شكّل كلام وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر، أن وزارته لم تعثر حتى الآن سوى على 60 "سورياً معتدلاً" جرى تدريبهم لقتال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، مفاجأة كبيرة، وأصاب أعضاء لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، التي كان يتحدث كارتر أمامها، بخيبة أمل كبيرة.
ولم يكن الوزير الأميركي ليكشف عن هذا السر الذي وصفه بعض المراقبين بالفضيحة، لولا أنه كان يتحدث، تحت القسم، مجيباً عن أسئلة رئيس اللجنة السيناتور البارز جون ماكين، الذي أعرب على الفور عن خيبة أمله، قائلاً إن هذا الرقم مثير للإحباط، إذ إن الهدف المعلن هو تدريب ما لا يقل عن خمسة آلاف عنصر سوري ممنّ تسميهم الولايات المتحدة بـ"المعتدلين"، في برنامج رصدت له موازنة تزيد عن نصف مليار دولار.
وبرّر وزير الدفاع الأميركي هذا التباطؤ في التدريب بعمليات التدقيق في اختيار المتقدمين الراغبين، وهو ما يعني أن البنتاغون وجد نفسه أمام حقيقة مرّة وهي أن أغلبية عناصر المعارضة يرغبون في قتال نظام الرئيس السوري بشار الأسد، في حين أن وزارة الدفاع الأميركية لا ترغب إلا في قتال تنظيم "داعش" ولا يعنيها أمر الأسد في هذه الآونة إن لم يكن من مصلحتها بقاؤه في السلطة.
غير أن ماكين من خلال موقعه كرئيس للجنة القوات المسلّحة، بدا مطلعاً على دقائق الأمور، وأبلغ كارتر أن برنامج التدريب لن ينجح ما لم تضمن الولايات المتحدة للمتدربين السوريين بأنها ستحميهم من نظام الأسد.
وأقر كارتر من جهته أن مثل هذا الضمان لم يُقدّم بصورة واضحة. وبما أن ماكين ينتمي للحزب الجمهوري، فإنه لا يخشى تقديم ضمانات قد تؤدي في نهاية المطاف إلى مواجهة بين الولايات المتحدة والنظام السوري، في حين أن وزير الدفاع يمثّل إدارة أوباما الديمقراطية التي لا ترغب بمواجهة مع نظام الأسد، ويتردد في بعض الأوساط السياسية أن الإدارة الأميركية مقيّدة بتفاهمات مع إيران على بقاء النظام السوري من أجل منع متطرفي "داعش" من السيطرة على كامل سورية.
اقرأ أيضاً: انسحاب مقاتلين سوريين من برنامج التدريب الأميركي التركي
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما، قد استبق استجواب مجلس الشيوخ لوزير الدفاع الأميركي، فزار البنتاغون يوم الإثنين للتأكيد على أهمية دعم "المعارضة المعتدلة" في سورية. وشدد أوباما على أن وزارة الدفاع الأميركية تحتاج لفعل المزيد لمنع هجمات تنظيم "داعش" وإجهاض مساعيه لتجنيد أتباع. وفي الوقت الذي أقر فيه أوباما بصعوبة منع الهجمات الفردية داخل الولايات المتحدة، فقد قال إن أجهزة بلاده الدفاعية نجحت في منع هجمات كبيرة شبيهة بهجمات سبتمبر/أيلول 2001. وقال أوباما إن إدارته ستواصل تعقّب عمليات التمويل غير المشروعة لـ"الدولة الإسلامية" في العالم، معلناً أنه لا توجد في الوقت الحالي خطط لإرسال قوات أميركية إضافية إلى الخارج، مضيفاً أن القتال ضد "داعش" لن يُحسم سريعاً.
وأكد أوباما مجدداً أنه بتوفر شريك قوي على الأرض ستنجح الولايات المتحدة وحلفاؤها في هزيمة "داعش"، مضيفاً: "لقد أوضحت للمساعدين لي أننا سنحتاج لمزيد من التدريب للمعارضة المعتدلة في سورية وتوفير المعدات لها"، لكنه لم يقدّم تفاصيل عمّا قد تفعله الولايات المتحدة في هذا الصدد.
وأشار إلى تهديدات أصغر حجماً في الولايات المتحدة، مؤكداً الحاجة لفعل المزيد لمنع "الدولة الإسلامية" من تجنيد أتباع في الأراضي الأميركية، مضيفاً: "جهودنا لمكافحة التطرف العنيف يجب ألا تستهدف أي فئة بعينها بسبب عقيدتها أو خلفيتها، وبينهم الأميركيون المسلمون الوطنيون وهم شركاؤنا في حفظ أمن هذا البلد".
كلام أوباما لاقى انتقاداً من الجمهوريين، الذين قالوا إنه ليس لديه استراتيجية ناجحة. واعتبر السيناتور توم كوتون "أن عبارات أوباما الفضفاضة لا تتماشى مع الواقع، فعلى مدى العام الماضي قام تنظيم الدولة الإسلامية بتوسيع نطاق عملياته بشكل مطرد ونفوذ الجماعة ما زال يتزايد، ولن نهزم جيشاً جهادياً راديكالياً بمزيد من البيروقراطيين في العاصمة واشنطن ومن دون تمويل لجيشنا على خطوط الجبهة".
من جهة ثانية، تزايدت التوقعات في واشنطن بأن يتم تعيين القنصل الأميركي العام في القدس المحتلة، مايكل راتني، في منصب مبعوث أوباما إلى سورية، خلفاً لدانيال روبنشتاين، الذي تم تعيينه سفيراً في تونس. وكان راتني، الذي يجيد العربية، قد عمل كذلك في بغداد وبيروت والدوحة، قبل تعيينه في القدس في يوليو/ تموز 2012. كما أن زوجته كارين ساساهارا تشغل حالياً منصباً دبلوماسياً في صنعاء. وشغل راتني قبل تسلّمه لمهامه في القدس، منصب مساعد نائب وزير الخارجية للإعلام الدولي، وقبل ذلك متحدثاً باسم مكتب وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى.
اقرأ أيضاً: انطلاق تدريب المعارضة السورية: تسليح محدود ومهمة محصورة