العراق: ترقب واستنفار أمني خشية تصعيد جديد ضد الأميركيين

02 يناير 2022
جندي أميركي في بغداد في مايو الماضي (جون مور/Getty)
+ الخط -

دخلت القوات الأمنية العراقية في العاصمة بغداد ومناطق أخرى غرب البلاد وشمالها، حالة الاستنفار منذ مساء أول من أمس الجمعة، وذلك تحسباً من أي تصعيد أمني ضد مصالح أميركية في البلاد، عشية الذكرى الثانية لمقتل قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، والقيادي في "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، في 3 يناير/كانون الثاني 2020 بغارة أميركية قرب مطار بغداد الدولي.


معلومات استخبارية حول احتمال استهداف الفصائل المسلحة مصالح أميركية

الإجراءات الحكومية الأمنية التي كشف عنها مسؤولون في بغداد لـ"العربي الجديد"، تأتي مع صدور تصريحات من قوى وفصائل مسلحة عدة شككت بإعلان حكومة مصطفى الكاظمي، انسحاب القوات القتالية الأجنبية من العراق، واعتبرته التفافاً على مطلب خروج جميع القوات الأجنبية بمختلف تسمياتها وصفاتها في العراق.

وشملت الإجراءات مناطق عدة من بغداد، تحديداً قرب المنطقة الخضراء وسط العاصمة، وكذلك مطار بغداد، الذي يضمّ معسكراً لقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، المعروف باسم معسكر "فيكتوريا"، إضافة إلى قاعدة "عين الأسد"، غربي الأنبار، وقاعدة "حرير" في أربيل، التي كثفت القوات العراقية رقابتها على مناطق قرب كركوك ومخمور وزمار، تحسباً من هجمات صاروخية أو طائرات مسيّرة تنطلق صوب القاعدة على غرار مرات سابقة.

ويوم الخميس الماضي، أعلن الكاظمي عن سحب كامل القوات القتالية من العراق مع بقاء المستشارين حصراً.

وقال الكاظمي، في تصريح أوردته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع): "انتهت المهام القتالية للتحالف الدولي، وتم استكمال خروج كل قواته ومعداته القتالية خارج العراق. وأصبح دور التحالف يقتصر على المشورة والدعم حسب مخرجات الحوار الاستراتيجي (الذي حصل في يوليو/تموز الماضي بين بغداد وواشنطن)".

وقدم شكره لـ"دول وقيادة التحالف الدولي، وجيراننا وشركائنا في الحرب ضد داعش". وأكد الكاظمي في الوقت عينه "جاهزية قواتنا للدفاع عن شعبنا".

وعادت بعد ذلك بساعات قليلة قيادة العمليات المشتركة في بغداد، وهي أعلى التشكيلات الأمنية والعسكرية، بإصدار بيان مماثل قالت إن أعداد المستشارين داخل القواعد العراقية "قليلة جداً"، فيما أشارت إلى أن مهمة التحالف الدولي "تحوّلت بالكامل من قتالية إلى استشارية".

احتمال استهداف المصالح الأميركية

وأفادت مصادر أمنية عراقية لـ"العربي الجديد"، بأن "الأجهزة الاستخبارية تلقت معلومات تفيد باحتمال قيام الفصائل المسلحة بعمليات استهداف لمصالح أميركية في بغداد وكذلك الأنبار وأربيل، وهذا ما دفع الى تشديد بعض الإجراءات الأمنية وتكثيف الرصد الجوي وكذلك الانتشار الأمني في المناطق التي دائماً ما تُطلق منها الصواريخ نحو الأهداف الأميركية".

وأضافت المصادر أن "أوامر عليا صدرت إلى كل مسؤولي القواطع الأمنية، بمنع أي تحرك لأي شاحنات عسكرية أو أمنية لا تحمل أوراقاً رسمية تسمح لها بالتنقل، خشية استخدامها من قبل بعض الفصائل التي تنضوي تحت هيئة الحشد الشعبي".

وأكدت أن التعليمات حمّلت "قادة وضباط المناطق التي يحصل فيها أي خرق المسؤولية وتوعدت بعقوبات بحقهم".

وحول هذه التطورات، كشف قيادي في "كتائب حزب الله العراق"، لـ"العربي الجديد"، أن "فصائل المقاومة طلبت من الحكومة تقديم أدلة تؤكد الانسحاب الأميركي من العراق لكن لم يكن هناك شيء من هذا".

وأشار إلى حصول "اجتماع ضمّ قادة فصائل المقاومة الإسلامية مع مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي الأسبوع الماضي، لكن الأعرجي لم يقدّم ما يثبت فعلاً انسحاب القوات القتالية الأميركية من العراق".

وأضاف القيادي أن "قوى الإطار التنسيقي عملت على عقد لقاء يجمع قادة الفصائل مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي حول نفس الموضوع، لكن الكاظمي رفض الحضور، وهذا ما يؤكد أنه لا وجود لأي انسحاب حقيقي للقوات الأميركية القتالية من العراق".

وأوضح أن "هيئة تنسيقية المقاومة أوصلت موقفها واضحاً للقوى السياسية والحكومة، بأنها لن ترضى بأي هدنة جديدة مع الأميركيين خلال الفترة المقبلة، تحت أي ظرف كان، والعمل العسكري ضد الأهداف الأميركية سواء في القواعد أو الأرتال سوف يستمر، ما لم يكن هناك دليل على أن الموجودين مستشارين وليسوا جنوداً مقاتلين".

وتطرق في حديثه إلى ما وصفه بـ "عمليات عسكرية نوعية ضد الأهداف والمصالح التابعة للاحتلال في العراق". و"كتائب حزب الله العراق"، أحد أبرز الفصائل المسلحة التي تتصدر معسكر التهديد بالعمليات العسكرية ضد الوجود الأجنبي.

من جهته، قال نائب زعيم جماعة "حركة الأبدال"، أحد الفصائل المسلحة الحليفة لطهران في العراق، الشيخ كمال الحسناوي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الحديث عن الانسحاب الأميركي من العراق مجرد أكذوبة ولا يوجد أي انسحاب حقيقي على الأرض، والولايات المتحدة مع حكومة الكاظمي عملت على ادعاء هذا الانسحاب من خلال تغيير صفة القوات من قتالية إلى مستشارين، لكن الحقيقة هي أن القوات القتالية ما زالت موجودة بالعدة والعدد كما كان سابقاً".

ولفت إلى أن "الجهات الحكومية العراقية لم تقدم أي دليل ملموس على الانسحاب الأميركي من العراق، بل حتى التصريحات الأميركية تؤكد عكس ذلك، وتؤكد البقاء في العراق لفترة أطول".


حزب الله العراق: طلبنا أدلة على إتمام الانسحاب الأميركي

وأضاف الحسناوي أن "عدم وجود الانسحاب الأميركي الحقيقي من العراق، سيدفع فصائل المقاومة إلى التصعيد العسكري ضد هذا الاحتلال، خصوصاً أن مهلة الفصائل انتهت ولا يمكن تمديدها، ويتبين لنا أنه ليست هناك نيّة حقيقية للانسحاب الأميركي من العراق، بل على العكس هناك نيّة تعزيز هذا النفوذ والوجود خلال المرحلة المقبلة".

دخول أرتال عسكرية جديدة إلى العراق

في المقابل، رأى القيادي في تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، أحمد عبد الحسين، لـ "العربي الجديد"، أن "حكومة مصطفى الكاظمي، مطالبة بتقديم ما يؤكد ويوثق انسحاب القوات والآليات الأميركية من العراق، لأن الموجود عكس ذلك، فهناك أرتال عسكرية أميركية جديدة دخلت إلى العراق ولم تخرج منه".

واعتبر أن "الأمور تعتبر مبهمة ولا يوجد شيء واضح تجاه خروج تلك القوات الأميركية من العراق، وكل ما يوجد هو تصريحات تبث من الطرفين، بينما هناك تصريح يؤكد أن القوات الأميركية ذاتها تحولت إلى قوات استشارية".

وحذّر عبد الحسين من أن "عدم وجود انسحاب حقيقي للقوات الأميركية القتالية من العراق، سيعطي كامل الشرعية لفصائل المقاومة بإخراج تلك القوات عبر الطرق العسكرية والشعبية وغيرها، خصوصاً أن مهلة تلك الفصائل انتهت وهي ترفض إعطاء أي مهلة جديدة أو أي هدنة جديدة".

وكانت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة قد دخلت إلى العراق عام 2014 بعد سيطرة تنظيم "داعش" على مدن مهمة.

وشارك التحالف في عمليات تحرير المدن العراقية من سيطرة التنظيم، وعلى الرغم من إعلان السلطات العراقية النصر على "داعش" عام 2017، إلا أن ضربات التحالف الدولي الجوية لمواقع تضم بقايا التنظيم في العراق استمرت، ما أسفر عن مقتل العشرات من قياديين وعناصر تابعين للتنظيم.

المساهمون