العراق: "الإطار التنسيقي" يضغط على الحلبوسي لعقد جلسة لتكليف السوداني

14 اغسطس 2022
نصب أنصار "الإطار التنسيقي" خيماً في المنطقة الخضراء (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر سياسية عراقية مختلفة في العاصمة بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، يتعرض إلى ضغوطات كبيرة من قبل أطراف عدة في تحالف "الإطار التنسيقي"، الذي يجمع القوى الحليفة لإيران، بهدف إنهاء تعليق عمل البرلمان، وتنظيم جلسة خاصة لانتخاب رئيس الجمهورية وتكليف مرشح "الإطار التنسيقي" محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة الجديدة.

يأتي ذلك فيما دخلت الأزمة السياسية المتفاقمة في العراق مرحلة جديدة، بعد أن أعلن "الإطار التنسيقي" البدء باعتصام مفتوح لأنصاره عند إحدى بوابات المنطقة الخضراء وسط بغداد، في موازاة اعتصام أنصار التيار الصدري داخل المنطقة.

ضغوط لعقد جلسة للبرلمان العراقي

وقال نائب عن حزب "تقدّم"، الذي يرأسه الحلبوسي، لـ"العربي الجديد"، إن "قوى الإطار التنسيقي تضغط منذ أيام على رئيس البرلمان من أجل إنهاء تعليق جلسات المجلس وعقد جلسة خاصة لانتخاب رئيس الجمهورية وتكليف مرشح الإطار لرئاسة الوزراء محمد شياع السوداني، خارج مبنى البرلمان الذي يعتصم في محيطه أنصار التيار الصدري".

وأوضح النائب، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الحلبوسي "ما زال يرفض هذه الضغوطات ويصر على تعليق عمل مجلس النواب، خصوصاً أن عقد جلسة يعني الدخول بمساحة كسر إرادات وفرض أخرى وقد يخلق ردود فعل غير محسوبة في المشهد العراقي".

وأضاف أن "رئيس البرلمان أبلغ قوى الإطار التنسيقي بضرورة وجود اتفاق مسبق بينها وبين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بشأن عودة عمل مجلس النواب وإعادة عقد الجلسات، ودون ذلك لا يمكن عقد أي جلسة في بغداد أو في أي محافظة أخرى، بما في ذلك محافظات إقليم كردستان".

رئيس البرلمان أبلغ قوى الإطار التنسيقي بضرورة وجود اتفاق مسبق بينها وبين الصدر بشأن عودة عمل مجلس النواب

في المقابل، قال النائب عن "الإطار التنسيقي"، محمد الصيهود، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "نواب الإطار ونواباً من كتلة سياسية أخرى قدّموا أكثر من 180 توقيعاً لرئاسة مجلس النواب من أجل إعادة جلسات البرلمان وعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، لكن حتى اللحظة لا يوجد أي رد على هذا الطلب، على الرغم من أن الطلب قانوني ودستوري، ورئاسة البرلمان ملزمة بتنفيذه".

وأوضح الصيهود أن "الإطار التنسيقي ما زال يعمل ويضغط من أجل عودة عمل مجلس النواب وعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية والمضي بعملية تشكيل الحكومة الجديدة وفق الأطر الدستورية والقانونية"، مشدداً على أن "لا تراجع عن هذا الحراك، وهناك تقدّم في حوارات تشكيل الحكومة ما بين الإطار وعدد من القوى السياسية، بما في ذلك النواب المستقلون".

واتهم الصيهود رئيس البرلمان بأنه "يدير المجلس وفق الاتفاقات والصفقات السياسية، ولهذا تم تعطيل عمل المجلس ومنع عقد أي جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، على الرغم من أن عقد جلسة البرلمان يمكن أن تكون خارج مبنى البرلمان وفي أي محافظة كانت"، مؤكداً أن "الحراك من أجل ذلك مستمر حتى تحقيق هذا المطلب في القريب العاجل".

دفع الصدر للتفاوض مع "الإطار التنسيقي"؟

أما السياسي العراقي المقرب من التيار الصدري فتاح الشيخ، فقال في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الحديث عن عودة عمل مجلس النواب بوجود المعتصمين الصدريين أمر غير ممكن، ولا يمكن لأي جهة سياسية عقد جلسة تشكيل الحكومة بوجود معارضة زعيم التيار مقتدى الصدر، وهذا الأمر لا يختلف عليه اثنان".

وبيّن الشيخ أن ضغط قوى "الإطار التنسيقي" على الحلبوسي لإعادة عقد جلسات البرلمان، حتى لو خارج بغداد، "يأتي من باب الضغط على زعيم التيار الصدري من أجل إجباره على الحوار والتفاوض مع الإطار، فالصدر حتى اللحظة رافض لأي حوار مباشر أو غير مباشر مع جميع قوى وقيادات الإطار التنسيقي".

واعتبر أن "لا خيار أمام القوى السياسية لحل الأزمة إلا من خلال حل البرلمان وتحديد موعد الانتخابات الجديدة"، مضيفاً أنه "بخلاف ذلك فالأزمة باقية، وتعليق جلسات البرلمان مستمر، ولا نيّة لعودة هذه الجلسات في المرحلة المقبلة من دون وجود موافقة على ذلك من قبل التيار الصدري، الذي يُحكم كامل سيطرته على المشهد السياسي حالياً من خلال جمهوره داخل المنطقة الخضراء".

وتعليقاً على هذا الوضع، قال المحلل السياسي أحمد الشريفي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "التصريحات والمواقف الإعلامية تؤكد وجود تنسيق وتناغم كبير في مواقف زعيم التيار الصدري وحلفائه في تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، ولهذا عقد جلسة للبرلمان أمر صعب جداً في ظل هذا التنسيق واستمرار التحالف بين هذه الأطراف الثلاثة".

وبيّن الشريفي أن ضغط قوى الإطار التنسيقي على الحلبوسي لإعادة جلسات مجلس النواب "أمر متوقع جداً، وهو حاصل في الحقيقة، لكن هذه الضغوطات لن تدفع الحلبوسي لعقد الجلسة وخسارة حليف وشريك سياسي كمقتدى الصدر، ولهذا هو علّق الجلسات إلى إشعار آخر، ولا نيّة لعودة الجلسات في المستقبل القريب وفق كل المعطيات".

وأضاف أن "الكل يترقب حالياً موقف المحكمة الاتحادية بشأن دعوات حل مجلس النواب، وخلال الأيام المقبلة ربما يصدر موقف من المحكمة بهذا الخصوص، بحل البرلمان أو رفض ذلك"، معتبراً أنه بعد قرار المحكمة "ستكون هناك متغيرات كثيرة في المشهد السياسي، ولهذا لا عودة قريبة للبرلمان ولا جلسة قريبة لانتخاب رئيس الجمهورية وإكمال عملية تشكيل الحكومة الجديدة".

يجري ذلك في وقت وصل فيه التأزم في البلاد إلى حد اللاعودة، في ظل بدء "الإطار التنسيقي"، منذ ليل الجمعة، اعتصاماً مفتوحاً عند بوابة الخضراء من جهة الجسر المعلق، وقيامه بنصب خيم لمعتصميه، وتوفير كافة مستلزمات الاعتصام الذي قد يستمر إلى حد غير معلوم.

لا يفصل بين معتصمي "الإطار" والصدريين، في المنطقة الخضراء، سوى مسافة لا تزيد عن كيلومتر فقط

في المقابل، دخلت اعتصامات أنصار التيار الصدري أمس السبت، أسبوعها الثالث على التوالي، وسط تزايد الدعم العشائري والشعبي لها.

ولا يفصل بين معتصمي "الإطار" والصدريين، في المنطقة الخضراء، سوى مسافة لا تزيد عن كيلومتر فقط، وينتشر عناصر الأمن بينهما لمنع أي احتكاكات قد تحدث. ووسط هذه الأجواء المحتقنة، رفعت القوى الأمنية حالة التأهب والاستعداد تحسباً لأي طارئ قد يحدث.

وقال ضابط في قيادة عمليات بغداد، لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن "اعتصام أنصار الإطار التنسيقي زاد من حدة التوتر الأمني، والتعليمات التي صدرت ليل الجمعة من القيادة العليا، نصت على رفع حالة الاستعداد والتأهب، والانتشار المكثف بين المعتصمين من الطرفين، ومنع أي محاولة اقتراب من أي طرف نحو الآخر". وأضاف أن "التوجيهات نصت أيضاً على تشديد الإجراءات داخل وفي محيط المنطقة الخضراء، وأغلب مناطق العاصمة".

تقارير عربية
التحديثات الحية
المساهمون