استمع إلى الملخص
- **استفزازات المستوطنين وإجراءات الاحتلال:** أشار الناشط عيسى عمرو إلى أن الاحتلال يمنع حركة الفلسطينيين في المناطق المصنّفة "إتش 2"، مما يؤدي إلى استفزازات عبر تشغيل الأغاني الصاخبة وتأدية الصلوات التلمودية.
- **مخاوف السيطرة الإسرائيلية الكاملة على المسجد الإبراهيمي:** تزداد إجراءات الاحتلال في المنطقة، مما يهدد الوجود الفلسطيني ويسعى إلى تهجيرهم، مع رفع الأعلام الإسرائيلية وتجهيز المصعد الكهربائي في المسجد.
استباح مئات المستوطنين من مستوطنة كريات أربع والبؤر المحاذية لها والمقامة على أراضي البلدة القديمة في الخليل جنوبي الضفة الغربية، أحياء البلدة والمسجد الإبراهيمي بعد أن أغلقه الاحتلال الإسرائيلي في وجه المصلّين والزائرين منذ ساعات مساء أمس الأحد، ويستمر الإغلاق حتى مساء اليوم الاثنين، بحجة الاحتفال بالأعياد اليهودية، وسط حماية مشددة من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي. وكانت جماعات المستوطنين، يرافقهم المئات من جنود الاحتلال، قد اقتحموا المسجد الإبراهيمي مساء أمس الأحد، وعملوا على تهيئة أجواء الاحتفال في أعيادهم، بشكل ينتهك حرمة المسجد في الشق الإسلامي الذي أصبح اليوم مستباحاً بالكامل أمام طقوس وصلوات المستوطنين.
وقال الناشط في تجمع شباب ضد الاستيطان عيسى عمرو، في حديث مع "العربي الجديد"، "إن كل المناطق المصنّفة "إتش 2" في البلدة القديمة محاصرة منذ أمس، حيث يمنع الاحتلال حركة المواطنين عبر الحواجز، ويسمح فقط للمستوطنين المتطرفين بالحركة، وممارسة استفزازات بحقّ الفلسطينيين عبر تشغيل الأغاني الصاخبة، وتأدية الصلوات التلمودية في محيط المسجد الإبراهيمي، ورفع شعارات عنصرية، ونصب العلم الإسرائيلي على جدران المسجد، وتهديد المواطنين بالاعتداء عليهم حال تحركهم في أزقة البلدة".
وأشار عمرو إلى أن مئات المستوطنين توافدوا منذ ساعات الصباح حتى الظهيرة، من مختلف مستوطنات الخليل، تحديداً من بؤر: بيت هداسا، وإبراهيم أفينو، وبيت رومانو، وتل الرميدة، ونصبوا الإضاءات الملوّنة، والأعلام الإسرائيلية في أزقة البلدة القديمة من الخليل، والطرق المؤدية للمسجد، ومنعوا رفع الأذان، وبدأوا الرقص وترديد عبارات عنصرية، تمهيداً لاقتحام المسجد الإبراهيمي في الشقّ الإسلامي منه. ومنذ عام 1994، قسمت إسرائيل المسجد الإبراهيمي، حيث يسيطر الاحتلال على 63% من مساحته البالغة 2040 متراً مربعاً لصالح اليهود الذين عملوا على تحويله إلى كنيس يهودي، وما تبقى من المسجد على مساحة 37% لصالح المسلمين، وذلك منذ تقسيمه بعد المجزرة التي ارتكبها المستوطن المتطرف باروخ غولدشتاين، في 25 فبراير/شباط عام 1994، علماً أن الشقّ الإسلامي من المسجد يتعرّض باستمرار للانتهاك من الجماعات الاستيطانية لتأدية صلوات دينية، ورقصات على وقع الأغاني الصاخبة، وترك أماكن الصلاة ساحة لمخلّفات المستوطنين، عدا عن خطوات تغيير المعالم الدينية.
وأوضح عمرو أن مشهد السيطرة على المسجد الإبراهيمي يزداد، من خلال إجراءات الاحتلال في كل فترة عن سابقتها، حيث تعيش المنطقة المحاذية للمسجد إغلاقاً تاماً من كل الحواجز والبوابات الحديدية، إلى حدٍ حال دون قدرة طواقم بلدية الخليل على إزالة النفايات في مناطق البلدة ومختلف مناطق المدينة، حيث تعيش المدينة حصاراً مطبقاً منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي، يشتد في الآونة الأخيرة عقب تنفيذ عمليات صادرة من الخليل. ذلك كلّه يزيد من مخاوف السيطرة الإسرائيلية الكاملة على المسجد الإبراهيمي، ومن جانب آخر يهدد الوجود الفلسطيني في المكان، ويسعى إلى تهجير الفلسطينيين من أحياء البلدة القديمة، وحرمانهم لاحقاً من دخول المسجد الإبراهيمي، مستغلّين بذلك تطرف الجماعات الاستيطانية التي تلقى رعاية من شخصيات في الحكومة الإسرائيلية، بحسب عمرو.
وفي كلّ ظرف يتاح فيه للجماعات الاستيطانية اقتحام المسجد الإبراهيمي، يتم استغلال ذلك في سياق رفع وتيرة الإجراءات التهويدية، إذ تبدو هذه العلامات واضحة منذ نحو عام وحتى الآن، حيث أتم الاحتلال إجراءات تجهيز المصعد الكهربائي الذي يغيّر معالم المسجد بذريعة تسهيل المسار السياحي الاستيطاني، وبات يكرر رفع الأعلام الإسرائيلية على سطح المسجد في غير أوقات الأعياد اليهودية، وزادت الإجراءات الأمنية على أبوابه، وأزيلت بعض المعالم التاريخية فيه، مثل الإنارة داخل الشّق المسيطر عليه إسرائيلياً، مع استمرار وتعمّق الحفريات التهويدية أسفل المسجد.
ويتخوف الفلسطينيون من أن يصبح ما ذكر أعلاه، أمراً واقعاً، ويقول عمرو: "كلّ الإجراءات الإسرائيلية بحقّ المسجد الإبراهيمي والأحياء المحيطة به مخالفة للقوانين الدولية، وحتى الاتفاقيات الموقّعة فلسطينياً مع الإسرائيليين، وتحديداً اتفاقية الخليل عام 1997، ما يعني أن البلدة أمام مخططات إسرائيلية تنفّذ بشكل متسارع، وسط غياب ردٍ رسمي على هذه الإجراءات". وعادة ما يغلق الاحتلال الإسرائيلي المسجد الإبراهيمي نحو عشرة أيام كل عام، بحجّة الأعياد اليهودية، فيما يُمنع الفلسطينيون خلالها من دخول المسجد، كما يُمنع فيه رفع الأذان أكثر من 630 مرّة كل عام.