وأوضح منسق وحدة الرأي العام في المركز العربي محمد المصري، أنّ استطلاع المؤشر العربي الذي ينفذه المركز للعام الخامس على التوالي هو أضخم مسحٍ للرأي العام في المنطقة العربيّة، سواء كان ذلك من خلال حجم العينة أو عدد البلدان التي يغطيها أو محاوره. وأشار إلى مشاركة 840 باحثاً بتنفيذه، واستغرق التنفيذ نحو 45 ألف ساعة، وقطع الباحثون الميدانيون خلاله أكثر من 760 ألف كيلومتر من أجل الوصول إلى المناطق التي ظهرت في العيّنة في أرجاء الوطن العربي. كما أشار إلى أن تعدد موضوعات المؤشر ومحاوره يجعل بياناته مصدراً مهماً لصنّاع القرار والباحثين والمهتمين بشؤون المنطقة العربية. وبيّن المصري أن نتائج الاستطلاع أظهرت أن هناك انحيازا للديمقراطية وللقيم الديمقراطية لدى المواطن العربي، الذي لا يزال يفتخر بالربيع العربي. ولفت إلى أن مجموع سكّان المجتمعات التي نُفّذ فيها الاستطلاع، يعادل 90 في المائة من عدد السكّان الإجماليّ لمجتمعات المنطقة العربيّة.
والمؤشّر العربي هو استطلاعٌ سنويّ ينفّذه المركز العربيّ في البلدان العربيّة، بهدف الوقوف على اتجاهات الرأي العام العربي نحو مجموعة من المواضيع الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، بما في ذلك اتجاهات الرأي العام نحو قضايا الديمقراطية، والمشاركة السياسية والمدنيّة. ويتضمن المؤشر هذا العام اتجاهات الرأي العام نحو تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وتقييم سياسات قوى دولية وإقليمية نحو الأزمات في المنطقة العربية، إضافة إلى استطلاع رأي المواطنين حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في بلدانهم.
رفض "داعش"
أظهرت نتائج المؤشر العربي أنّ الرأي العام العربي شبه مجمعٍ، وبنسبة 89 في المائة من المستجيبين، على رفض تنظيم "داعش"، مقابل 2 في المائة أفادوا بأنّ لديهم نظرةً إيجابيةً جداً و3 في المائة لديهم نظرة إيجابيةً إلى حدٍ ما تجاهه. وارتفعت نسبة الذين أفادوا بأنّ لديهم نظرةً سلبيةً تجاه "داعش" من 85 في المائة في عام 2014 إلى 89 في المائة في عامي 2015 و2016. في حين أصبحت نسبة الذين لديهم نظرة إيجابية 2 في المائة عام 2016 مقارنةً بـ4 في المائة في عام 2014. ووفق المؤشر، فإن الذين يحملون نظرةً إيجابيةً نحو تنظيم "داعش" لا ينطلقون من اتفاقهم مع ما يطرحه التنظيم من موقفٍ وآراء ونمط حياةٍ، إذ إنّ نسبة الذين يحملون وجهة نظر إيجابية نحوه بين المتدينين جداً هي شبه متطابقة مع النسبة عند غير المتدينين.
يعكس هذا بشكلٍ جلي أنّ من يحمل وجهةَ نظرٍ إيجابية نحو "داعش" ينطلق من موقفٍ سياسي مرتبطٍ بتطورات الأوضاع في المنطقة العربية والإقليم. ويتكرّس هذا من خلال تأكيد نحو ثلث المستجيبين أنّ استخدام الدين هو عنصر قوة "داعش" بين مؤيديه، مقابل أكثر من نصف الرأي العام يرى أنّ العوامل السياسية هي عناصر قوته بين مؤيديه. وفسّر الرأي العامّ في المنطقة دوافع انضمام مقاتلين عرب لتنظيم "داعش" بالعديد من الأسباب، كان أهمَّها أسباب داخلية متعلقة بالبلدان التي جاؤوا منها بنسبة 40 في المائة، وأسباب اقتصادية (فقر، وبطالة...) بنسبة 22 في المائة، والسياسات الداخلية السائدة في بلدانهم (أسباب مجتمعية مثل عدم المساواة، الإقصاء، والتهميش) بنسبة 7 في المائة. بينما عزا 18 في المائة من المستجيبين الانضمام إلى "داعش" بالدعاية وغسل الأدمغة، فيما عزا 17 في المائة الانضمام إلى "داعش" لأسباب دينية. ووفق الاستطلاع، انقسم الرأي العام في المنطقة بين 35 في المائة يرون أنّ تنظيم "داعش" هو نتاج سياسات الأنظمة العربية، و43 في المائة يرون أنّه نتاج التعصب والتطرف في المجتمعات.
ولدى الرأي العام وجهات نظر محددة تجاه الإجراءات التي يجب اتخاذها من أجل القضاء على الإرهاب وتنظيم "داعش"، فقد أفاد 17 في المائة بأن الإجراء هو تكثيف الجهد العسكري في الحرب على التنظيم، بينما أيّد 15 في المائة من المستطلعين وقف التدخل الأجنبي في المنطقة للقضاء على التنظيم والإرهاب، فيما أفاد 14 في المائة أنّ دعم التحوّل الديمقراطي في البلدان العربية هو الإجراء الذي يجب اتخاذه للقضاء على الإرهاب وتنظيم "داعش"، بينما اعتبر 14 في المائة أنّ حلّ القضية الفلسطينية هو أهم إجراء يجب اتخاذه من أجل القضاء على الإرهاب. وشدد 12 في المائة على أن إيجاد حلّ للصراع السوري بما يتناسب وتطلعات الشعب السوري هو أهم إجراء للقضاء على الإرهاب وتنظيم "داعش". فيما رأى آخرون أن مواجهة الإرهاب تقتضي حل المشاكل الاقتصادية (7 في المائة) وتنقيح الإسلام من الأفكار المتطرفة (6 في المائة) وتغيير السياسات الطائفية في بعض البلدان (العراق وسورية) لتصبح الدولة دولة مواطنة (4 في المائة) وغيرها.
انقسام حول الثورات العربية
في سياق آخر، وحول الثورات والاحتجاجات الشعبية التي شهدتها بلدان عربية عدة عام 2011، أظهرت نتائج الاستطلاع أنّ هناك انقساماً في الرأي العام العربي تجاه ثورات الربيع العربيّ وتطوّراتها؛ إذ إنّ 41 في المائة من المستجيبين، يرون أنّها إيجابية، و50 في المائة يرون أنّ هذه الثورات وتطوّراتها سلبية. وكان استطلاع عام 2012/2013 أظهر أن 61 في المائة من المستجوبين ينظرون نظرة إيجابية إلى هذه الثورات.
لكن في سؤال عن ثورات عام 2011 بمعزل عن تطوراتها اللاحقة، أظهرت النتائج أنّ أكثرية الرأي العام (51 في المائة) تعدّها إيجابيةً، مقابل 41 في المائة تعتبرها سلبيةً. وعند سؤال المستجيبين حول الأسباب التي دفعت الناس في عام 2011 للمشاركة في تظاهرات الثورات العربية وحركات الاحتجاج، أفادوا بأن دوافعهم كانت ضد الاستبداد والظلم ومن أجل الديمقراطية والمساواة بنسبة 42 في المائة، وضدّ الفساد بنسبة 25 في المائة. أمّا الذين انطلقوا من تفسير الثورات من موقفٍ معادٍ للثورات، فهم 3 في المائة فقط.
وانقسم الرأي العامّ العربي ما بين متفائل ومتشائم نحو واقع ثورات الربيع العربي ومستقبلها؛ إذ أفاد ما نسبتهم 45 في المائة أنّها تمرّ بمرحلة تعثّر، إلا أنّها ستحقق أهدافها في نهاية المطاف؛ وذلك مقابل 39 في المائة رأوا أنّ الربيع العربي قد انتهى وأنّ الأنظمة السابقة عادت إلى الحكم. ويُعدّ هذا تغييراً جوهرياً في تقييم الرأي العامّ، مقارنةً باستطلاع 2014، إذ كان 60 في المائة من الرأي العامّ العربي متفائلًا بتحقيق الربيع العربي أهدافه، على أنّ استمرار حالة الفوضى في بعض البلدان، من العوامل التي من شأنها أن تحُدّ من التفاؤل بالثورات العربية.
في السياق، عبّر مواطنو المنطقة العربية (52 في المائة من المستجيبين) عن مخاوف محدودة أو كبيرة من زيادة نفوذ الأحزاب الإسلامية السياسية، مقابل 42 في المائة قالوا إنه ليست لديهم مخاوف منها. وأفاد 59 في المائة من المستجيبين بأنّ لديهم مخاوف من الحركات السياسية غير الإسلامية (العلمانية) مقابل 33 في المائة أفادوا بأن ليس لديهم مخاوف منها.
ثقة متباينة
وأظهر المؤشر أن ثقة المواطنين العرب بمؤسّسات الدولة في بلدانهم متباينة؛ ففي حين كانت لديهم ثقة مرتفعة بالأجهزة التنفيذيّة، من عسكريةٍ أو شبه عسكريةٍ، خصوصاً مؤسسة الجيش، فإنّ الثقة بسلطات الدّولة الثلاث: القضائيّة والتنفيذيّة والتشريعيّة أقلّ من ذلك. أمّا المؤسّسات التي نالت أقلّ نسبة ثقة فهي المجالس التشريعيّة (النيابيّة). وأعرب 87 في المائة من المستجوبين عن ثقتهم بالجيش، بينما أفاد 55 في المائة عن ثقتهم بحكوماتهم، فيما أفاد 44 في المائة عن ثقتهم بالمجالس التشريعية.
وأظهر المؤشر أن تقييم أداء الحكومات على مستوى السياسات الخارجيّة، والسياسات الاقتصاديّة، وفي مجموعةٍ من السياسات العامّة والخدمات، هو تقييمٌ غير إيجابيّ بالمجمل؛ إذ إنّ 43 في المائة إلى 50 في المائة (بحسب الدول) من الرأي العام قيّموا الأداء الحكومي بأنه إيجابيّ، في حين انحازت أكثرية الرأي العامّ إلى تقييم الأداء الحكومي بوصفه سلبياً. وكان هذا التقييم شبه متطابقٍ مع تقييم الرأي العام للأداء الحكومي في استطلاعات المؤشر السابقة.
كما أبرز المؤشر أن الرأي العام العربي شبه مجمعٍ على أنّ الفساد المالي والإداريّ منتشرٌ في بلدانه؛ إذ أفاد 93 في المائة بأنه منتشر بدرجات متفاوتة. ومقابل ذلك، أفاد 4 في المائة بأنّه غير منتشرٍ على الإطلاق، وهي النسبة نفسها التي ظهرت في استطلاع المؤشر السابق عام 2011.
ووفق الاستطلاع، فإن 24 في المائة من الرأي العامّ أفاد بأنّ دوله تطبّق القانون بالتساوي بين المواطنين، بينما رأى 54 في المائة أنّها تطبّق القانون بين الناس ولكنّها تُحابي بعض الفئات، ورأى 20 في المائة أنّها لا تقوم بتطبيق القانون بالتساوي على الإطلاق. ولا تشير النتائج إلى أنّ استطلاع 2016 مقارنة بالاستطلاعات السابقة قد شهد تغييراً جوهرياً نحو تحسّن رؤية الرأي العام تجاه تطبيق الدولة للقانون بالتساوي. من جهة أخرى، انقسم الرأي العامّ حول مدى تطبيق مبدأ المحاكمة العادلة في بلدان المستجيبين، إذ أفاد 58 في المائة بأنه مطبقٌ، مقابل 40 في المائة قالوا إنه غير مطبق.
تأييد النظام الديمقراطي
أمّا على صعيد اتّجاهات الرأي نحو الديمقراطية، فعبّر 72 في المائة من المستجيبين عن تأييدهم النظام الديمقراطي وإنْ كانت له مشكلاته، على غيره من الأنظمة، مقابل 22 في المائة منهم عارضوه وفق مؤشر العام 2016. بينما كان 76 في المائة من المستطلعين في مؤشر العام 2011 عبّروا عن تأييدهم للنظام الديمقراطي. وأفاد 77 في المائة من المستجيبين بأنّ النظام الديمقراطي التعدّدي ملائم ليطبَّق في بلدانهم في حين رفض 18 في المائة هذا النظام، ورأى 34 في المائة من المستطلعين أن نظام شريعة إسلامية هو الملائم لبلدانهم مقابل رفض 59 في المائة لهذا النظام. بينما أعلن 29 في المائة من المستطلعين قبولهم بنظام أحزاب إسلامية مقابل رفض 64 في المائة لهذا النظام. كما أعلن 21 في المائة قبولهم بنظام أحزاب غير دينية مقابل رفض 72 في المائة لهذا النظام، فيما كان لافتاً قبول 18 في المائة بنظام سلطوي (غير ديمقراطي) مقابل رفض 75 في المائة لهذا النظام.
وأعرب 54 في المائة من المستجيبين في المنطقة العربيّة عن قبولهم بوصول حزبٍ سياسيّ لا يتّفقون معه إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، مقابل 40 في المائة أفادوا أنّهم لا يقبلون بذلك. يشار إلى أن نسب الموافقين على ذلك بقيت شبه ثابتة منذ عام 2011، في حين ارتفعت بشكل طفيف نسب المعارضين.
في سياق آخر، أفاد 39 في المائة من المستجيبين بأنّه لا يمكن انتقاد الحكومة من دون خوف، بينما قال 56 في المائة إنهم يستطيعون انتقادها، وفق مؤشر 2016. بينما كان مؤشر 2012/2013 أظهر أن 63 في المائة من المستطلعين أعلنوا قدرتهم على انتقاد الحكومة، بينما قال حينها 27 في المائة إنهم لا يستطيعون انتقادها. وأفادت أكثرية المستجيبين في بعض المجتمعات (مثل مصر، والسودان، وفلسطين) بأنّها لا تستطيع انتقاد الحكومة من دون خوف، في مؤشر 2016.
وأفادت أكثرية الرأي العام العربي بأنّها مهتمة بالشؤون السياسيّة في بلدانها، فالاهتمام بالشؤون السياسية قد انخفض في مؤشر 2016 مقارنةً مع مؤشر 2015، ويقترب من النسب التي سُجّلت في مؤشر 2011. وأفاد 40 في المائة من المستطلعين عن اهتمامهم بالشؤون السياسية وفق مؤشر 2016، وهي النسبة نفسها للعام 2011. فيما كانت نسبة المهتمين تبلغ 44 في المائة عام 2015.
وفي هذا السياق أيضاً، كشف المؤشر ان أكثرية مواطني المنطقة العربيّة (53 في المائة) غير منتسبة إلى أحزابٍ سياسيّة، ولا يوجد حزبٌ سياسيّ يمثّلها. فيما قال 20 في المائة من المستجيبين أن هناك حزباً يمثلهم لكنهم غير منتسبين لأي حزب، بينما أفاد 10 في المائة أنهم منتسبون لأحزاب. وأظهر المؤشر أن المستجيبين الذين أفادوا بأنهم منتسبون إلى أحزابٍ أو أنّ هناك أحزاباً تمثلهم يتركزون في موريتانيا، والمغرب، وتونس، والجزائر، وفلسطين، والعراق، ولبنان.
رفض للسياسات الدولية
أمّا على صعيد المحيط العربيّ، فقد أظهرت نتائج مؤشر العام 2016 بأنّ 77 في المائة من الرأي العام العربي يرى أنّ سكان العالم العربي يمثّلون أمة واحدة، وإنْ تمايزت الشعوب العربيّة بعضها عن بعض، مقابل 19 في المائة قالوا إن سكان الوطن العربي هم شعوب وأمم مختلفة. مقابل ذلك كان 79 في المائة رأوا وفق مؤشر 2015 أن سكان الوطن العربي هم أمة واحدة بينما اعتبر 18 في المائة أن السكان هم أمم مختلفة. أما مؤشر 2014، فكان قد أظهر أن 81 في المائة رأوا أن سكان العالم العربي هم أمة واحدة فيما خالفهم 14 في المائة الرأي. بينما أظهر مؤشر 2012/2013 أن 79 في المائة يرون أن سكان العالم العربي هم أمة واحدة بينما اعتبر 14 في المائة عكس ذلك. في حين أظهر مؤشر العام 2011 أن 71 في المائة يوافقون على أن سكان العالم العربي هم أمة واحدة بينما 17 في المائة خالفوهم الرأي.
في سياق آخر، عكس تقييم الرأي العام لسياسات بعض القوى الدولية والإقليمية عدم ثقته فيها، إذ إن أكثرية الرأي العام تنظر بسلبية إلى سياسات الولايات المتحدة وروسيا وإيران وفرنسا تجاه المنطقة العربية، ويُعد تقييم هذه السياسات في هذا الاستطلاع أكثر سلبية من الاستطلاعات السابقة. بالنسبة للسياسات الخارجية التركية، رأى 54 في المائة من المستطلعين في مؤشر 2016 أنها إيجابية، بينما رأى 34 في المائة أنها سلبية. وفي عودة إلى مؤشر 2015 كان 59 في المائة من المستطلعين يعتبرون أن السياسات الخارجية التركية إيجابية مقابل 33 في المائة يعتبرونها سلبية. أما في مؤشر العام 2014 فاعتبر 57 في المائة من المستجوبين أن السياسات التركية إيجابية مقابل 25 في المائة اعتبروها سلبية.
أما بالنسبة للسياسات الخارجية الأميركية، فأظهر مؤشر 2016 أن 15 في المائة من المستطلعين يرونها إيجابية، مقابل 77 في المائة يعتبرونها سلبية. بينما أظهر مؤشر 2015 أن 27 في المائة من المستطلعين يعتبرون السياسة الأميركية الخارجية إيجابية مقابل 65 في المائة يعتبروها سلبية. أما مؤشر 2014 فأظهر أن 36 في المائة يرون السياسات الخارجية الأميركية إيجابية بينما يعتبر 49 في المائة أنها سلبية.
بالنسبة للسياسات الخارجية الروسية، فوفق مؤشر 2016 رأى 21 في المائة أنها إيجابية مقابل اعتبار 66 في المائة أنها سلبية. بينما أظهر مؤشر 2015 أن 34 في المائة رأوا هذه السياسة إيجابية مقابل اعتبار 54 في المائة من المستطلعين أنها سلبية. فيما كان مؤشر 2014 أشار إلى أن 37 في المائة من المستطلعين لديهم نظرة إيجابية للسياسات الخارجية الروسية مقابل اعتبار 42 في المائة أنها سلبية.
بالنسبة للسياسات الخارجية الإيرانية، فقد اعتبر 18 في المائة من المستجيبين أن هذه السياسات إيجابية، مقابل اعتبار 71 في المائة أنها سلبية، وفق مؤشر 2016. بينما أظهر مؤشر 2015 أن 28 في المائة من المستطلعين لديهم نظرة إيجابية لهذه السياسات، فيما 62 في المائة لديهم نظرة سلبية للسياسات الإيرانية. مقابل إظهار مؤشر 2014 أن 27 في المائة لديهم نظرة إيجابية للسياسات الخارجية الإيرانية، مقابل 52 في المائة لديهم نظرة سلبية.
ووصف بين 71 و80 في المائة من المستطلعين (وفق الدول) السياسات الأميركية نحو فلسطين وسورية والعراق وليبيا واليمن بأنها سيئة، كما اعتبر بين 60 و63 في المائة من المستطلعين السياسات الروسية تجاه هذه البلدان بأنها سيئة. وفي رد على السؤال نفسه اعتبر بين 61 و66 في المائة السياسات الإيرانية نحو هذه البلدان سيئة.
التهديد الإسرائيلي
أمّا بالنسبة إلى الأمن القومي العربي، فإنّ 98 في المائة من المستطلعين أفادوا بأنّ سياسات إسرائيل تهدد الأمن القومي العربي، فيما رأى 82 في المائة بأن سياسات الولايات المتحدة تهدد الأمن القومي للمنطقة. ورداً على النقطة نفسها، عبّر 73 في المائة من المستجيبين عن اعتقادهم بأن السياسات الإيرانية تهدّد أمن المنطقة واستقرارها، بينما كانت النسبة 69 في المائة في ما يتعلق بالسياسات الروسية و59 في المائة بالنسبة إلى السياسات الفرنسية. وهذا يظهر بشكل جلي أنّ الرأي العامّ يرى في إسرائيل المصدر الأكثر تهديداً لاستقرار المنطقة وأمنها.
وأظهرت نتائج مؤشر العام 2016 أنّ 86 في المائة من مواطني المنطقة العربية يرفضون الاعتراف بإسرائيل، وفسّر الذين يعارضون الاعتراف بإسرائيل موقفهم بعددٍ من العوامل والأسباب معظمها مرتبطٌ بالطبيعة الاستعمارية والعنصرية والتوسعيّة لها. وأكد المصري أنّ النتائج تُظهر أنّ آراء المواطنين الذين يرفضون الاعتراف بإسرائيل لا تنطلق من مواقف ثقافية أو دينية. وكان 85 في المائة رفضوا وفق مؤشر 2015 الاعتراف بإسرائيل، مقابل 87 في المائة وفق مؤشر 2014، والرقم نفسه لمؤشر 2012/2013، مقابل رفض 84 في المائة الاعتراف بإسرائيل وفق مؤشر 2011.
في السياق، أظهر المؤشر أن الرأي العامّ العربيّ شبه متوافق (75 في المائة) على أنّ القضيّة الفلسطينيّة هي قضيّة جميع العرب، وليست قضيّة الفلسطينيين وحدهم، بينما كان 84 في المائة من المستجيبين في استطلاع 2011 رأوا أن القضية الفلسطينية هي قضية جميع العرب.
أولويات متباينة
في سياق آخر أظهر المؤشر تفاوتاً في تقييم المستجيبين للوضع السياسي في بلدانهم حسب مؤشر 2016 مقارنةً بمؤشرات 2015 و2014 و2012/2013. فقد اعتبر 40 في المائة من المستطلعين أن الوضع السياسي في بلدانهم جيد أو جيداً جداً عام 2016 مقابل 55 في المائة اعتبروا هذا الوضع سيئاً أو سيئاً جداً. أما وفق مؤشر العام 2015، فكان 43 في المائة من المستطلعين رأوا الوضع السياسي جيداً أو جيداً جداً في ذلك العام، مقابل 52 في المائة اعتبروا الوضع سيئاً أو سيئاً جداً. فيما كان 36 في المائة من المستطلعين اعتبروا الوضع السياسي جيداً أو جيداً جداً عام 2024، مقابل 59 في المائة اعتبروه سيئاً أو سيئاً جداً ذلك العام. أما وفق مؤشر 2012/2013، فكان 39 في المائة من المستطلعين يرون الوضع جيداً أو جيداً جداً مقابل 53 في المائة يرونه سيئاً أو سيئاً جداً.
وأورد المواطنون العديد من المشاكل والتحديات التي تواجه بلدانهم، وتوافق 44 في المائة على أن أولوياتهم هي أولويات اقتصادية. فيما عبّر 20 في المائة من المستجيبين عن أن أولوياتهم تتعلق بأداء الحكومات وسياساتها مثل سياسات أنظمة الحكم أو انتكاسات التحول الديمقراطي أو ضعف الخدمات العامة وانتشار الفساد المالي والإداري. وركز 18 في المائة من المستجيبين على قضايا تتعلق بالأمن والأمان والاستقرار السياسي. وأظهرت نتائج استطلاع 2016 تراجع نسبة الذين أكدوا على الأمن والأمان مقارنة باستطلاعي 2015، و2014؛ إذ أكد نحو ثلث المستجيبين فيهما على ذلك. ووصف 41 في المائة من المستطلعين الوضع الاقتصادي لبلدانهم بأنه جيد، مقابل 57 في المائة قيّموا الوضع الاقتصادي لبلدانهم بأنه سيئ.
وكشفت نتائج المؤشر العربي أنّ الأوضاع الاقتصادية لمواطني المنطقة العربية هي أوضاع غير مرضية على الإطلاق؛ إذ إنّ 49 في المائة قالوا إنّ مداخيل أسرهم تغطّي نفقات احتياجاتهم الأساسية، ولا يستطيعون أن يدخروا منها، وأفاد 29 في المائة من الرأي العامّ أنّ أسرهم تعيش في حالة حاجةٍ وعوز، إذ إنّ مداخيلهم لا تغطّي نفقات احتياجاتهم، فيما 20 في المائة فقط من المستطلعين قالوا إن دخل الأسرة يغطي النفقات ويستطيعون أن يوفّروا منه. ووفق المؤشر تلجأ 53 في المائة الأسر المعوزة إلى الاستدانة، إمّا من معارفَ وأصدقاء أو مؤسّسات بنكية وماليّة، بينما تعتمد 20 في المائة من الأسر المعوزة على معوناتٍ من الأصدقاء والأقارب، و9 في المائة تعتمد على معونات جمعيات خيريّة ومعونات حكوميّة؛ ما يعني أنّ أطر التكافل الاجتماعي التقليدي ما زالت أقوى من إطار المعونة المؤسسيّة.
وأفاد المواطنون بأن أولوياتهم في استطلاع المؤشر لعام 2016، هي أولويات اقتصادية (بطالة وفقر وارتفاع الأسعار) وبنسبة 44 في المائة. فيما أفاد 18 في المائة من المستجيبين بأن أولوياتهم مرتبطة بقضايا متعلقة بالأمن والأمان والاستقرار السياسي. بينما أورد 20 في المائة من المستجيبين أن أولوياتهم متعلقة بأداء الحكومات وسياساتها، مثل الحكم وسياساته، والتحول الديمقراطي، وضعف الخدمات العامة، والفساد المالي والإداري.
ووفق الاستطلاع، فإن 24 في المائة من مواطني المنطقة العربية يرغبون في الهجرة، ودافعهم الأساسي هو من أجل تحسين الوضع الاقتصادي. إلا أنّ نحو خُمس المستجيبين الذين يرغبون في الهجرة قالوا إنّ دافعهم هو عدم الاستقرار الأمني. عند تحليل أسباب الهجرة التي ذكرها المستجيبون الراغبون في الهجرة بالتقاطع مع بلد المستجيب؛ يتبيّن أن 95 في المائة من الأردنيين، والجزائريين، والموريتانيين الراغبين في الهجرة أشاروا إلى أسباب اقتصادية، في حين أنّ نحو ثلثي العراقيين وثلث اللبنانيين وربع الفلسطينيين و11 في المائة من المصريين الراغبين في الهجرة أفادوا بأنّ الدوافع أمنية.
استخدام الإنترنت
في سياق آخر، أظهر مؤشر 2016 تزايد استخدام الإنترنت، إذ أفاد 61 في المائة من المستجيبين بأنهم يستخدمون الإنترنت، مقابل 37 في المائة قالوا إنّهم لا يستخدمون الإنترنت، بينما كان مؤشر 2014 أظهر أن 48 في المائة لا يستخدمون الإنترنت بينما كان 55 في المائة من المستطلعين لا يستخدمون الإنترنت بتاتاً وفق مؤشر 2012/2013. ووفق المؤشر، فإن 82 في المائة من مستخدمي الإنترنت لديهم حساب على "فيسبوك"، و33 في المائة لديهم حساب على "تويتر" و32 في المائة لديهم حسابات على "إنستغرام".
ويقوم 70 في المائة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي باستخدامها للحصول على أخبار ومعلومات سياسية، و33 في المائة يستخدمونها بشكل يومي لأكثر من مرة، فيما 68 في المائة من أصحاب الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي يستخدمونها للتعبير عن الرأي العام في أحداث سياسية، و19 في المائة يستخدمونها يومياً أو عدة مرات في اليوم، و51 في المائة يستخدمونها للتفاعل مع قضايا سياسية.
بالنسبة لدرجة التدين، أظهرت النتائج أنّ مواطني المنطقة العربيّة منقسمون إلى ثلاث كتل؛ الكتلة الأكبر هي التي وصفت نفسها بأنها متديّنة إلى حدٍ ما وبنسبة 65 في المائة، أما الكتلة الثانية فهي التي أفاد المستجيبون فيها بأنهم "متدينون جداً" (20 في المائة)، بينما قال 11 في المائة إنهم "غير متديّنين" و1 في المائة هم "غير مؤمنين". وترفض أغلبية الرأي العامّ تكفير من ينتمون إلى أديان أخرى أو من لديهم وجهات نظر مختلفة في تفسير الدين. كما تشير النتائج إلى أنّ أكثريّة المواطنين لا تميز في التعامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي سلباً أو إيجاباً بين المتديّنين وغير المتديّنين. كما أنّ أغلبية الرأي العامّ ترفض أن يؤثّر رجال/ شيوخ الدين في قرارات الحكومة أو في كيفية تصويت الناخبين. وترفض الأكثرية أن تقوم الدولة باستخدام الدين للحصول على تأييد الناس لسياساتها، كما ترفض أن يستخدم المرشّحون للانتخابات الدين من أجل كسب أصوات الناخبين. وكشفت بيانات المؤشر العربي أن الرأي العام في المنطقة العربيّة منقسمٌ بخصوص فصل الدين عن السياسة. فقد وافق 83 في المائة من المستطلعين في لبنان على فصل الدين عن السياسة، وتلا ذلك المستطلعون في تونس والعراق. بينما كان المستجيبون في فلسطين الأكثر رفضاً لفصل الدين عن الدولة. وفي النتيجة العامة، بدا أن الرأي العامّ في المنطقة العربيّة منقسمٌ على نحوٍ متقارب في مسألة فصلِ الدين عن السياسة، مع انحياز طفيف إلى فصل الدين عن السياسة، إذ أيّد ذلك 53 في المائة، مقابل معارضة 41 في المائة.