انتخابات تشيلي: فوز غابريال بوريك ينعش الآمال بالعدالة الاجتماعية

لندن

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
21 ديسمبر 2021
تعرّف إلى رئيس تشيلي الجديد اليساري غابريال بوريك
+ الخط -

تمتلك الانتخابات الرئاسية في تشيلي، التي أجريت دورتها الثانية أول من أمس الأحد، الكثير من المقومات لتكون استثنائية بامتياز.

وإذ بدأت جميع التقارير الواردة من هذا البلد، أو التي تتناول عن بعد الفوز الساحق فيه لليسار، بالحديث عن أصوات أبواق السيارات المحتفلة في العاصمة سانتياغو، تطفو في كلّ مرة إلى السطح، الضجة والرونق الخاص الذي يضفيه فوز اليسار في أي بلد في أميركا اللاتينية، وهو ما يعود بقوة إلى هذه المنطقة، بانتظار أيضاً انتخابات الرئاسة في البرازيل، العام المقبل.

وتمتلك نتائج انتخابات تشيلي، التي أسفرت عن فوز غابريال بوريك، عن ائتلاف اليسار، مقومات عدة للاستثنائية، أولاً لأنّها الأولى منذ انتهاء عهد الديكتاتورية في بداية تسعينيات القرن الماضي، التي لا تتمخض عنها سيطرة لليمين الوسط أو اليسار الوسط.

ثانياً، لأنّ بوريك، ابن الـ35 عاماً، الذي بالكاد وصل إلى العتبة العمرية التي تسمح له بالترشح للمنصب، هو أصغر رئيس تعرفه تشيلي على الإطلاق، ثم لأن فوزه لم يكن متوقعاً بالمرة، بعد دورة أولى شهدت تقدماً لافتاً لمرشح من اليمين المتطرف، لم يخفِ يوماً إعجابه بالرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

وتحت شعار "عودة العدالة الاجتماعية"، فاز بوريك في الجولة الثانية، التي تميزت بحدة استقطابها، برئاسة بلد يعد مختبراً للنيوليبرالية في أميركا اللاتينية، والتي أرستها عهود من حكم الديكتاتورية ثم المنظومات الوسطية التقليدية.

انتخابات تشيلي بين اليسار واليمين المتطرف

وبعد الحراك الاجتماعي في تشيلي عام 2019، كان على الناخبين، البالغ عددهم حوالي 15 مليوناً، أن يختاروا بين نموذجين للحكم متناقضين تماماً، ما أوصل بوريك إلى قصر لا مونيدا، ببرنامج يقوم على "الدولة - بروفيدانس"، أو دولة الرعاية من خلال التدخلات الاجتماعية والاقتصادية للدولة، خصوصاً عبر برنامج الحماية الاجتماعية، ما سيكون اختباراً لليسار التشيلي وللمنطقة خلال السنوات الأربع المقبلة.

قاد بوريك حركة طلابية في 2011 وأصبح نائباً بعد عامين

وتمكن بوريك، الذي شارك في حملة رئاسية طموحة، بعد مغامرة أخرى نضالية من على مقاعد الدراسة بداية العقد الحالي، أن يجمع حوله ناخبين من الطبقة الوسطى، خصوصاً في العاصمة.

وأكد بوريك إثر فوزه، أن "الأمل غلب الخوف"، فيما يصب تاريخه السياسي بأسره في مواجهة تراكمات حقبة الديكتاتورية على البلاد.

وأصبح بوريك، النائب السابق لولايتين برلمانيتين فقط، زعيماً لائتلاف اليسار "أبريبو ديغنيداد" (أريد الكرامة) الذي ينتمي إليه الحزب الشيوعي، بعدما كان حلّ ثانياً في الدورة الأولى من الانتخابات (نوفمبر/تشرين الثاني الماضي)، وجاء فيها مرشح اليمين المتطرف خوسيه أنطونيو كاست أولاً.

ائتلاف اليسار في تشيلي

وولد ائتلاف اليسار "أبريبو ديغنيداد"، من رحم الحراك الشعبي في تشيلي نهاية عام 2019، والذي أجبر الرئيس المنتهية ولايته اليوم، سيباستيان بينيرا، على الموافقة على إجراء استفتاء لمراجعة الدستور الموروث من عهد بينوشيه (1973-1990)، والذي لم يكن يقر توفير الخدمات الصحية والرعاية والتعليم، بحسب ملايين المحتجين (صوّت التشيليون في الاستفتاء في أكتوبر/تشرين الأول 2020).

لكن ذلك لم ينه بالكامل إرث بينوشيه، بالنسبة إلى بوريك ورفاقه، حيث يرى الفائز اليوم نفسه أنه حامي المسار الدستوري الجديد الذي يجري العمل على صياغته.

ويدرك الرجل حجم وصعوبة المهمة، خصوصاً أن الانتخابات البرلمانية التي جرت في نوفمبر الماضي، لم تكن نتائجها مواتية بالكامل لليسار. لكن بحسب تعبير صحيفة "ذا غارديان"، فإنّ بوريك يعد القوة الموجهة الأساسية التي أدت اليوم إلى تغيير "الحرس القديم"؛ إذ أعلن إثر فوزه أنّ "تشيلي كانت مولد النيوليبرالية، وعليها أن تكون مقبرتها".

وكان بوريك قد وجد نفسه عام 2011، خلال آخر سنة من دراسته لمادة القانون، رئيساً لحركة طلابية قادت احتجاجات عارمة في ذلك العام، وشارك فيها زملاؤه الذين أصبحوا جزءاً من حملته الرئاسية اليوم.

ولم يكمل بوريك الدراسة ليفوز بمقعد في الكونغرس (البرلمان) التشيلي عام 2013، حيث أصبح من قلائل البرلمانيين في البلاد القادمين من خارج عالم السياسة التقليدي، بعدما حوّل منزله العائلي في بونتا أرينا، في أقصى جنوب البلاد، والتي يشبك معها علاقة خاصة، إلى مركز لحملته الانتخابية البرلمانية.

وانتُخب بوريك أول من أمس رئيساً لتشيلي، بحصوله على 56 في المائة من الأصوات، مقابل 44 في المائة لمنافسه اليميني المتطرف كاست. ووجّه كاست التهنئة لبوريك، معتبراً أنّه "رئيس تشيلي المنتخب ويستحق كل احترامنا وتعاوننا البناء"، مؤكداً أنّ "تشيلي تأتي دائماً في المقام الأول". كما هنأ الرئيس المنتهية ولايته الرئيس المنتخب، الذي سيتولى منصبه رسمياً في مارس/آذار المقبل.

وخيّم على الدورة الثانية من الانتخابات استقطاب غير مسبوق. ووعد الرئيس التشيلي الجديد في خطابه إثر فوزه، بـ"مزيد من الحقوق الاجتماعية" مع الإبقاء على "المسؤولية المالية" في ظلّ الركود الاقتصادي. وقال: "سنفعل ذلك لحماية اقتصادنا الكلي، وسنقوم به بشكل جيد لتحسين المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية".

وكان بوريك قد شارك في الانتخابات على أساس أنه مرشح التغيير والوريث السياسي لحركة 2019 التي طالبت بمزيد من العدالة الاجتماعية في الدولة الأقل مساواة بين بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.

برنامج بوريك: تشيلي أكثر إنسانية

وخلال إدلائه بصوته في بونتا أرينا، شدّد على أنه "من الممكن جعل تشيلي أكثر إنسانية وأكثر جدارة وأكثر مساواة". وطرح بوريك برنامجاً يعتزم فيه إجراء إصلاح ضريبي واسع لزيادة مساهمة الأثرياء، في بلد يملك فيه 1 في المائة من السكان 26.5 في المائة من الثروات، مع ضمان الوصول بشكل أفضل إلى الخدمات الصحية والتربية، وإنشاء نظام تقاعدي جديد للحلول محل النظام الحالي الخاص.

ورحب الاتحاد الأوروبي بفوز المرشح اليساري في انتخابات تشيلي. وأعرب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن أمله "في أن نتمكن من تعزيز علاقاتنا مع الحكومة المستقبلية لتشيلي".

كما تلقّى بوريك التهنئة من الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل، والفنزويلي نيكولاس مادورو، ورئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا، ورئيس الأرجنتين اليساري ألبرتو فرنانديز، ورئيس البيرو اليساري بيدرو كاستيلو والرئيس البرازيلي الأسبق إيناسيو لولا دي سيلفا.

ذات صلة

الصورة
احتجاجات في فنزويلا بعد إعلان مادورو رئيساً، 29 يوليو 2024 (بيدرو رانسيس ماتي/الأناضول)

سياسة

قُتل شخص على الأقل، في احتجاجات اندلعت في فنزويلا الاثنين، وتخللتها مواجهات مع الشرطة، بعيد إعلان فوز نيكولاس مادورو بالرئاسة.
الصورة

سياسة

أطلقت اليابان، اليوم السبت، سراح فوساكو شيغينوبو، مؤسِّسة "الجيش الأحمر" الياباني؛ الذي رفع راية القضية الفلسطينية  خلال سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، بعدما أمضت 20 عاماً في السجن في اليابان.
الصورة
دانيال الحذوة

سياسة

من تجربة سياسية تنطلق من فكره الشيوعي وعدائه للحركة الصهيونية والسياسة الأميركية، يخوض دانيال الحذوة الانتخابات الرئاسية في تشيلي بعد أشهر، مع تأكيده أن فلسطين ستكون في موقع بارز على أجندته وتوجهاته في الحكم.
الصورة
اعتقال مرتزقة فاغنر في بيلاروسيا

أخبار

كشف القنصل الروسي في مينسك، كيريل بليتنيف، اليوم الإثنين، أن 33 مواطناً روسياً أُوقفوا في بيلاروسيا، للاشتباه بانتمائهم لشركة "فاغنر" العسكرية الخاصة، كانوا متجهين إلى إحدى بلدان أميركا اللاتينية، مع محطة ترانزيت إضافية في إسطنبول.