قضت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، اليوم الثلاثاء، بإنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، على خلفية دعوى قضائية كان قد رفعها أحد البرلمانيين، اتهم فيها الحلبوسي بتزوير استقالته من البرلمان.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، خبراً جاء فيه، أن "المحكمة الاتحادية أنهت عضوية رئيس البرلمان محمد الحلبوسي" فيما قررت أيضاً إنهاء عضوية النائب ليث الدليمي ضمن الحكم نفسه.
وجاء في بيان للمحكمة الاتحادية، أنها "قررت إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد ريكان الحلبوسي وانهاء عضوية النائب ليث مصطفى حمود الدليمي اعتباراً من تاريخ صدور الحكم، اليوم الثلاثاء، 14 نوفمبر/تشرين الثاني، 2023، قراراً باتاً وملزماً لكافة السلطات".
ويمهد هذا القرار ربما لمزيدٍ من التعقيد في المشهد السياسي في العراق، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية (مجالس المحافظات)، التي من المقرر أن تجرى 18 ديسمبر/كانون الأول المقبل، والتي يدخل فيها الحلبوسي منفرداً ضمن قائمة انتخابية تحمل اسم حزبه وحيداً وهو "تقدم".
وفي وقتٍ سابق، أصدر الحلبوسي، قراراً يقضي بإنهاء عضوية النائب ليث الدليمي من البرلمان بناء على استقالة الأخير، لكن الدليمي رفض قرار استبعاده من مجلس النواب، واصفاً القرار بأنه "غير قانوني وتعسفي"، ودعا إلى ردع ومواجهة "الدكتاتورية".
والنائب ليث الدليمي كان عضواً في حزب "تقدم" الذي يتزعمه الحلبوسي، وترشح ضمن صفوف الحزب عن مناطق شمال بغداد في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول 2021، إلّا أنّ الحلبوسي أقدم على فصل الدليمي من الحزب، بسبب "عدم التزامه بسياقات وتوجيهات قيادة حزب تقدم ومخالفته الضوابط الحاكمة في النظام الداخلي" لكنّ الدليمي عاد عضواً في البرلمان عن تحالف "السيادة" الذي يتزعمه خميس الخنجر.
يشار إلى أن قرار المحكمة الاتحادية العليا هو الأول من نوعه منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، الذي يطاول إحدى الرئاسات العراقية الثلاث (الحكومة والبرلمان والجمهورية).
وعقب صدور القرار الذي نشرته "واع" تضاربت مواقف القوى السياسية والتفسيرات القانونية حيال إمكانية استئنافه، وكذلك تنفيذه، باعتبار أنّ البرلمان سلطة تشريعية غير خاضعة لسلطة القضاء، وإنهاء عضوية أي نائب يتطلب سلسلة من الإجراءات تنتهي بالتصويت برلمانياً على القرار.
لكن بالمجمل، فإنّ القرار ينذر بأزمة سياسية جديدة في البلاد، بخاصة أنه يأتي بعد يوم واحد من إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مقاطعة الانتخابات المقررة الشهر المقبل، بالكامل.
من جهته، أشار الناشط السياسي حيدر الزبيدي، إلى أن "رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وهو صاحب أعلى منصب تشريعي في البلاد ومسؤول عن مراقبة القوانين وتطبيقها، خالف اللوائح والقوانين، وحنث باليمين الدستورية، فكان لا بد من موقف أعلى لمحاسبته وليس الاكتفاء بإنهاء عضويته في مجلس النواب".
وأضاف الزبيدي في حديثٍ مع "العربي الجديد" أنّ "التأسيس للعرف السياسي الذي اتبعه مع نواب كتلته يمثل أخطر نهج مارسته السلطة منذ 20 عاماً، ولا سيما أنه كان يعمل على تقويض الديمقراطية وينهي أي حالة للإصلاح السياسي في المؤسسة التشريعية".
ويواجه الحلبوسي تهمة تزوير استقالات مكتوبة لأفراد حزبه للضغط عليهم في حال قرر أي منهم الخروج من الحزب، وهو ما أدى إلى استقالة النائب ليث الدليمي بناء على ورقة قال الحلبوسي إنه تلقاها منه، لكن الأخير ينفي ذلك ويؤكد أنّ ورقة الاستقالة مزيفة.