مناورات موسكو وبكين: رسائل عسكرية في بحر الصين الجنوبي

16 يوليو 2024
مناورات روسية صينية في بريمورسكي كراي، أكتوبر 2018 (سون زيفا/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **مناورات بحرية مشتركة**: بدأت القوات البحرية الصينية والروسية مناورات "التفاعل البحري 2024" في بحر الصين الجنوبي وشرق المحيط الهادئ، تشمل استخدام الذخيرة الحية في مجالات متعددة.
- **تعميق الشراكة الاستراتيجية**: تهدف التدريبات إلى تعزيز التعاون البحري بين البلدين، بمشاركة متنوعة من السفن الحربية والمروحيات، مما يعكس تعميق شراكة التنسيق الاستراتيجية.
- **رسائل استراتيجية وتوقيت حساس**: تأتي المناورات في توقيت حساس بعد تدريبات مشتركة بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، وتؤكد على أهمية تعددية الأطراف في حماية السلام والاستقرار العالميين.

بدأت القوات البحرية الصينية والروسية مناورات "التفاعل البحري 2024" العسكرية المشتركة في بحر الصين الجنوبي وشرق المحيط الهادئ وشماله، أول من أمس الأحد، على أن تستمر حتى غد الأربعاء. ويندرج ذلك في إطار خطة مناورات موسكو وبكين العسكرية السنوية والاتفاقية الثنائية بين القوات المسلحة في البلدين، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الصينية في البيان. وأوضحت الوزارة أن تشكيل السفن الحربية المشتركة الصينية والروسية سيجري تدريبات بالذخيرة الحية في دورات تدريبية متعددة، بما في ذلك الدفاع الثابت المشترك والاستطلاع المشترك والإنذار المبكر والبحث والإنقاذ المشترك، بالإضافة إلى الدفاع الجوي المشترك في المياه والمجال الجوي بالقرب من مدينة تشانجيانغ.

وأكدت الوزارة الصينية أن مناورات موسكو وبكين لا تستهدف طرفاً ثالثاً ولا علاقة لها بالأوضاع الدولية أو الإقليمية الراهنة. ونقلت صحيفة غلوبال تايمز الصينية الحكومية عن المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية تشانغ شياو قانغ، قوله إن التدريبات تهدف إلى إظهار عزم وقدرات الجانبين في معالجة الأمن البحري بشكل مشترك، والتهديدات، والحفاظ على السلام والاستقرار العالميين والإقليميين. كما أنها ستزيد من تعميق شراكة التنسيق الاستراتيجية الشاملة بين الصين وروسيا في العصر الحديث. ولفتت الصحيفة إلى مشاركة المدمرة ناننينغ من طراز 052 دي، والفرقاطات من نوع شيننيغ ودالي، وسفينة الإمداد الشاملة ويشان خو، ومروحيات محمولة على متن السفن البحرية الصينية، في مقابل مشاركة الجانب الروسي بطرادات غرومكي التابعة للأسطول البحري الروسي، وناقلة الوقود "إيركوت".


يوان تشو: توقيت المناورات ومكانها يؤكدان أن هناك رسائل في اتجاه ما

مناورات موسكو وبكين العسكرية

في تعليقه على مناورات موسكو وبكين العسكرية المشتركة، لفت أستاذ العلاقات الدولية في مركز النجمة الحمراء في العاصمة الصينية بكين، جيانغ قوه، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن هذه التدريبات ليست الأولى في المنطقة نفسها، إذ أجرى الجانبان في الأسبوع الأول من شهر يوليو/تموز الحالي مناورات عسكرية مشتركة في شمال المحيط الهادئ وشرقه، شاركت فيها المدمرة الصينية ينتشوان، والفرقاطة خنغ شوي، وكذلك الطراد الروسي سوفرشيني. لكنه شدد على أن الحدثين منفصلان، خصوصاً أن القطع العسكرية المشاركة في التدريبات الأخيرة مختلفة عن التي شاركت في مناورات موسكو وبكين السابقة.

كما أشار جيانغ إلى أن المنطقة التي تجري فيها التدريبات قبالة مدينة تشانجيانغ الجنوبية، تعتبر موطناً للمقر الرئيسي للقوات البحرية التابعة لقيادة المسرح الجنوبي لجيش التحرير الشعبي، وعادة ما تشهد هذه المنطقة تدريبات روتينية. لذلك أستبعد أن تكون المناورات موجهة إلى جهة محددة. وأضاف أن الأنشطة العسكرية الأخيرة بين البلدين تندرج ضمن اتفاقات تم التوقيع عليها مسبقاً وتهدف على تعزيز التعاون البحري بين موسكو وبكين، إذ أظهرت الدوريات المشتركة نطاقاً واسعاً من التعاون البحري بينهما، إذ يمكن للبلدين إرسال العديد من السفن الحربية إلى مواقع بحرية عدة في وقت واحد. وتوقع جيانغ، أن يجري الجانبان المزيد من التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة خلال الأشهر المقبلة.

من جهته، رأى الباحث في الشؤون العسكرية في معهد "نان جينغ" للبحوث والدراسات الاستراتيجية، يوان تشو، في حديث مع "العربي الجديد"، أن أي تدريبات عسكرية تحمل أهدافاً تتجاوز حدود التعاون وتعزيز الخبرات والتبادلات المشتركة. وأضاف أنه رغم أن التدريبات تأتي في إطار اتفاقيات وخطط عسكرية مشتركة، فإن توقيتها ومكانها يؤكدان أن هناك رسائل في اتجاه ما، إذ إنها تأتي بعد أيام قليلة من قيام الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية بمناورات عسكرية مشتركة في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، والتي قالت واشنطن إنها هدفت إلى حماية حرية الملاحة وضمان السلام والاستقرار في منطقة المحيطين بما في ذلك شبه الجزيرة الكورية. أيضاً تأتي في أعقاب الإعلان عن اعتزام حلف شمال الأطلسي (ناتو) توسيع مجموعة شركائه من منطقة المحيطين الهادئ والهندي، ليشمل اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية. وبالتالي انطلاقاً من ذلك، حسب يوان تشو، فإن بكين وموسكو باعتبارهما عضوين دائمين في مجلس الأمن ودولتين مسؤولتين، يريدان التأكيد أن مهمة حماية السلام والاستقرار العالميين، مهمة مشتركة، لا يمكن لقوة وحيدة أن تنفرد بها، خصوصاً أن الجانبين يدعوان إلى تعددية حقيقية، ويعارضان أعمال الهيمنة والمواجهات بين الكتل في العلاقات الدولية.


جيانغ قوه: الأنشطة العسكرية الأخيرة بين البلدين تندرج ضمن اتفاقات تم التوقيع عليها مسبقاً

تعزيز القدرات القتالية

ولطالما أكدت بكين أن أنشطتها البحرية لا تستهدف أي دولة أخرى، بل تعمل على تعزيز القدرات القتالية وردع عوامل الأمن غير المستقرة في المنطقة. يشار إلى أنه في أواخر يونيو/حزيران الماضي، تم رصد حاملة الطائرات الصينية "شاندونغ" قبالة الفيليبين في عملية وصفتها وسائل إعلام صينية بأنها تحمل رسالة إلى مانيلا وواشنطن، وشُوهدت السفينة وهي تبحر باتجاه الشمال الغربي على بعد حوالي 200 ميل بحري (370.4 كيلومتراً) فقط من جزيرة لوزون الفيليبينية في بحر الصين الجنوبي.

وكثف الجيش الصيني مناوراته في بحر الصين الجنوبي في الأشهر الأخيرة، وتم رصد العديد من السفن التابعة للبحرية الصينية في منطقة بحري الصين الجنوبي والشرقي، وتزامنت هذه التحركات من توترات أمنية في مضيق تايوان، وصدامات عسكرية متكررة حول جزر متنازع عليها مع الفيليبين. أيضاً كشفت صور التقطتها الأقمار الصناعية أخيراً، تدريبات صينية تحاكي ضرب مقاتلات الشبح وحاملات الطائرات الأميركية، وتساءلت صحف صينية في حينه عما إذا كانت صور الأقمار الاصطناعية المنشورة على الإنترنت لتدرب الجيش الصيني في صحاري منطقة شينجيانغ جنوب غربي البلاد، على توجيه ضربات عسكرية إلى نماذج من مقاتلات الشبح وحاملات الطائرات الأميركية، تشير إلى استراتيجية الصين بشأن الحرب مع الولايات المتحدة.

المساهمون