المباحثات المصرية الإيرانية... إيجابية بلا خطوات محددة

19 أكتوبر 2024
عراقجي في القاهرة، 17 أكتوبر 2024 (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- جرت مباحثات بين وزير الخارجية الإيراني والمسؤولين المصريين في القاهرة حول القضايا السياسية والأمنية الإقليمية، مع التركيز على أمن الملاحة في البحر الأحمر وتأثير الحوثيين المدعومين من إيران.
- زيارة عراقجي قد تكون مرتبطة بالتوترات الإقليمية والضربة الإسرائيلية المتوقعة لإيران، حيث تسعى إيران لشرح موقفها وتداعيات أي ضربة محتملة دون طلب وساطة من مصر.
- تواجه مصر ضغوطاً من الولايات المتحدة وإسرائيل لعدم تطبيع العلاقات مع إيران، رغم الاهتمام المتبادل لتعزيز العلاقات الرسمية بين البلدين.

كشفت معلومات توفرت لـ"العربي الجديد" أن المباحثات المصرية الإيرانية "المكثفة" التي أجريت بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في القاهرة، أول من أمس الخميس، والمسؤولين المصريين، شملت مجمل الملفات السياسية والأمنية المطروحة على الساحة الإقليمية، ولا سيما الأوضاع في قطاع غزة ولبنان والبحر الأحمر، إضافة إلى ملف استعادة العلاقات بين القاهرة وطهران.

المباحثات المصرية الإيرانية "إيجابية"

وأشارت المعلومات إلى أنه بالرغم من أن المباحثات المصرية الإيرانية كانت "إيجابية" في مجملها، إلا أنه لم يتم التوصل إلى توافقات محددة حول أي من المواضيع التي جرى تناولها خلال زيارة عراقجي للقاهرة. وركز المسؤولون المصريون في مباحثاتهم مع عراقجي، على مسألة أمن الملاحة في البحر الأحمر، بما هو مطلب مصري من الجانب الإيراني الذي يعتقد المسؤولون المصريون أنه "متحكم" في تصرفات جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) في اليمن والتي تتمثل في استهداف السفن التجارية، بما يضر بمصالح مصر الاقتصادية، لا سيما دخلها من قناة السويس.

رجح حسن نافعة أن يكون موضوع زيارة عراقجي على صلة بالضربة الإسرائيلية المتوقعة لإيران

وبحسب المعلومات فإن المسؤولين الإيرانيين، أكدوا خلال المباحثات المصرية الإيرانية "ضرورة الربط بين إيجاد حل للأزمة في قطاع غزة ولبنان ووقف إطلاق النار، وبين معالجة أزمة الملاحة"، مع تأكيد أن "طهران على استعداد لأن تبذل كل جهودها من أجل التهدئة، في حال التزم الاحتلال الإسرائيلي، والولايات المتحدة الأميركية، بخفض التصعيد"، وهو ما قوبل من الجانب المصري، بوعد بنقل تلك الرؤية إلى واشنطن.

وفي ملف استعادة العلاقات الطبيعية بين القاهرة وطهران، أشارت المعلومات إلى أنه "لم يتم التوصل إلى اتفاق محدد، حيث لم يحدث أي تغيير جوهري في هذه الملف، باستثناء تأكيد مواصلة الجهود (الاستكشافية) المشتركة بين الطرفين، والتي تقوم عليها الأجهزة الأمنية والاستخبارية والدبلوماسية من كلا الجانبين، من أجل بحث إعادة ترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى تبادل السفراء".

وخلال استقباله عراقجي، في القاهرة، أول من أمس الخميس، وكما ذكر بيان رسمي حول المباحثات المصرية الإيرانية، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "الموقف المصري الداعي لعدم توسّع دائرة الصراع وضرورة وقف التصعيد، للحيلولة دون الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة، ستكون ذات تداعيات خطرة على أمن ومقدرات جميع دول وشعوب المنطقة"، على حد وصف البيان المصري، الذي ذكر أن الوزير الإيراني أعرب عن "تقدير بلاده الجهود المصرية المستمرة لتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة". وفي اللقاء، أيضاً نقل وزير خارجية إيران تحيات وتقدير الرئيس مسعود بزشكيان للسيسي، وهو ما ثمّنه الأخير، واتُفق على أهمية استمرار المسار الحالي لاستكشاف آفاق التطوير المشترك للعلاقات بين الدولتين.

بحث التطورات الإقليمية

وخلال وجوده في القاهرة، الخميس الماضي، التقى عراقجي أيضاً وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، وناقشا "التطورات الإقليمية المتلاحقة في كل من لبنان وقطاع غزة والبحر الأحمر، وما تفرضه مستجدات الأحداث من ضرورة لخفض التصعيد في المنطقة ومنع انزلاقها لحرب إقليمية" بحسب بيان للخارجية المصرية. وأكد عبد العاطي "ضرورة التعامل بحذر في هذه المرحلة الدقيقة، والمنعطف الخطير الذي تمر به المنطقة"، مشدداً على "أهمية تجنب استدراج الإقليم إلى مواجهة كارثية، قد تؤدي إلى حرب إقليمية واسعة ذات عواقب مدمرة لأطرافها، ولن تكون أي دولة في الإقليم بمنأى عن تداعياتها". وقال البيان المصري إن عبد العاطي "استعرض موقف مصر من التطورات الخطرة في المنطقة، بما فيها منطقة البحر الأحمر، وأهمية احترام حرية الملاحة البحرية".

وتعليقاً على ملفات المباحثات المصرية الإيرانية قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور حسن نافعة، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "إيران تريد تحسين العلاقة مع مصر، التي لا تزال مترددة من جانبها، لكنني أشك أن يكون موضوع الزيارة هو التوافق على تبادل السفراء، وأرجّح أن يكون له صلة بالتوتر الإقليمي، والضربة الإسرائيلية المتوقعة لإيران، وتحذير الدول العربية من تقديم أية تسهيلات لإسرائيل، ولكن ليس لمصر ما يكفي من الثقل لإقناع إسرائيل بعدم توجيه ضربة لإيران".

عماد ابشناي: مصر تتعرض لضغوط من أميركا وإسرائيل كي لا تطبّع علاقاتها مع إيران بشكل كامل

في المقابل، قال الخبير المتخصص في الشؤون الإقليمية والدولية من طهران، حكم أمهز، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "إيران لا تطلب الوساطة من مصر أو غير مصر في ما يتعلق بالضربة الإسرائيلية المتوقعة، رداً على الهجوم الإيراني، لكن ما تفعله طهران من خلال دبلوماسيتها، هو شرح الموقف للعالم، وشرح نتائجه السلبية وتداعيات وانعكاسات أي ضربة إسرائيلية على إيران في الفترة المقبلة، في ظل أن الرد الإيراني على إسرائيل كان ضمن حدود القانون الدولي، وضمن الرد على جريمة إسرائيلية مركبة، كان جزء منها على أرض إيرانية، باغتيال (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل) هنية، وبالتالي هذا الاعتداء الإسرائيلي قوبل برد إيراني".

وفي ملف استعادة العلاقات، أكد الخبير الإيراني أن "هناك اهتماماً مصرياً إيرانياً متبادلاً لتعزيز وتطوير العلاقات بين الطرفين"، قائلاً إن "هذا انعكس على الزيارات والاتصالات ما بين المسؤولين الإيرانيين والمصريين على مدار الفترة الماضية"، لافتاً إلى "الدور الكبير لمصر وإيران في كل ملفات المنطقة وخارجها أيضاً، وبالتالي فإن العلاقات بينهما ضرورية ومهمة وملحة في هذا الظرف التي تمر فيه المنطقة".

ضغوط على مصر

وتعليقاً على المباحثات المصرية الإيرانية، قال الكاتب والمحلل السياسي الإيراني عماد أبشناي، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك أملاً كبيراً في هذا الشأن، ولكن للأسف المشكلة تكمن في أن مصر تتعرض لضغوط من قبل أميركا وإسرائيل كي لا تطبّع علاقاتها مع إيران بشكل كامل". وأضاف: "نعم، إيران تريد عودة العلاقات مع مصر، وفي الواقع، العلاقات حالياً هي بمستوى سفير، وسفارتا البلدين تعملان بشكل مستقل في مبنى مستقل، ولكن تحت لافتة رعاية مصالح، وكل دولة لديها نحو 12 دبلوماسياً معتمداً لدى الدولة الأخرى، وحالياً فقط يحتاج البلدان لاتخاذ القرار السياسي وتغيير اللافتة على أبواب السفارات". وتابع: "الولايات المتحدة وإسرائيل لا تريدان لإيران ومصر أن تعيدا العلاقات الرسمية، لأن الدولتين تُعتبران جناحي الأمة الإسلامية، ولا تستطيع هذه الأمة أن تعلو ما لم تكن جوانحها سالمة ومتكاملة، وهذا ما تسعى إليه إيران، في لمّ شمل كل الدول الإسلامية".

The website encountered an unexpected error. Please try again later.