الولايات المتحدة تحث إسرائيل على مناقشة اليوم التالي لما بعد حرب غزة

04 نوفمبر 2023
الحرب الإسرائيلية تسبب دماراً هائلاً في غزة (محمود همس/فرانس برس)
+ الخط -

مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بدأ دبلوماسيون في واشنطن والأمم المتحدة والشرق الأوسط ومناطق أخرى بتقييم خيارات "ماذا بعد" بحال تمكن الاحتلال الإسرائيلي من إطاحة حركة حماس التي تدير القطاع.

وقالت قناة "كان 11" التابعة لهيئة البث الإسرائيلي، يوم الجمعة، إن الولايات المتحدة الأميركية حثت الاحتلال الإسرائيلي على البدء بالتفكير في اليوم الذي يلي الحرب على قطاع غزة.

فيما نقلت "رويترز" عن مصدر مطلع قوله إن تلك المناقشات تشمل خيارات مثل نشر قوات متعددة الجنسيات بعد انتهاء التصعيد الأحدث في الصراع في غزة وتشكيل إدارة مؤقتة بقيادة فلسطينيين، لكنها تستبعد السياسيين المنتمين لحماس، ومنح دور مؤقت لملء الفراغ في الأمن والإدارة لدول جوار عربية وإشراف مؤقت من الأمم المتحدة على القطاع، ووصف مصدر أميركي آخر العملية بأنها لا تزال في "طور طرح الأفكار" بشكل غير رسمي.

وهناك أسئلة رئيسية بشأن الوضع منها ما إذا كانت إسرائيل ستتمكن فعلاً من القضاء على حماس كما توعدت وما إذا كانت الولايات المتحدة وحلفاء غربيون وحكومات عربية سيلتزمون بالمشاركة بجنود للفصل بين إسرائيل والفلسطينيين، علماً أن البيت الأبيض قال يوم الأربعاء "ليست هناك خطط ولا نوايا" لنشر قوات أميركية على الأرض في قطاع غزة.

غزة في 2025

وقالت قناة "كان 11" إن مسؤولين أميركيين أوضحوا في محادثات مع نظرائهم الإسرائيليين أن على إسرائيل مناقشة سؤال ما سيحدث في غزة بحلول عام 2025، موضحة أن إسرائيل تعمل على الموضوع من خلال طواقم عمل داخلية في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي وفي قسم الاستراتيجيات في جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز "الموساد"، ولكن حتى اللحظة لا يزال ذلك محصوراً بطواقم العمل دون إبداء انشغال كبير في هذه القضية في هذه المرحلة.

وأضافت القناة أن إسرائيل لا تتعمق في هذا الموضوع حالياً لعدة اعتبارات من بينها سياسية، والتساؤلات في الأروقة الإسرائيلية حول دور السلطة الفلسطينية، وأيضاً بسبب الضبابية المتعلقة بمستقبل الحرب وما سيكون في المرحلة التالية، وكذلك لاعتبارات تتعلق بالوضع السياسي الداخلي في إسرائيل وحسابات أخرى.

وبحسب ذات القناة، فإنه كجزء من الجهود الأميركية في هذا الموضوع، يلتقي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في العاصمة الأردنية عمّان، غداً السبت، وزراء خارجية السعودية والإمارات وقطر ومصر.

وبينت القناة أن بلينكن أوضح خلال زيارته لإسرائيل اليوم أن الولايات المتحدة لن تتدخل في إدارة قطاع غزة ولن تكون جزءاً من القوة الدولية في هذا السياق، بالمقابل، فإن الإدارة الأميركية تعمل على صياغة تسوية إقليمية مع دول خليجية بشأن غزة، خاصة من المنظور المالي، وتشمل هذه الجهود بحسب مصادر القناة أيضاً الإمارات وقطر والسعودية وكذلك الأردن ومصر.

من سيرغب بإدارة القطاع؟

لم يتضح إن كانت السلطة الوطنية الفلسطينية، التي لها حكم ذاتي محدود في مناطق من الضفة الغربية المحتلة ستكون قادرة أو راغبة في تسلم إدارة القطاع، وطرح بلينكن الثلاثاء الماضي احتمالات "تجديد وإحياء" السلطة الوطنية، لكن إدارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس تلاحقها اتهامات بالفساد وسوء الإدارة، بحسب "رويترز"، وأي كيان سيسعى لفرض السلطة على قطاع غزة بعد الحرب سيضطر أيضاً للتعامل مع الانطباع العام بين الفلسطينيين بأنه مدين بالفضل في ذلك لإسرائيل.

وقال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، لـ"رويترز": "نعلم أن هناك الكثير من الأسئلة حول غزة ما بعد الصراع وكيف سيبدو الأمر، ونحن بالتأكيد نطرح على أنفسنا بعضاً من هذه الأسئلة نفسها ونتحدث مع شركائنا بما في ذلك إسرائيل".

وأضاف: "نعلم أن أياً كان ما سيبدو عليه الأمر لا يمكن أن يبدو كما كان عليه الحال في السادس من أكتوبر. لا يمكن لحماس أن تظل مسيطرة، لكننا لم نتوصل إلى أي إجابات نهائية، ولن نكون قادرين على ذلك دون التشاور الوثيق مع شركائنا الإقليميين"، وحتى إن تمكنت إسرائيل من الإطاحة بقيادات حماس، سيكون من شبه المستحيل القضاء على الشعور المؤيد لها بين سكان القطاع بما يزيد من مخاطر تعرض أي جهة تتولى إدارته لهجمات جديدة.

وتتزايد تلك النقاشات في وقت توسع إسرائيل هجومها الجوي والبري والبحري الشرس على القطاع، لكنها أيضاً مدفوعة بما يعتبره مسؤولون أميركيون إخفاقاً من إسرائيل في الخروج بتصور لما بعد المواجهة النهائية.

ويتنامى الإدراك لحقيقة أن حجم المساعدات الدولية المطلوب لإعادة إعمار قطاع غزة سيكون مهولاً، وهي أموال سيكون من شبه المستحيل الحصول عليها من حكومات غربية إذا ظلت "حماس" الجهة التي تديره.

وقال بلينكن، قبل دقائق من مغادرته واشنطن، أمس الخميس، للقيام بزيارة لإسرائيل والأردن إن اجتماعاته في المنطقة لن تتعامل فقط مع "خطوات ملموسة" لتقليل الضرر الواقع على المدنيين في قطاع غزة لكنها أيضاً ستتطرق لأمور بشأن التخطيط لما بعد الحرب.

دروس مستفادة

ويقول مسؤولون أميركيون في محادثات خاصة إنهم ونظراءهم الإسرائيليين تحدثوا عن استخلاص الدروس المستفادة من أخطاء وعثرات وقعت فيها واشنطن في غزوها للعراق وأفغانستان، بما يشمل الافتقار للإعداد والاستعداد لما تلا ذلك.

ومن بين الخيارات التي ناقشها مسؤولون أميركيون تشكيل قوة متعددة الجنسيات لحفظ النظام، ويمكن أن تشمل مزيجاً من دول أوروبية وعربية رغم أنه ليست هناك أي حكومة أبدت صراحة استعدادها للمشاركة في مثل تلك القوة.

وعلى الأرجح لن يرغب الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي أنهى في 2021 وجود بلاده العسكري الذي استمر عقدين في أفغانستان، في التورط في عمل عسكري مباشر في صراع أجنبي جديد بينما يسعى لإعادة انتخابه رئيسا في 2024.

وطرح بعض المحللين السياسيين أيضاً فكرة نشر قوة تدعمها الأمم المتحدة في قطاع غزة، إما على شكل قوة حفظ سلام رسمية تابعة للأمم المتحدة مثل الموجودة على الحدود بين إسرائيل ولبنان أو قوة متعددة الجنسيات بموافقة الأمم المتحدة، لكن دبلوماسيين يقولون إن مثل تلك الخطوة ليست محل نقاشات في الأمم المتحدة وهو تحرك سيتطلب موافقة الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي وعددها 15.

مظلة إقليمية

ويقيم خبراء من خارج المنطقة، معروفة عن بعضهم درايته بتفكير صناع السياسة الأميركيين، تصورات عما قد يكون عليه الحال في قطاع غزة بعد الحرب.

ويقول دينيس روس، المفاوض السابق لملف الشرق الأوسط ومستشار البيت الأبيض، إنه في حالة التمكن من تجريد حماس من "سلطتها القوية" ونزع السلاح في قطاع غزة "فإن ذلك يفتح الطريق أمام تشكيل إدارة مؤقتة بحكومة تكنوقراط يقودها فلسطينيون يعملون تحت نوع ما من المظلة الدولية أو الإقليمية أو كلتيهما".

وقال إن التفاصيل ستتطلب نقاشاً معقداً تقوده الولايات المتحدة مع السلطة الفلسطينية وأطراف أخرى كبرى معنية ولها مصالح في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. لكن ليفلح ذلك، يقول روس إن على إسرائيل أن تحد الإطار الزمني لوجودها العسكري في قطاع غزة وإلا فإن أي كيان يحكم سيفتقر إلى الشرعية في عيون سكان القطاع.

واقترحت مقالة كتبها روس واثنان من زملائه في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن بمجرد انسحاب إسرائيل، يمكن أن يقوم بالدور الأمني في قطاع غزة "كونسورتيوم من خمس دول عربية توصلت لاتفاقات سلام مع إسرائيل وهي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب".

لكن هناك بعض التشكك في إمكانية التوصل لمثل هذا الترتيب، وقال ميلر الذي يعمل الآن في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن إن "الدول العربية لن ترسل جنوداً على الأرض لقتل فلسطينيين".

المساهمون