العراق: عودة لتهديد الشركات الأجنبية بعد عجز عن قصف المصالح الأميركية

01 نوفمبر 2020
تمثل الجماعات المسلحة المرتبطة بإيران تحدياً حقيقيا أمام فرض سلطة الحكومة العراقية (Getty)
+ الخط -

بعد يوم واحد من خطاب تصعيدي لفصائل عراقية، ضد الوجود الأميركي في البلاد، والذي عدّه مراقبون تهديدات غير قابل للتنفيذ بالوقت الحالي، مع استمرار الهدنة التي سبق أن أعلن عنها مطلع الشهر الماضي، لجأت تلك الفصائل مجدداً إلى تهديد الشركات الأجنبية العاملة في العراق، ومنعها من توقيع عقود استثمارية، محاولة فرض إرادتها عليها.
ووسط مطالبات باتخاذ خطوات حكومية للسيطرة على الفصائل المنفلتة، حذّر مسؤولون من تأثير تلك التهديدات على مصالح البلاد.

واكتفت الفصائل الموالية لإيران، خلال الشهر الماضي، بالتهديدات ضد المصالح الأميركية، بعدما أوقفت قصفها، خشية من ردود فعل أميركية بغلق السفارة وقصف مقار الفصائل.

واليوم الأحد، أعلنت مليشيا "النجباء"، إحدى أبرز الجماعات المسلحة المرتبطة بطهران، رفضها تجديد الحكومة للعقد مع شركة "سيركو" البريطانية، التي تعمل في الملاحة الجوية في البلاد، وقالت في بيان لها، إننا "سنواجه وبحزم أية محاولة لتجديد عقد الشركة البريطانية، المهيمنة على أجواء العراق".

 

وأكدت أن "في العراق كوادر وطنية مدربة وكفؤة وجاهزة للعمل، ولسنا بحاجة للأجنبي"، معتبرة أن "تجديد العقد يعد شرعنة لاحتلال بريطاني للعراق طويل الأمد، وهذا ما لا نسمح به".

وأكد نائب الأمين العام للمليشيا، نصر الشمري، في تغريدة له، أن "سنجار لكاك مسعود، صحراء الجزيرة من الأنبار مروراً بكربلاء والنجف والسماوة إلى البصرة للسعودية، الأجواء وسلطة الطيران إلى بريطانيا.. وكل هذا بفرض السفارة الأميركية وتدخلها، هكذا يباع الوطن بالمزاد العلني".

 

في حين حذّر عضو لجنة الأمن في البرلمان السابق، حامد المطلك، من خطورة "السلاح المنفلت الذي لا يخضع لسيطرة الدولة"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "تلك الفصائل تختلف وتتعارض مع ما تقتضيه مصالح الدولة، وأن عدم اعترافها بسلطة الدولة يدفعها لتنفيذ ما يناسبها من أجندات".

وأكد أن "هذه الفصائل تعمل وفق مصالحها الخاصة، لأنها تعتمد أساساً على مبدأ الكسب غير المشروع، وأن قوتها ناتجة عن هذا الكسب، كما أنها تريد زعزعة الثقة بالحكومة وخلق نوع من الفوضى لتحقيق تلك المكاسب". وأشار إلى أن "هذا التوجه سيؤثر كثيراً على عمل الشركات، ويزعزع ثقة المستثمرين بالعمل في العراق، كما أنها (التهديدات) تعطي تلك الشركات انطباعاً بعدم سيطرة الحكومة على البلاد، وبالنتيجة سيتوقف العمل في البلاد، وينعكس ذلك على مفاصل الدولة".

يمثل الاعتراض رسالة سيئة للجهات التي ترغب بالاستثمار والعمل في العراق، إذ تسعى تلك الميليشيات لحصر الاستثمار بإيران

 

من جهته، حمّل عضو في لجنة الأمن بمجلس محافظة بغداد، الحكومة، مسؤولية توفير الأمن للشركات العاملة في العراق، وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "تهديد الشركات ومحاولة فرض الإرادات على عقود الحكومة، يمثل خروجاً واضحاً على القانون، وأن سكوت الحكومة عن ذلك، وعدم اتخاذها أي قرار، يمنح تلك الفصائل فرصة استغلال ذلك لتحقيق أجنداتها".

وشدد على "ضرورة أن تتعاطى الحكومة قانونياً مع أي جهة تهدد مصالح البلاد واستثماراتها، ضماناً لتسيير عمل الحكومة، سيما في الظرف الراهن والأزمة المالية التي تمر بها البلاد".
مشيراً إلى أن "الفصائل ستبذل جهدها لفرض إرادتها على الشركات الأجنبية، سيما بعدما عجزت عن قصف المصالح الأميركية، خوفاً من ردة فعل واشنطن تجاهها، الأمر الذي يحتم على الحكومة بسط قوتها على تلك الفصائل، والعمل على حماية الشركات الأجنبية العاملة في البلاد".

 

في المقابل، اعتبر الخبير بالشأن الأمني العراقي أحمد النعيمي، سكوت الحكومة على مثل هذه التدخلات من قبل المليشيات بأنها نذر خطر كبير، وأضاف النعيمي في حديث لـ"العربي الجديد" بأن اعتراض مليشيا النجباء على عقد ملاحة لشركة أجنبية يتزامن مع اعتراض مليشيا العصائب على استثمار سعودي بقطاع الزراعة، وأيضاً تهديدات وصلت لشركتين عربيتين تعملان ببغداد، تمثل جميعها تحدياً خطيراً أمام الحكومة"، معتبراً أنها رسالة سيئة في الوقت ذاته أمام جهات أخرى ترغب بالاستثمار والعمل في العراق، إذ تسعى تلك المليشيات لحصر تلك الاستثمارات بجهة واحدة، وهي إيران".

وأمس السبت، أعلنت الشرطة العراقية تضرر مقر شركة الخطوط الجوية الإماراتية بتفجير نفذ بواسطة عبوة ناسفة في حي الكرادة الراقي وسط بغداد، تسبب بأضرار مادية في مقر الشركة، إضافة إلى إصابة مدني بجروح، دون أن تتهم أي جهة بالوقوف وراء الاعتداء.

المساهمون