رغم مرور نحو شهر ونصف الشهر على تشكيل حكومة محمد شياع السوداني في 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، المدعومة من قبل تحالف "الإطار التنسيقي"، الذي يجمع الكتل والأحزاب القريبة من طهران، تواجه هذه الحكومة عقبات أمام تحقيق الوعود التي أطلقتها ضمن برنامجها الحكومي.
ووسط هذه الصعوبات لتحقيق الوعود الحكومية، يحذر مراقبون من أن الإخفاق بتنفيذها قد يمنع الحكومة من كسب ثقة الشارع العراقي.
واستهل السوداني عمله الحكومي بإطلاق الكثير من الوعود، متعهداً بإنجازها خلال مدة أقصاها عام واحد، ثم الذهاب لإجراء انتخابات برلمانية ومحلية مبكرة. ومن أبرز ما تضمنه منهاج السوداني الحكومي، إنهاء ظاهرة السلاح المتفلّت خارج نطاق المؤسسات الرسمية والشرعية للدولة، والعمل مع الجهات المختصة للكشف عن مصير المفقودين وشملهم بقانون ضحايا الإرهاب بعد إجراء التدقيق الأمني.
سالم: الإخفاق بتنفيذ الوعود سيكون الأقرب لحكومة السوداني
كما تضمنت الوعود إلغاء هيئة المساءلة والعدالة، وإصدار عفو عام عن بعض المعتقلين، فضلاً عن رفع قيمة الدينار العراقي مقابل سعر صرف الدولار الذي تراجع بشكل عكسي خلال الأيام القليلة الماضية (الدولار الأميركي يعادل 1,459 دينار عراقي).
كذلك شملت تعهدات الحكومة الجديدة تطبيق "اتفاقية سنجار" بين أربيل وبغداد، والتي من شأنها إخراج قوات حزب العمال الكردستاني من قضاء سنجار في محافظة نينوى، فضلاً عن مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين. وغيرها الكثير من الوعود التي كانت جزءا من الاتفاق السياسي، الذي تشكلت الحكومة الحالية على أساسه.
حكومة السوداني عاجزة عن تنفيذ الوعود
في غضون ذلك، قال النائب المستقل في البرلمان العراقي سجاد سالم، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "السوداني وحكومته حتى هذه الساعة لم يحققا أي وعود من التي أطلقت ضمن برنامجه الحكومي وخارجه".
وبيّن أن "السوداني حتى الآن لم يتخذ أي إجراء حقيقي وواقعي بشأن سيطرة حكومته على السلاح المنفلت وحصر السلاح بيد الدولة". ولفت إلى أن "السلاح المنفلت لا يزال كما هو في الشارع العراقي، وهذا السلاح يشكل تهديداً حقيقياً للسلم الأهلي، إضافة الى أنه يهدد وجود الدولة العراقية".
ورجح سالم "عدم قدرة السوداني على تحقيق الكثير من الوعود، بسبب التدخل الكبير في عمله من قبل بعض أطراف الإطار التنسيقي". كما شدد على أن "الإخفاق بتنفيذ الوعود سيكون هو الأقرب لحكومته كحال الحكومات السابقة، كونها تشكلت وفق المحاصصة التي أوصلت العراق إلى ما هو عليه حالياً من فساد وفشل".
بدوره، رأى القيادي في تحالف السيادة، حسن الجبوري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "القوى السياسية لا تزال تنتظر تطبيق الوعود والاتفاقات التي على أساسها تشكلت حكومة السوداني".
ولفت إلى أن أبرز هذه الوعود هي "حصر السلاح بيد الدولة وكشف مصير المختطفين، وإعادة إعمار المدن المحررة، وتعويض المتضررين وحل ملف هيئة المساءلة والعدالة، وكذلك العفو العام وغيرها الكثير".
وأشار إلى أنه "رغم مرور أكثر من شهر على تشكيل الحكومة إلا أنها لم تنفذ ما تم الاتفاق عليه مسبقاً، ونحن لا نزال نتابع ونراقب التحركات والقرارات الحكومية، لتنفيذ تلك الوعود، ولا نعرف حقيقة الأسباب التي تؤخر هذا الإنجاز، خصوصاً أن هناك اتفاقا سياسيا على تنفيذها".
وشدد الجبوري على أنه "في حال استمرت المماطلة والتسويف في تحقيق تلك الوعود والاتفاقات، فسيكون لنا موقف سياسي". وأكد أن هذا الموقف "ليس فقط من القوى السياسية في تحالف السيادة، بل القوى الكردية، وحتى بعض الأطراف السياسية الشيعية".
"الإطار التنسيقي" يؤكد عزم الحكومة على تنفيذ الوعود
في المقابل، أكد النائب عن "الإطار التنسيقي" رفيق الصالحي، لـ"العربي الجديد"، أن "رئيس الوزراء جاد وعازم على تحقيق كافة الوعود التي أطلقها ضمن برنامجه الحكومي، أو من خلال الاتفاقيات السياسية التي تمت داخل ائتلاف إدارة الدولة، لكن هناك جدولا زمنيا لتحقيق هذه الوعود والاتفاقات".
وأكد الصالحي أن "السوداني وحكومته وضعوا ملف الخدمات وملف محاربة الفساد من أولويات عملهم في الأشهر الأولى من عمر الحكومة، وهناك إنجاز واضح بهذين الملفين، والمرحلة المقبلة ستكون فيها خطوات وقرارات لتنفيذ باقي الوعود والاتفاقات السياسية".
وأشار الصالحي إلى أن "انخفاض سعر الدينار العراقي مقابل سعر صرف الدولار والإجراءات للسيطرة عليه، من مسؤولية وصلاحية البنك المركزي العراقي، وهو هيئة مستقلة عن الحكومة".
ولفت إلى أن "الحكومة تتواصل مع البنك المركزي لإيجاد الحلول المناسبة لتخفيض السعر أو السيطرة عليه، كما أن هناك قرارا سيصدر بعد إقرار الموازنة يسهم في إنعاش الوضع المالي".
من ناحيته، قلل المحلل السياسي غازي فيصل، في حديث لـ"العربي الجديد"، من إمكانية الإيفاء بالوعود. وأكد أن "الحكومات العراقية اعتادت أن يكون برنامجها الحكومي مجرد حبر على ورق، ولا ينفذ منه إلا القليل جداً".
الصالحي: المرحلة المقبلة ستكون فيها خطوات لتنفيذ باقي الوعود
كما لفت إلى أن سبب عدم تنفيذ الوعود هو "سيطرة الكتل والأحزاب السياسية على قرارات الدولة وتشكيل دولة عميقة تابعة لها تنفذ أجنداتها السياسية والشخصية".
وأوضح أن "حكومة السوداني لن تكون مختلفة عن الحكومات السابقة، وستبقى الوعود التي أطلقت مجرد شعارات". كما أشار إلى أنه "حتى الاتفاقات السياسية التي شُكلت على أساسها الحكومة مع القوى السياسية السنية والكردية ستبقى اتفاقات وهمية من دون تنفيذ، خصوصاً المتعلقة بالسلاح المنفلت وملف المختطفين وحل الخلافات مع حكومة إقليم كردستان".
وشدد فيصل على أنه "في حال عدم تنفيذ الوعود خلال الأشهر المقبلة، ربما يدفع ذلك القوى السياسية التي دعمت الحكومة، إلى معارضتها، خصوصاً مع وجود معارضة شعبية يقف خلفها أنصار التيار الصدري وتنسيقيات تشرين".