اتهم وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، الجيش التركي بـ"ارتكاب عدوان ضد أراضي العراق وسيادته وحياة مواطنيه، بقصف مدفعي عنيف على العوائل العراقية أثناء تواجدها في مصيف برخ في محافظة دهوك، والذي تسبب في استشهاد تسعة مدنيين، بينهم طفلة، وجرح 33 آخرين".
وأضاف: "نطالب مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار يلزم تركيا بسحب قواتها العسكرية من كافة الأراضي العراقية، حيث وجودها غير شرعي، ولا يوجد اتفاق أمني أو عسكري بهذا الخصوص، ووجودها سيؤدي إلى زعزعة الوضع الأمني وخلق حالة عدم استقرار". كما طالب مجلس الأمن الدولي في نيويورك بتشكيل فريق تحقيق دولي مستقل، للتحقيق في الهجمات.
وشدد حسين على ضرورة "إدراج بند الحالة بين العراق وتركيا على أجندة مجلس الأمن. وإلزام الحكومة التركية بدفع التعويضات الناجمة عن وقوع الضحايا وما نجم عن القصف من تضرر للاقتصاد". وقال الوزير العراقي: "كما نطالب المجلس بتوجيه إدانة قوية والعمل على مساءلة منفذي الهجوم".
وأعرب عن ترحيب بلاده بالبيان الصادر عن مجلس الأمن، والذي ندد بالهجمات. وأدان بـ"أشد العبارات العدوان الصارخ الذي ارتكبه الجيش التركي بحق الأبرياء والممتلكات المدنية، والذي يشكل عدواناً عسكرياً على سيادة العراق وأمنه وسلامة أراضيه، وإخلالاً وتهديداً للسلم الدولي والأمن". واعتبره خرقاً للقانونين الدولي والدولي الإنساني ومبادئ الأمم المتحدة.
وجاءت تصريحات الوزير العراقي خلال اجتماع طارئ عقده مجلس الأمن الدولي في نيويورك حول هجمات دهوك. وجاء الاجتماع، والذي تليه مشاورات مغلقة، بطلب من الإمارات، العضوة العربية في المجلس، بعدما كان العراق قد بعث رسالة إلى المجلس في 22 يوليو/تموز الحالي، دعا فيها المجلس لنقاش هجوم محافظة دهوك بإقليم كردستان العراق.
كما تطرق الوزير العراقي لتشكيل لجنة وطنية للتحقيق. وأكد أنها جمعت "الأدلة من موقع الاعتداء، تضمّنت شظايا مقذوفات المدفعية الثقيلة من عيار 155 مليم، والتي يستخدمها الجيش التركي في المنطقة المحيطة". وقال الوزير العراقي إن تركيا مستمرة بتجاهل مطالبات بلاده بسحب قواتها من الأراضي العراقية. وتحدّث حسين عن تسجيل بلاده أكثر من 22 ألف انتهاك تركي وخرق للسيادة العراقية منذ عام 2018، كما قدّمت بلاده أكثر من 296 مذكرة احتجاج رسمية للخارجية التركية ضد التدخلات التركية في العراق منذ عام 2018.
وأكد أن بلاده قدمت ثماني رسائل لمجلس الأمن والأمين العام في هذا الصدد. وتحدث عن أن بلاده سبق أن توجّهت للمجلس عام 2015 بسبب التوغلات التركية. وقال إن بلاده تتقدم الآن بشكوى ضد تركيا، وندّد بـ"التواجد غير الشرعي، وحذّر من استمرار السلوك العدواني للجيش التركي، والذي يدفع الأمور إلى ما لا تُحمد عقباه وسط حال من الغضب الشعبي العارم".
وجدد شجبه لقرار البرلمان التركي "لتمديد تخويل وجود قواته في العراق لمدة سنتين". وأكد أن بلاده متمسكة بحل الخلافات عبر القنوات الدبلوماسية والحوار. ودعا مجلس الأمن "بموجب المادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة إلى ممارسة مسؤولياته في صيانة السلم والأمن الدوليين، من خلال إصدار قرار عاجل يلزم تركيا بسحب قواتها العسكرية المحتلة من كامل الأراضي العراقية، بإشراف كامل من المجلس وتحميلها تبعات ذلك".
أهم ما تحدث به وزير الخارجية فؤاد حسين@Fuad_Hussein1 في جلسة مجلس الأمن الطارئة بشأن الاعتداء التركي على محافظة دهوك
— وزارة الخارجية العراقية (@Iraqimofa) July 27, 2022
وزير الخارجيَّة: العراق يرحب ببيان مجلس الأمن للتنديد بالاعتداء التركي الصارخ.
وزير الخارجيَّة: الجيش التركي ارتكب عدواناً ضد أراضي وسيادة العراق وحياة مواطنيه. pic.twitter.com/Jer3otHNs9
ثم قال: "سنسمع من الجانب التركي مسوغات غير قانونية، وحججاً لا أساس لها، مرتبطة بمشكلة داخلية تركية متصلة بحزب العمال الكردستاني التركي، ومزاعم وجود اتفاق مع العراق يسمح بالتواجد العسكري التركي داخل الأراضي العراقية لمعالجة هذه المشكلة التركية". وأضاف: "وسيكرر المندوب التركي استخدامه غير القانوي للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة في تبرير لتصرفات بلاده في انتهاك السيادة العراقية". وشدد على أنه لا يوجد أي اتفاق أمني بين العراق وتركيا بشأن السماح للقوات التركية بالتوغل داخل الأراضي العراقية لمطاردة حزب العمال الكردستاني. وقال إن بلاده ترفض "نهج تركيا بتصدير مشكلاتها الداخلية إلى العراق وعلى حسابه".
وختم الوزير العراقي بإعراب "العراق عن استعداده الكامل للعمل مع الأمم المتحدة والدول الأخرى المعنية، من أجل إخراج عناصر حزب العمال الكردستاني التركي من الأراضي العراقية، لأن وجودها يسبب زعزعة الأمن وخلق حالة عدم استقرار في العراق".
بدوره، نفى نائب السفير التركي للأمم المتحدة، أن تكون بلاده مسؤولة عن تلك الهجمات. وتحدث عن عرض بلاده التعاون، واتخاذ كافة الخطوات اللازمة من أجل التوصل للحقيقة. وقال إن "ردة فعل (مسؤولين في) السلطات العراقية لدعوتنا من أجل التعاون؛ تنوّعت بحسب الانتماءات السياسية في البلاد، بعضهم كانوا على الصفحة نفسها، وأرادوا معرفة الحقيقة، وعبروا عن إيمانهم بأهمية العلاقات الثنائية بين العراق وتركيا، ونشكر (هؤلاء المسؤولين) وتوجههم المتعلق بأهمية المساءلة. أما مسؤولون عراقيون آخرون فقد فضلوا التصعيد، وبعثوا رسائل عبر وسائل الإعلام أججت الأجواء". وقال إن بلاده تحترم سيادة ووحدة تراب الأراضي العراقية، وأضاف: "إن سيادة الأراضي العراقية يتم خرقها من قبل المنظمات الإرهابية". وتحدث عن أن "التحكم التام في بعض المناطق، ورفع الأعلام، وجبي الضرائب هي من بين الوظائف التي تمثل سيادة دولة على أراضيها. إن كانت هذه الوظائف ليست تحت سيطرة أو تحكم الدولة الكامل فكيف لنا أن نتحدث عن ممارسة فعل السيادة". وادعى أن عناصر حزب العمال الكردستاني ترفع علمها في بعض أقاليم العراق في الشمال، وتسيطر على نقاط تفتيش، وتجبي الضرائب. وقال إن الحزب يتحكم بقرابة 800 قرية في شمالي العراق، تم إخلاؤها ويسيطر عليها.
وقبل أن ينتهي الاجتماع بدقائق، طلب المندوب التركي الكلمة مجدداً، وقال: "وصلتنا قبل دقائق أنباء عن شن هجمات بأربع قذائف هاون على القنصلية التركية في العراق. هذه هجمة صارخة ومثال على عدم قدرة السلطات العراقية على السيطرة على زمام الأمور في أراضيها".
وأخذ الوزير العراقي الكلمة مجدداً وقال: "سنتحقق من صحة الخبر الذي ذكره المندوب التركي، ولكن إن صحت تلك الأنباء، فإننا ندين أي هجمة على القنصلية التركية ونستنكرها.. وسنقوم بالتحقيق، ومن واجبنا أن نحمي البعثات الدبلوماسية والدبلوماسيين. ولكن هذا يدل كذلك على أن الهجمات التي حدثت في السابق تؤدي إلى ردود فعل".
وكان مجلس الأمن الدولي قد أصدر بياناً صحافياً، الإثنين، ندد فيه بأشد العبارات بالهجوم، وحث جميع الدول الأعضاء على التعاون مع تحقيقات الحكومة العراقية، وأكد على وحدة الأراضي العراقية وسلامتها.