تواصل المؤسسة الأمنية في إسرائيل التحريض ضد فلسطينيي الداخل من خلال تسريب تقديرات بأنها تتوقع أن ينخرط فلسطينيون من الداخل في عرقلة نقل القوات والعتاد العسكري والرشق بالحجارة، في حال اندلاع حرب على الجبهة الشمالية مع "حزب الله"، أو على الجبهة الجنوبية مع حركة حماس.
وتطلق المؤسسات الأمنية والعسكرية "تحذيرات" بأنه في حال اندلاع حرب قادمة، فإن المواجهات مع الفلسطينيين، وتحديدا في المدن الساحلية التاريخية (عكا واللد والرملة) ستكون أعنف وأشد بكثير مما حدث خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما رافقه من مظاهرات احتجاجية في بلدات الداخل الفلسطيني، والتي بدأت أصلا تضامنا مع حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، وسرعان ما تحولت إلى مواجهات مع عناصر من اليمين الإسرائيلي في هذه المدن.
وقد انضمت اليوم صحيفة "يسرائيل هيوم" إلى التحريض على الداخل الفلسطيني، معتمدة على تسريبات حول الفرضية السائدة لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من احتمالات اشتعال مواجهات في بلدات الداخل الفلسطيني والمدن الساحلية التي تطلق عليها إسرائيل اسم "المدن المختلطة". وكان تقرير مشابه قد نُشر أيضاً في صحيفة "هآرتس" بعنوان "إدراج العرب في حسابات الجيش للمعركة القادمة".
وحسب تقرير المحلل العسكري، يو إف ليمور، لقناة "3" الإسرائيلية، فإن الاستعدادات التي اتخذها الجيش الإسرائيلي والشرطة الإسرائيلية غير كافية، ولا يمكن لها أن تؤمّن تعاملا كافيا لحل سيناريو اندلاع مواجهات في الجبهة الداخلية.
وقال القائد السابق لوحدة مكافحة الإرهاب في الشرطة الإسرائيلية، والنائب السابق للمفتش العام للشرطة زوهر دفير، للقناة "3" إن التقديرات الإسرائيلية تتطرق إلى عمليات مثل تشويش حركة القوات العسكرية، والتسلل لقواعد الجيش الإسرائيلي، وأعمال عنف في "المدن المختلطة" وإلحاق أضرار بالأملاك العامة والخاصة".
وزعم دفير أن أسوأ السيناريوهات قد تتجلى باندلاع حرب "مليشيات عربية" بأخرى يهودية، لافتاً إلى أن الانتقال من استعمال السلاح المتوفر لدى فلسطينيي الداخل، في مجموعات جنائية، لأغراض قومية سهل للغاية.
وتعكس التحذيرات التي تسربها المؤسسة الإسرائيلية من حين لآخر للصحف المختلفة حقيقة الموقف العدائي المتأصل للفلسطينيين في الداخل، واستغلال الغطاء المهني، لتبرير اتباع خطوات وسياسات هدفها التمهيد لقمع الفلسطينيين وحرمانهم حتى من حرية الاحتجاج والتظاهر، تحت مسمى الحفاظ على الأمن العام وخاصة في ساعات التصعيد العسكري.
وكانت هذه التحذيرات والسيناريوهات قد أُطلقت لأول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، عندما أعلن قائد قسم التخطيط اللوجستي في جيش الاحتلال، الجنرال يتسحاق ترجمان، قُبيل إنهاء خدمته العسكرية، أن الجيش الإسرائيلي لا يعتزم في حال اندلاع تصعيد عسكري مستقبلي نقل القوات المقاتلة وقوات الدعم اللوجستي عبر محاور الطرق الرئيسية التي تمر من قلب أو بمحاذاة بلدات عربية، ذاكرا على نحو خاص منطقة وادي عارة.
وذكر ترجمان أيضا أن الجيش شق طرقا ترابية بديلة، قريبة من البلدات العربية البدوية في النقب، التي قد يستخدمها الجيش لنقل قواته إلى الجبهة الجنوبية مع قطاع غزة.
في غضون ذلك، وضع الجيش خططا لنقل قوات من حرس الحدود والجيش لنشرها داخل البلدات والمدن الإسرائيلية حتى يتسنى وضعها على أهبة الاستعداد لتدخل سريع في البلدات الفلسطينية في الداخل.
وفي هذا السياق، أقر الكنيست الإسرائيلي في ديسمبر/كانون الأول الماضي تعديلا لقانون الخدمة في قوات الأمن، يسمح بنقل قوات عسكرية ونشرها في المدن والبلدات الإسرائيلية، وتفويضها هي الأخرى بعمليات "ضبط النظام العام " و"محاربة الشغب"، من دون حاجة لتأهيل هذه القوات للتعامل مع السكان المدنيين، كما أتاح تعديل قانون آخر للجيش ومصلحة السجون بتجنيد جنود من قوات الاحتياط والقوات النظامية لتأمين وحراسة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وكشفت القناة الإسرائيلية "12" في 14 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن مفتش الشرطة العام اقترح على رئيس الحكومة تخصيص 350 عنصرا جديدا ستزوَّد بهم الشرطة لتأمين الوضع الداخلي في المدن المختلطة". وبموازاة ذلك، كشف موقع "معاريف"، أن أفراد مركز الشرطة في مدينة اللد التاريخية، التي يشكل الفلسطينيون نحو ثلث سكانها، قد أجروا مؤخراً تدريبات "لمحاربة الإرهاب"، وهو ما كان يقتصر على وحدات في حرس الحدود ووحدات مكافحة الإرهاب في جيش الاحتلال.