اغتيال رفيق الحريري... المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان يستأنف الحكم في قضية عياش 

13 يناير 2021
الحريري: "لن نستكين حتى ينفّذ القصاص" (حسين بيضون/ العربي الجديد)
+ الخط -

 

أعلنت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، في بيان اليوم الأربعاء، أنّ المدعي العام نورمن فاريل ومحامي الدفاع عن المُتَّهم المُدان بجريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، سليم جميل عياش، أودعا إشعارَيْ استئناف لحكم غرفة الدرجة الأولى الصادر في 18 أغسطس/ آب الماضي.

وزعم المدعي العام أنّ الحكم يتضمَّن أخطاء في القانون وفي الوقائع، مؤكداً أنّ هذا النوع من الأخطاء يبطل الحكم ويحول دون إحقاق العدالة، طالباً من غرفة الاستئناف الموافقة على الاستئناف وإدانة من هم موضوع هذا الاستئناف، مشيراً إلى أنّه على ثقة بأن غرفة الاستئناف ستعالج الاستئناف بسرعة وعلى نحو شامل.

وأودع الدفاع إشعاراً باستئناف حكم تحديد العقوبة الصادر في 11 ديسمبر/كانون الأول الماضي، في قضية عياش.

وطعن الدفاع في كل إدانة أصدرتها غرفة الدرجة الأولى في حكمها، وطلب إبطال جميع الإدانات الصادرة بحق عياش، وقدّم الدفاع أيضاً حججاً بشأن الصفة التي تخوّل محامي الدفاع إيداع استئناف للحكم وللعقوبة الصادرَيْن غيابياً.

وأودع الممثل القانوني للمتضررين إشعار استئناف يتعلق بامتناع غرفة الدرجة الأولى عن فرض عقوبات مالية تتمثل في غرامات أو قرارات دفع تعويضات والطلب من السلطات اللبنانية تعقّب ومصادرة وتجميد أي أصول قد يكون للسيد عياش حق الانتفاع بها. وقدم الممثل القانوني للمتضررين حججاً تتعلق بالصفة التي تخوله إيداع إشعار استئناف لحكم العقوبة.

وأصدرت غرفة الدرجة الأولى في 18 أغسطس/ آب 2020 حكمها في قضية عياش وحسن حبيب مرعي وحسين حسن عنيسي وأسد حسن صبرا، وهم ينتمون إلى "حزب الله" اللبناني، ومتهمون بـ"المشاركة في مؤامرة لارتكاب عمل إرهابي، والقتل عمداً، ومحاولة القتل عمداً، وعدد من التهم الأخرى المرتبطة بذلك"، وكانوا يحاكمون غيابياً.

 

كذلك قرّرت غرفة الدرجة الأولى بالإجماع أن المتهم سليم جميل عياش مذنب على نحو لا يشوبه أي شك معقول بجميع التهم المسندة إليه، وقرّرت أن المتهمين الآخرين المذكورين غير مذنبين فيما يتعلق بالتهم المسندة إليهم في قرار الاتهام الموحَّد المعدَّل.

وأثار الحكم وقتها والذي أرجأت المحكمة النطق به من 7 أغسطس/آب إلى 18 من نفس الشهر نتيجة الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت بتاريخ 4 أغسطس/ آب، ردود فعلٍ شعبية وسياسية عبّرت عن خيبة أمل به، وخصوصاً أنه قضى بتبرئة ثلاثة من المتهمين الأربعة، والحكم على واحدٍ فقط في الانفجار الكبير الذي دوّى في بيروت بتاريخ 14 فبراير/ شباط 2005، وأدى إلى مقتل 22 شخصاً منهم رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. 

ولم يثبت تورّط "حزب الله" أو الحكومة السورية بالتفجير لعدم وجود الدليل، علماً أنّ المحكمة أشارت في وقائع جلسة النطق بالحكم أنّ جريمة الاغتيال كانت عملاً إرهابياً ذا غايات سياسية، وقد جرى العبث بمسرح الجريمة وإزالة أدلة مهمة منه.

وأوضحت المتحدثة الرسمية باسم المحكمة الخاصة بلبنان، وجد رمضان، لـ"العربي الجديد"، أنّ هذه الإشعارات تمثل بداية مرحلة الاستئناف وإجراءاته، ما يعني أنّه منذ تاريخ أمس، يتبقّى للأفرقاء 75 يوماً لتقديم الاستئناف الفعلي، وكتابة كل أسباب الاستئناف والمسائل القانونية التي يريدون استئنافها. ومن بعدها، هناك حق الردّ لكل فريق على الفريق الذي يتقدّم بمذكرة الاستئناف.

كما أشارت رمضان إلى أنه في ما يخصّ الممثلين القانونيين عن المتضرّرين والدفاع، على غرفة الاستئناف أن تبتّ أولاً حول ما إذا كان يحق لهم الاستئناف أو المشاركة في الاستئناف على المدى القصير، وعلى المدى الطويل، وأن هناك مهلة الـ75 يوماً المذكورة، وستأخذ المرحلة مداها، إذ لا مهلة قصوى أو أجل محدَّد لذلك.

ولفتت رمضان، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "الاستئناف لا يؤدي إلى إعادة المحاكمة، لكن غرفة الاستئناف ستنظر في المسائل القانونية والطعون التي يرفعها الأفرقاء، وستعطي، على سبيل المثال، الحق للمدعي العام أم لا، وقد تقرّر ردّ وإبطال حكم التبرئة وإدانة المتهمين، ولها أن تقرّر ردّ وإبطال حكم الإدانة وبالتالي تبرئة المحكوم عليه".

وتوضح المتحدثة باسم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، في هذا السياق، أن استئناف المدعي العام زعمَ فيه أن الحكم (لا تحديد العقوبة)، يتضمّن أخطاءً في القانون وفي الوقائع، وأن هذا النوع يبطل الحكم، ويحول دون إحقاق العدالة، وطلب من غرفة الاستئناف الموافقة على الاستئناف وإدانة من هم موضوع هذا الاستئناف، وهنا يقصد الحكم الصادر ببراءة المتهمين الثلاثة، وقد تصدر بالتالي محكمة الاستئناف حكم بالإدانة.

وأكد نجل رئيس الوزراء الراحل، سعد رفيق الحريري، خلال مؤتمر صحافي، أنّنا "لن نستكين حتى ينفّذ القصاص، ولا مساومة على دماء رفيق الحريري وجميع الشهداء والضحايا، ولا تنازل عن حق الدم"، مشدداً على أنّ "الحقيقة باتت معروفة، وتبقى العدالة التي ستنفذ مهما طال الزمن، وهذه المرة الأولى في تاريخ الاغتيالات السياسية التي شهدها لبنان".

وأضاف "يعرف اللبنانيون الحقيقة، وأهمية هذه اللحظة التاريخية هي الرسالة لمن ارتكب الجريمة الإرهابية والمخططين لها أن زمن استخدام الجريمة بالسياسة من دون عقاب أو ثمن انتهى، وستدفعونه لا محالة".

 

ويكرر  "حزب الله"  في كل مناسبة، قبل وبعد صدور الحكم، عدم دستورية المحكمة، و أنه لا يعنيه ما يصدر عنها من أحكام.

وبتاريخ 11 ديسمبر/كانون الأول الماضي، حكمت المحكمة الخاصة بلبنان بالإجماع على عياش بخمس عقوبات سجن مؤبّد تنفَّذ في الوقت نفسه. والتهم التي وجّهت إليه، هي مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي باستعمال أداة متفجرة، وقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عمداً باستعمال مواد متفجرة، وقتل 21 شخصاً آخر عمداً باستعمال مواد متفجرة، ومحاولة قتل 226 شخصاً عمداً باستعمال مواد متفجرة.

ورأت المحكمة أن كل جريمة من الجرائم المتهم عياش بارتكابها خطيرة بما يكفي لفرض العقوبة القصوى وهي السجن مدى الحياة، في حين لم تجد الغرفة أي ظروف من شأنها أن تخفف العقوبة.

كما أصدرت غرفة الدرجة الأولى مذكرة توقيف جديدة ومذكرة توقيف دولية وقرار نقل واحتجاز بحق عياش المتواري عن الأنظار، داعية أولئك الذين يحمونه إلى تسليمه للمحكمة. ويرفض "حزب الله" اللبناني تسليم عياش والكشف عن مكانه، وأي معلومات عنه.

المساهمون