صعّدت قوات النظام السوري من وتيرة استهدافها لمناطق مختلفة من محافظة درعا جنوبيّ البلاد، فيما ردّ مسلحون محليون بمهاجمة مواقع تلك القوات داخل المحافظة، وذلك بعد ساعات من اجتماع ضباط روس مع الفاعليات المحلية في درعا البلد، سعياً إلى حل سلمي للمنطقة التي تحاصرها قوات النظام منذ أكثر من خمسين يوماً.
وذكر الناشط الصحافي محمد الشلبي لـ"العربي الجديد"، أن مدنياً قُتل مساء أمس جراء قصف قوات النظام للأحياء المحاصرة في درعا البلد بقذائف المدفعية والمضادات الأرضية وقذائف الهاون، وأُصيب آخرون بجراح. واستهدف قصف مماثل مدينة جاسم في ريف درعا الشمالي، ما أدى إلى إصابة 3 أطفال وسط اشتباكات متقطعة بين النظام وأبناء المنطقة جنوبيّ المدينة. وطاول القصف بقذائف الهاون أيضاً الأحياء الغربية من مدينة الصنمين، ما أوقع جريحين مدنيين بالتزامن مع اشتباكات على حاجز البريد غربيّ المدينة.
من جانبهم، هاجم مسلحون محليون حاجزاً لقوات النظام على المدخل الجنوبي لمدينة جاسم بريف درعا الشمالي، واشتبكوا مع عناصر الحاجز بالأسلحة الرشاشة. وهاجم مسلحون حواجز أمنية تابعة لقوات النظام داخل المربع الأمني في مدينة الصنمين شمال درعا، واشتبكوا مع عناصرها بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، فيما قطع أهالي بلدة أم المياذن في ريف درعا الشرقي، الطريق الدولي دمشق – عمان بعد ظهر أمس، احتجاجاً على اعتقال قوات النظام شاباً من منطقة جسر أم المياذن.
وتزامن هذا التصعيد مع تحليق طيران استطلاع تابع للنظام السوري فوق أحياء درعا البلد المحاصرة، فيما أشارت مصادر موالية إلى وصول عناصر من مليشيات إيرانية من محافظة حلب شمالي البلاد، لمساندة قوات النظام في محافظة درعا.
ونشر عناصر من مليشيا "لواء الرسول الأعظم" عبر صفحاتهم الشخصية على موقع "فيسبوك"، صوراً في أثناء تجمعهم في العاصمة دمشق قبل انطلاقهم إلى درعا، إلى جانب مليشيات أخرى وقوات الفرقة الرابعة، التي يقودها شقيق رئيس النظام ماهر الأسد.
وكان وفد من الضباط الروس بقيادة الضابط الجديد "أندريه" قد اجتمع أمس الجمعة مع وفد من اللجنة المركزية في درعا، وسط غياب للجنة الأمنية التابعة للنظام، حيث أشارت مصادر متطابقة إلى أنّ الضابط الروسي أكد خلال الاجتماع ضرورة وقف إطلاقِ النار في المحافظة ووقف التصعيد والعودة إلى المفاوضات المتوقفة منذ نحو أسبوع.
وأوضحت المصادر أن الجانب الروسي قدّم مقترحات تتضمن شرطين أساسيين، هما تسليم كامل السلاح في منطقة درعا البلد، وتهجير المقاتلين الرافضين للتسوية. وفي حال التوافق على هذا، سيتحقق التوصّل إلى حل سلمي، يمكن من خلاله تفادي العمل العسكري.
الجانب الروسي قدم مقترحات تتضمن شرطين أساسيين وهما تسليم كامل السلاح في منطقة درعا البلد، وتهجير المقاتلين الرافضين للتسوية
وكانت وكالة "سبوتنيك" الروسية قد ذكرت أمس الأول أن روسيا قدمت مقترحاً كآخر الحلول السلمية لضبط ما سمته الفلتان الأمني في درعا. ويتضمن المقترح تسليم الأسلحة الفردية في درعا البلد للنظام، امتثالاً لبنود اتفاق المصالحة الذي عُقد برعاية روسية في 2018، وخروج المسلحين الرافضين للاتفاق نحو مناطق شمالي سورية.
ويرفض أبناء درعا هذه المطالب، مع عرضهم التهجير الجماعي نحو الشمال السوري حال الإصرار على ذلك.
وذكر الناطق باسم لجنة درعا البلد عدنان المسالمة في حسابه على "فيسبوك" أن هناك خريطة طريق جديدة لحل الأزمة سلمياً، ستظهر خلال اجتماع يعقد اليوم السبت.
إلى ذلك، أصدرت مجموعات معارضة في درعا بياناً مكتوباً ترفض فيه أي اتفاقات مع النظام وروسيا تفضي إلى تسليم سلاحها أو تهجيرها خارج المحافظة. وقال البيان الموقع باسم "ثوار حوران"، الذي يعتقد أنه صادر عن مجموعات معارضة في مناطق عدة في المحافظة، أن الاتفاقات التي تفضي إلى تسليم السلاح وتهجير المقاتلين هي "بمثابة استسلام ومرفوضة جملةً وتفصيلاً".
وأكد البيان أن "أبناء حوران قادرون على إدارة مناطقهم والحفاظ على أمن السكان دون تدخل أحد ودون حاجة لإدخال حواجز ومفارز عسكرية تقطّع أوصال المدن والقرى وتهدد أهلها بالاعتقال". وأضاف أن أهالي درعا قادرون على تأمين معبر درعا القديم مع الأردن وتقديم ضمانات حول ذلك، إذا كان الهدف من العمليات العسكرية إعادة فتح المعبر.
وكانت قد توقفت المفاوضات بين اللجنة المركزية والنظام منذ نحو أسبوع، حيث أصرّ النظام على حلوله الأمنية القاضية بتسليم السلاح وتهجير الرافضين والسيطرة بشكل كامل على درعا البلد. وهو يواصل محاصرة المدنيين في درعا البلد منذ 24 يونيو حزيران الماضي وقطع عنهم أساسيات المعيشة من خبز وماء وكهرباء ودواء.
النظام يقصف ريف حلب
وفي شمال البلاد، أُصيبت امرأة وطفلها بجروح، صباح اليوم السبت، جراء قصف مدفعي لقوات النظام استهدف بلدة كفرتعال في ريف حلب الغربي.
وذكر مصدر محلي لـ"العربي الجديد"، أن قوات النظام والمليشيات الموالية لها استهدفت بالمدفعية الثقيلة الأحياء السكنية في بلدة كفرتعال بريف حلب الغربي، ما أدى إلى إصابة امرأة وطفلها البالغ خمس سنوات، حيث أُسعِفا إلى مشفى ميداني في المنطقة.
من جهة أخرى، تمكنت الفصائل العسكرية الليلة الماضية من صدّ محاولة تقدم لقوات النظام على محور قرية القاهرة غربيّ حماة، ترافقت مع قصف مدفعي للنظام على القرية دون وقوع خسائر بشرية.