النظام.

وبلغ عدد مراكز الانتخاب في هذه الدورة، 8151 مركزاً، وتنافس فيها 1516 مرشحاً، 409 منهم في القطاع (أ) و1107 في القطاع (ب) للفوز بعضوية مجلس الشعب المؤلف من 250 مقعداً، وسط دراية من السوريين، في مناطق المعارضة والمولاة، بأن نتائج الانتخابات ستكون معروفة، بنجاح البعثيين والذين تتم تزكيتهم من قبل الفروع الأمنية.

وفرض حافظ الأسد، الرئيس السابق للنظام، ما يسمّى بـ"مجلس الشعب" وفق دستور وضعه عام 1973 كرّس فيه "البعث قائداً للدولة والمجتمع". وهو ما يعرف بالمادة الثامنة من الدستور، التي طالب المحتجون في بداية الثورة السورية عام 2011 بإلغائها. ورغم إزالة المادة المذكورة في دستور 2012، إلا أن الحزب لا يزال يتصرف بمنطق الحزب الحاكم الذي يأتي عن طريق "الانتخابات الحرة"، وهي انتخابات لم تشهدها البلاد بالمطلق منذ وصول "البعث" والنظام الحالي للحكم، عام 1963. وأظهر النظام في الإعداد للانتخابات الحالية وكأنه يريد هيمنة مطلقة على المجلس، تحسباً لأي تحديات أو محطات سياسية مقبلة، مرتبطة بالحل السياسي.

ويتولى مجلس الشعب، وفق الدستور، السلطة التشريعية في البلاد، لكن رئيس النظام بشار الأسد يتقاسمها معه من خلال المراسيم التشريعية التي يصدرها. ووفق التعريف، يمثل المجلس كل المنظمات الشعبية والمهنية وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية والمستقلين، ويُدعى إلى ثلاث دورات عادية سنوياً، مع جواز دعوته إلى جلسة استثنائية بقرار من رئيسه أو بطلب من رئيس النظام أو طلب ثلث أعضاء المجلس. لكن ومنذ وصول حزب البعث إلى السلطة، تحوّل مجلس الشعب إلى أداة بيد النظام، ونزع منه الأسد صلاحيات كان يتفرّد بها، من بينها إقرار العفو العام وإقرار المعاهدات والاتفاقيات الدولية.