القضاة التونسيون يجددون تحذيرهم من تدخلات السلطة التنفيذية

27 مايو 2023
من وقفة احتجاجية سابقة لقضاة تونسيين (Getty)
+ الخط -

أصدر القضاة التونسيون، مساء اليوم السبت، لائحة عن المجلس الوطني لجمعية القضاة التونسيين، بدعوة من المكتب التنفيذي، "في هذا الظرف الدقيق من الأزمة المتواصلة التي استهدفت القضاء بعد إقرار التدابير الاستثنائية من قبل رئيس الجمهورية (قيس سعيّد) والتي عصفت بكل مكتسبات السلطة القضائية واستقلاليتها، والتي من نتائجها تدخل السلطة التنفيذية في عمل القضاء، في ظل جو خطير من مضايقة القضاة وتهديدهم".

وأورد البيان أنه "بعد استحضارهم مجزرة إعفاء القضاة من طرف رئيس الجمهورية بتاريخ 1 يونيو/ حزيران 2022، وعدم إذعان السلطة التنفيذية للأحكام القضائية الصادرة عن المحكمة الإدارية منذ شهر أغسطس/ آب 2022 لفائدة 49 من القضاة المشمولين بأمر الإعفاء، في خرق صارخ للقانون والتزامات الدولة التونسية باحترام استقلال القضاء وأحكامه، وإذ يؤكّدون بحضورهم على وحدتهم واصطفافهم حول مطالبهم المشروعة في إرساء سلطة قضائية مستقلة في هذه المرحلة الحاسمة والفارقة في تاريخ القضاء التونسي، فإنّهم، يهنّئون رئيس جمعية القضاة التونسيين، أنس الحمادي، على شرف نيله لجائزة (مسيرة الألف رداء قضائي) من الاتحاد الدولي للقضاة، كاعتراف بنضالاته من أجل الدفاع عن استقلال القضاء وبتضحياته من أجل دعم ومساندة القضاة التونسيين الذين تمّ إعفاؤهم بشكل ظالم".

وجدد القضاة "رفضهم لكل الإجراءات التي استهدفت القضاء ونزعت منه صبغة السلطة المستقلّة وجعلته مجرّد وظيفة، في تبعية كاملة للسلطة التنفيذية، بما يشلّ من قدرته على حماية الحقوق والحريات وفي الاضطلاع بدوره في تأمين المحاكمة العادلة، مثلما تقتضيه مقوّمات دولة القانون في المجتمع الديمقراطي".

وعبّروا عن "استنكارهم عدم الإعلان عن الحركة القضائية لسنة 2022/ 2023 إلى حدّ اليوم، في سابقة خطيرة في تاريخ القضاء التونسي وما انجرّ عن ذلك من حرمان القضاة من حقهم في النقلة والترقية وتولّي الخطط القضائية، في تجاهل تامّ لحقوقهم المهنية والمادية وتعطيل سدّ الشغورات بالمحاكم، مما أثر سلباً على حقوق المتقاضين وحرياتهم وعلى حسن البت في القضايا في الآجال المعقولة، في ظل غياب أية معلومة رسمية مؤسّسية حول أسباب عدم إصدار الحركة القضائية في موعدها". 

وجدّد القضاة "رفضهم المطلق تعمّد وزيرة العدل (ليلى جفال) التدخّل في عمل النيابة العمومية في عديد من المحاكم وتوجيه أعمالها، بشكل غير مشروع، في استحواذ خطير على صلاحيات السلطة القضائية وبسط هيمنتها عليها، في ظل مناخ من التهديد والترهيب".

ونبّهوا إلى "خطورة ما يقع تداوله في الوسط القضائي وفي عدد من وسائل الإعلام من أخبار مفادها إصدار وزيرة العدل مذكّرات تعيين لقضاة في خطط قضائية عليا، في شبه حركة جزئية وفي استعادة لتحكّم السلطة التنفيذية في المسارات المهنية للقضاة وما يترتّب عن ذلك من مساس خطير باستقلاليتهم وحيادهم، وبقصد التأثير المباشر من وزيرة العدل في تلك المواقع القضائية، ويطالبون المجلس الأعلى للقضاء المؤقت بإصدار التوضيحات المستوجبة ممّا يحصل وإبداء موقف من ذلك". 

وطالبوا المجلس أيضاً بـ"إصدار مشروع الحركة القضائية لسنة 2023-2024 في وقت مبكّر، بما يمكّن القضاة من التمتّع بحقوقهم في الترقية والنقلة وتقلّد الخطط القضائية وسدّ الشغورات، وفقاً للمعايير القانونية ودون تمييز وإدراج القضاة المعفيين في الحركة، تنفيذاً لأحكام المحكمة الإدارية". 

ودعا البيان رؤساء الدوائر القضائية بالمحكمة الإدارية المتعهدين بالنظر في دعاوى القضاة المعفيين إلى "الإسراع في البتّ فيها في كنف الحياد والاستقلالية المعهودة لديهم"، كما استنكروا "التأخير الكبير في تسمية الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات، وما لذلك من تداعيات على حسن سير المحكمة وممارستها وظائفها الرقابية والقضائية على حسن التصرف في المال العام".

وسجّل القضاة "ارتكاب جملة من الخروقات القانونية والإجرائية الجسيمة في ملفات القضاة المعفيين من قبل عدد من قضاة النيابة العمومية تحت سلطة وتعليمات وزير العدل، والتي تعكس إصراراً على استهدافهم والتنكيل بهم ونزع الضمانات القانونية عنهم".

ودعوا إلى "إعادة بناء مقومات السلطة القضائية ومؤسساتها المستقلة ويطالبون بوضع الآليات الكفيلة بحماية القضاة في هذه الظروف من الضغوطات والتهديدات المتزايدة، استبقاء على دورهم في حماية الحقوق والحريات".

وجددوا دعوتهم "جميع القضاة في هذه الأوقات العصيبة لمزيد من التمسك باستقلاليتهم وحيادهم في ممارسة مهامهم القضائية بكامل الحياد والنزاهة دون الخضوع لأي ضغوطات من أي جهة كانت".

وعبّر القضاة عن "مساندتهم المطلقة لزملائهم المعفيين ويفوّضون المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين بتحديد أشكال وتوقيت التحركات المناسبة تبعاً للقرارات التي ستتخذها هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين، كما يفوضونه باتخاذ القرارات والأشكال النضالية المناسبة بحسب تطور الأوضاع".

المساهمون