فشل مجلس الأمن الدولي، اليوم الأربعاء، في إصدار عناصر بيان صحافي حول الوضع في الأراضي الفلسطينية للمرة الثانية هذا الأسبوع بسبب اعتراض الولايات المتحدة، بحسب مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى في مجلس الأمن. وعللت الولايات المتحدة موقفها "بأن الوقت لم يحن بعد لإصدار بيان من هذا القبيل وأنها ترغب بإعطاء فرصة للتحركات الإقليمية في المنطقة".
وعملت النرويج، قبيل اجتماع مغلق لمجلس الأمن، على صياغة عناصر البيان الصحافي في صيغته المخففة والتي نصت على إعراب المجلس عن قلقه "إزاء الوضع في غزة"، ومطالبته "بوقف فوري للأعمال العدائية". لكن الولايات المتحدة رفضت حتى هذه الصيغة المخففة من عناصر البيان الصحافي.
وقدم مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، إحاطته خلال الاجتماع المغلق حول آخر التطورات على الأرض. وصرح الناطق الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بأن وينسلاند "قال خلال الاجتماع المغلق في إحاطته للدول الأعضاء إن الأوضاع على الأرض مستمرة بالتدهور إلى أخطر تصعيد بين إسرائيل والمسلحين الفلسطينيين منذ سنوات. إننا نشعر بقلق بالغ إزاء تزايد الخسائر في صفوف المدنيين في كل من غزة وإسرائيل، ونشعر بحزن عميق إزاء التقارير المتعلقة بوفيات الأطفال في غزة".
وأضاف دوجاريك: "أكد كل من الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريس) والسيد وينسلاند أن إطلاق حماس والمسلحين الآخرين العشوائي للصواريخ وقذائف الهاون من أحياء مدنية مكتظة بالسكان باتجاه مراكز السكان المدنيين ينتهك القانون الإنساني الدولي، وهو أمر غير مقبول ويجب أن يتوقف على الفور".
وتابع قائلا: "في وقتٍ نؤكد على مخاوف إسرائيل الأمنية والمشروعة، فإننا نؤكد على أن السلطات الإسرائيلية يجب أن تلتزم أيضا بمسؤوليتها بموجب القانون الدولي وأن تمارس أقصى درجات ضبط النفس ومعايير استخدامها للقوة لتجنيب المدنيين والمواقع المدنية الضرر أثناء قيامها بعمليات عسكرية".
وعبّر دوجاريك عن فزع الأمين العام للأمم المتحدة من وقوع الأطفال ضحايا للعنف، مكرراً دعوات غوتيريس للمجتمع الدولي لاتخاذ "إجراءات لتمكين الأطراف من التراجع عن حافة الهاوية والعودة إلى التفاهمات السابقة التي حافظت على هدوء نسبي في غزة وتجنب الانزلاق إلى الفوضى، مع احتمال انتشارها على نطاق واسع. كما الخسائر والأضرار الجسيمة التي ستلحق بالبنية التحتية المدنية".
ونفى دوجاريك في تصريحات لـ "العربي الجديد"، وردا على عدد من الأسئلة حول السبب وراء عدم إدانة الأمين العام للأمم المتحدة بعبارات واضحة مقتل الفلسطينيين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، أن تكون لذلك علاقة بالمداولات حول إعادة انتخاب الأمين العام لولاية ثانية وأن تصريحات من هذا القبيل قد تؤدي لاستخدام الولايات المتحدة لحق الفيتو والحيلولة دون انتخابه.
وقال في هذا الصدد: "لا، وهذا جوابي المختصر على سؤالك"، قبل أن يضيف: "الأمين العام قام بإدانة استخدام القوة ضد المدنيين".
وردا على سؤال آخر، ما إذا كان هذا يشمل المدنيين الفلسطينيين، قال: "المدنيون في أي مكان هم مدنيون". لكن الأمين العام للأمم المتحدة يرفض بشكل صريح استخدام "إدانة بأشد العبارات" في ما يخص ممارسات إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين في حين قام باستخدامها في تصريحاته على لسان الناطق الرسمي في ما يخص الصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية.
وحول ما إذا كان يرى أن للفلسطينيين حقاً بالشعور بالأمن، أوضح دوجاريك: "لقد قمنا بالتعليق حول مقتل المدنيين (الفلسطينيين) وأمنهم. وفي ما يخص استخدام القوة فإنه يجب النظر لكل حالة وتحليلها. وكما قلنا للفلسطينيين، من حقهم التظاهر بشكل سلمي والتعبير عن أنفسهم دون خوف من التعرض لأذى. وناشدنا الإسرائيليين الامتناع عن الاستخدام المفرط للقوة، في هذه السياقات. المدنيون سواء كانوا في إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية المحتلة يجب ألا يكونوا محط استهداف للصواريخ".
في غضون ذلك، أصدر عدد من الدول الأوروبية الأعضاء في مجلس الأمن، فرنسا وإستونيا والنرويج وأيرلندا، بيانا حول التطورات في الأراضي الفلسطينية. ووصلت مكتبَ "العربي الجديد" في نيويورك نسخةٌ منه، وأعربت من خلاله الدول الأربع عن قلقها العميق إزاء التصعيد الأخير.
وجاء في البيان: "إننا ندين إطلاق الصواريخ من غزة على السكان المدنيين في إسرائيل، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق ويجب أن يتوقف على الفور. إن الأعداد الكبيرة من الضحايا المدنيين، بمن فيهم الأطفال، من الضربات الجوية الإسرائيلية على غزة، والقتلى الإسرائيليين من الصواريخ التي أُطلقت من غزة، أمر مقلق وغير مقبول".
وأضاف: "بينما نعترف بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس ضد مثل هذه الهجمات، فإننا ندعو قوات الأمن الإسرائيلية إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس من أجل حماية المدنيين بما يتماشى مع القانون الإنساني الدولي".
وعبّرت عن قلقها إزاء الهجمات والتوترات في القدس وعن التهديدات بإخلاء العائلات الفلسطينية منازلها في حي الشيخ جراح ومناطق أخرى من القدس الشرقية. ودعا البيان "إسرائيل إلى وقف الأنشطة الاستيطانية وعمليات الهدم والإخلاء، بما في ذلك في القدس الشرقية، بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي".