المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا يحدّد أولويات عمله.. فهل ينجح؟

15 أكتوبر 2022
تنتظر باتيلي ملفات داخلية شائكة (ندى حارب/Getty)
+ الخط -

حدّد المبعوث الخاص للأمين العام إلى ليبيا ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم فيها، عبد الله باتيلي، أولويات عمله في الملف الليبي بالبدء في تحديد مسار توافقي يفضي إلى تنظيم انتخابات شاملة في البلاد، في حين تباينت آراء مسؤولين ليبيين في قراءتهم إمكانيات وقدرة المبعوث الجديد على تحقيق الاستحقاق الانتخابي المؤجل.

وإثر وصوله إلى العاصمة طرابلس أمس الجمعة، أدلى باتيلي بتصريح للصحافيين قائلاً: "وصلت اليوم إلى طرابلس، والأولوية بالنسبة لي هي خلق مسار توافقي يفضي إلى تنظيم انتخابات وطنية شاملة وذات مصداقية في أقرب فرصة ممكنة، بالاستناد إلى إطار دستوري متين"، مؤكداً "استمرار الأمم المتحدة على موقفها الداعم لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة واحترام إرادة الملايين من الليبيين ممن سجلوا في منظومة التصويت على الانتخابات".

وعن أولى خطواته، أوضح باتيلي أنه "سيتواصل خلال الأيام المقبلة مع جميع الأطراف الليبية في عموم البلاد، للاستماع إلى آرائهم والتعرف إلى رؤاهم بشأن المواضيع السياسية والأمنية والاقتصادية".

وسبق باتيلي في شغل منصبه سبعة مبعوثين أممين على مدار الأحد عشر عاماً الماضية، كان آخرهم الدبلوماسي السلوفاكي يان كوبيتش، الذي ترك منصبه بشكل مفاجئ مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وباستثناء ترحيب مقتضب من جانب وزارة خارجية حكومة الوحدة الوطنية بوصول باتيلي، لم تصدر عن الجهات السياسية الأخرى، بمن فيها المجلس الرئاسي ومجلسا النواب والأعلى للدولة، أي بيانات أو مواقف، لكن في الأثناء صرح عدد من أعضاء مجلسي النواب والدولة بمواقف تباينت بشأن مهمة المبعوث الجديد والآفاق المتاحة لنجاحه.

من جهتها، لا ترى عضو مجلس النواب وملتقى الحوار السياسي الليبي، عائشة شلابي، اختلافاً في خطوات باتيلي عن سابقيه من خلال تصريحه إثر وصوله إلى طرابلس، مشيرة إلى أنه "سيبدأ من البداية مع تكرار الأهداف ذاتها التي تحتاج لآليات حقيقية وإرادة شعبية لتحقيقها".

وفي منظور شلابي، فإن البعثة الأممية "تأتي دائماً بأنصاف الحلول"، مستشهدة بـ"تجربة المبعوث السابق غسان سلامة، والمستشارة السابقة للأمين العام بشأن ليبيا ستيفاني وليامز".

وتابعت بالقول في تصريحات صحافية اليوم السبت: "لقد بدأنا بخريطة طريق كان يجب أن تقودنا إلى الانتخابات، ولكن دور المبعوث الأممي توقف كالعادة ورحل ليأتي غيره"، في إشارة إلى ستيفاني وليامز، مرجحة أن "يعود باتيلي بالبلاد إلى نقطة البداية".

ووفق وجهة نظر شلابي، لن يكون الحل إلا "ليبياً خالصاً"، وهذا يحتاج، بحسب رأيها، إلى "كثير من التضحيات والتنازلات، حتى لا تتحول ليبيا إلى عراق جديد".

ومن جانب المجلس الأعلى للدولة، يعتقد عضو المجلس محمد امعزب أن على المبعوث الجديد "تحديد مسار أو خريطة طريق للمرحلة المقبلة والانتقال من المرحلة التمهيدية إلى المرحلة الدائمة"، مشيراً إلى "انشغال المجتمع الدولي بالحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا وحلفائها، وأزمة الطاقة الناتجة عنها"، ويستنبط من ذلك أن المجتمع الدولي "لن يعطي أهمية كبيرة للملف الليبي، طالما لا زال وقف إطلاق سارياً، وإنتاج النفط والغاز لم يتوقف".

ويتوقع امعزب، في تصريحات صحافية اليوم السبت، "دوراً أساسياً لكل من مصر وتركيا في القضية الليبية"، خاصة في "المسار التفاوضي القادم"، وذلك بفعل "تأثيرهما الكبير على وكلائهما بالداخل"، على حد تعبيره.

وفيما لا يستبعد امعزب أن "يفتح تكليف أفريقي في إدارة البعثة المجال لبعض القادة الأفارقة في تحديد اتجاه المسار التفاوضي"، اعتبر أن نجاح باتيلي "رهين بقدرته على تحقيق توافق بين كل الأطراف، مع اختلاف مصالحهم وتوجهاتهم السياسية والاقتصادية".

ورغم أن التقديرات تشير إلى صعوبة مهمة باتيلي؛ فإن عضو مجلس الدولة، بلقاسم قزيط، يراها "غير مستحيلة"، مشدداً على ضرورة أن "يدرس الدبلوماسي السنغالي محل إخفاق سابقيه من المبعوثين"، فبحسب وجهة نظره، إن نجاحه في مهمته "ليس رهيناً بقدراته فقط، بل بالدعم الدولي الحقيقي".

واعتبر قزيط، خلال تصريح صحافي اليوم السبت، أن انتظار باتيلي كل هذه المدة منذ تعيينه من دون مباشرة "مؤشراً إيجابياً"، مستدركاً بالقول: "وقد يكون العكس، فالملف الليبي تحكمه عدة مصالح دولية متضاربة، والمهمة ليست سهلة".

وتنتظر باتيلي ملفات داخلية شائكة، في مقدمها عدم توافق مجلسي النواب والدولة على قاعدة دستورية تفضي إلى إجراء الانتخابات، خصوصاً حول مادتين تتعلقان بترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية لسباق الرئاسة، المتصلتين بترشح اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يُعتبر وضعه العسكري والسياسي من أكبر العراقيل التي رافقت كل الحلول والمبادرات السياسية السابقة.

ومع أن المبعوث الجديد لم يتناول ضمن تصريح الأمس مسألة الخلاف التنفيذي بين حكومة الوحدة الوطنية والأخرى المكلفة من مجلس النواب، إلا أن الواقع الليبي الشائك والمعقد قد يفرض على باتيلي بحث حل سريع للسلطة التنفيذية التي ستشرف على الانتخابات.

المساهمون