تجري الحكومة العراقية، أخيراً، اجتماعات أمنية متلاحقة، لبحث إمكانية ضبط الملف الأمني في محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها بين حكومتي بغداد وأربيل، في ظل تراجع أمني ملحوظ وعمليات عنف شبه يومية، فيما أكد مسؤولون أن تلك التحركات تصطدم بإرادة المليشيات.
وتشهد محافظة كركوك منذ أسابيع تصعيداً واضحاً في الاعتداءات الإرهابية التي ينفذها مسلحو تنظيم "داعش"، بلغت خلال الأسبوع الماضي 9 هجمات مسلحة، في مناطق جنوب وغرب وشمال كركوك، أسفرت عن مقتل وجرح ما لا يقل عن 30 عنصراً من قوات الأمن والمواطنين، فضلاً عن عمليات خطف وحرق وتخريب بدوافع انتقامية ينفذها عناصر "داعش".
واليوم الاثنين، أجرى وزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي اجتماعاً أمنياً موسعاً في محافظة كركوك، بعد يوم واحد من اجتماع لمستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي مع زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني في أربيل، ناقشا فيه الملف ذاته.
ووصل وزير الداخلية إلى المحافظة اليوم على رأس وفد عسكري، ورأس اجتماعاً أمنياً في كركوك، بحضور نائب قائد العمليات المشتركة الفريق ركن عبد الأمير الشمري ومحافظ كركوك راكان سعيد الجبوري، وقيادات أمنية أخرى وقيادات في "الحشد الشعبي" بكركوك.
ووفقاً لبيان للوزارة، فإن "الغانمي وجه القيادات الأمنية وتشكيلات وزارة الداخلية بالتنسيق والتعاون والتواصل لتعزيز الأمن وتحقيق الاستقرار لمواطني كركوك"، مشدداً على "ضرورة دعم جميع الخطوات التي تعزز القانون، وتعمل على محاربة الإرهاب وعصابات الجريمة ومكافحة المخدرات"، متوعداً بـ"إجراءات رادعة ضد من يخالف القوانين والتعليمات والتوجيهات الصادرة".
من جهته، أكد محافظ كركوك راكان الجبوري دعمه لجميع خطوات الحكومة وقيادة العمليات المشتركة.
وطالب الحكومة في تصريحات للصحافيين بـ"ضرورة دعم جميع التشكيلات الأمنية من الشرطة والدفاع المدني والمرور، ودعم مكافحة المخدرات ومساندة جهود مكافحة الجريمة".
جاء ذلك بعد يوم واحد من زيارة لمستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي على رأس وفد أمني رفيع إلى أربيل، ركزت على إمكانية التعاون بين الجيش والبشمركة، إذ أكد الأعرجي، في بيان، أنه "بحث مع زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني التعاون والتنسيق بين قوات البشمركة والجيش العراقي في مواجهة الإرهاب وملاحقة خلايا داعش ومنع تسلل العناصر الإرهابية".
وبين أنه "جرى أيضاً بحث موضوع المناطق التي يستغلها داعش لتنفيذ عملياته الإرهابية، وسبل سد جميع الثغرات، لتفويت الفرصة على العناصر الإرهابية وتأمين المناطق بشكل يضمن سلامة المواطنين".
من جهته، أكد مسؤول في حكومة كركوك المحلية أن "وزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي بحث إمكانية تنظيم العمل العسكري في المحافظة تحت قيادة الجيش العراقي"، مبيناً لـ"العربي الجديد" "كما طرح الغانمي فكرة إعادة التنسيق والتعاون مع البشمركة في المحافظة ومناطق النزاع، وتشكيل الغرف المشتركة بين الجيش والبشمركة".
وأكد أن "التحرك يهدف إلى التمهيد لإعادة تنظيم الملف الأمني، وأن يكون هناك دور للبشمركة، والذي يقابل معارضة من قبل قيادات الحشد الشعبي"، مشيراً إلى أن "اجتماعات لاحقة سيجريها الغانمي وقيادات أخرى مع قيادات الحشد، للتوافق بشأن الملف".
وسبق الاجتماعات اتفاق جرى بين رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي وقيادات في وزارة البشمركة الكردية، أفضى إلى اتفاق بتفعيل غرف عمليات مشتركة مع البشمركة لتأمين المناطق المتنازع عليها، فيما ينتظر الكرد تطبيق الاتفاق، الذي يقابل برفض من قبل القوى السياسية القريبة من "الحشد الشعبي".
نائب رئيس التحالف القومي التركماني عباس الآغا أكد أن "المطالبة بتفعيل غرف التنسيق المشتركة بين الجيش والبشمركة ستتسبب بأزمة وفتنة كبيرة"، مشدداً في تصريح صحافي على أن "كركوك يجب أن تبقى بعيدة عن الصراعات السياسية، وأن الملف الأمني يجب أن يبقى بيد القوات الاتحادية حصراً، خاصة مع اقترابنا من موعد الانتخابات".
يشار إلى أنه تم إبعاد قوات البشمركة من كركوك والمناطق المتنازع عليها، وهي المناطق التي تتنازع عائديتها حكومتا بغداد وأربيل، عقب استفتاء انفصال الإقليم الذي جرى نهاية سبتمبر/ أيلول 2017، وانتهى بدخول القوات العراقية و"الحشد الشعبي" تلك المناطق وإدارة ملفها الأمني.