العراق: عودة المحكمة الاتحادية العليا تحت رحمة التوافقات السياسية

13 ديسمبر 2020
لا مؤشرات على قرب حسم البرلمان لقانون المحكمة (Getty)
+ الخط -

يدخل الجدل حول قانون المحكمة الاتحادية في العراق شهره الرابع على التوالي، من دون أي مؤشرات على قرب حسم البرلمان لقراءة القانون والتصويت عليه، لتعود المحكمة إلى حيز العمل بما يسمح بإجراء الانتخابات المبكرة، المقرر إجراؤها في السادس من يونيو/حزيران العام المقبل.

وتعد المحكمة الاتحادية في العراق أعلى سلطة قضائية في البلاد. وبحسب الدستور، تتولى الفصل في النزاعات في القضايا الاتحادية، وتسلّم الاعتراضات والطعون في القرارات الصادرة من الرئاسات الثلاث (رئاسات البرلمان والجمهورية والحكومة)، فضلا عن المصادقة على نتائج الانتخابات التشريعية، ما يجعل إجراء الانتخابات غير ممكن إلا بعد عودة المحكمة لعملها مجددا، بعد عدة أشهر على اختلال نصابها بفعل وفاة اثنين من أعضائها وإحالة ثالث على التقاعد بعد تجاوزه سن السبعين عاما، ما يجعل نصاب المحكمة مختلا، وغير قادرة على اتخاذ أي قرار.

إجراء الانتخابات غير ممكن إلا بعد عودة المحكمة لعملها مجددا بعد عدة أشهر على اختلال نصابها

وأنهى البرلمان، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قراءة ثانية لمسودة قانون المحكمة الاتحادية من دون التوصل إلى أي اتفاق حيال الفقرات المختلف عليها. 

وتتركز الخلافات حول قانون المحكمة في إصرار كتل سياسية مقربة من إيران على إضافة فقهاء شريعة إسلامية إلى المحكمة ويكون لهم حق التصويت على قراراتها، وهو ما ترفضه كتل أخرى، أبرزها كتل الأقليات الدينية والكرد، فضلا عن قوى مدنية تعتبره يتنافى مع تعددية الدولة الدينية والقومية، ويؤسس لنهج مشابه لما هو موجود في إيران.

مصادر في اللجنة القانونية داخل البرلمان العراقي كشفت عن عدم تحقيق أي تقدم على مستوى التوافق حول قانون المحكمة الاتحادية، مؤكدة لـ"العربي الجديد"، أن "رئاسة البرلمان أرجأت إدراج القانون على جدول اعمالها خلال هذا الأسبوع أيضا، بسبب عدم التوصل إلى أي اتفاق سياسي حولها، وعلى أمل أن يتم التوافق على خيار تعديل القانون الحالي المعمول به حاليا بالمحكمة، بشكل يمكن من خلال هذا التعديل تعويض النقص الحاصل في عدد أعضاء المحكمة وعودتها كسلطة دستورية، مع ترحيل مشروع القانون الجديد لها إلى الدورة الانتخابية المقبلة"

ولفتت إلى أن عرقلة بعض الكتل لقانون المحكمة قد تكون من أجل عرقلة الانتخابات المبكرة.

وبينت أن الحوارات التي شهدتها الفترة الماضية لم تشهد التوصل إلى توافق بشأن حسم ملف المحكمة الاتحادية، رغم إدراك الجميع أن الانتخابات لا يمكن أن تجرى بدونها. 

ويشترط الدستور العراقي تصديق المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، ليحق بعدها للفائزين في الانتخابات التمتع بصفة النواب وممارسة أعمالهم في البرلمان.

القيادي في تحالف "الوطنية"، حامد المطلك، أشار إلى وجود مستفيدين من غياب المحكمة الإتحادية، قائلًا، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن بعض القوى السياسية تحاول أن تكون نتائج الانتخابات وحتى طريقة إجرائها حسب رغبتها.

ورجح رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، في حديث لـ "العربي الجديد"، وجود تعمّد في عدم إكمال قانون المحكمة الاتحادية؛ إذ إن هناك قوى سياسية تريد تأجيل الانتخابات حتى الفترة ما بين (أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول من العام المقبل)، بخلاف الإرادة الحكومية التي حددت موعد الانتخابات منتصف عام 2021. 

وأشار إلى وجود أطراف مستفيدة من تأخير إكمال ملف المحكمة الأتحادية التي لها حق النقض والطعن في القوانين، مضيفا "لذلك يوجد من يريد إقرار قوانين استراتيجية قبل إكمال المحكمة". 

وتابع أن "بعض القوانين اكتملت من ناحية تشريعها في البرلمان، لكن غياب المحكمة الاتحادية يجعلها غير مكتملة من ناحية البناء الدستوري لها، لذلك تعول هذه الجهات على تمرير أكبر قدر ممكن من  القوانين مع وجود الفراغ الدستوري (غياب المحكمة الإتحادية) ظنا منها أن هذه القوانين ستبقى ثابتة" 

وأوضح أن تشريع قانون جديد للمحكمة الاتحادية يعد أمرا صعبا، لذلك فإن الحل يكون بتعديل القانون السابق وإكمال نصاب المحكمة الاتحادية من خلاله. 

المساهمون