في الوقت الذي تحقق فيه القوات العراقية المشتركة، مدعومة بالتحالف الدولي، تقدّماً واضحاً في مدينة الموصل، تتقلص خلاله مساحة سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وسط انهيار واضح في صفوف مقاتليه بعد نحو ثلاثة أشهر على معارك استعادة المدينة، تطل بوادر أزمة سياسية جديدة في بغداد تتعلق بقانون الانتخابات البرلمانية، بعد تقديم زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر مشروعاً إلى البرلمان لتعديل قانون الانتخابات الذي أقر عام 2005. ويعتبر الصدر أن القانون الحالي يصب بشكل مباشر في صالح أحزاب سياسية دون أخرى، ما مكّنها من الاحتفاظ بمنصب رئيس الوزراء منذ نحو 12 عاماً، في إشارة إلى حزب "الدعوة الإسلامية" بزعامة نوري المالكي، وهو ما يعني أن الأزمة المرتقبة في حال تم رفض مشروع الصدر ستكون داخل "التحالف الوطني" أكثر مما هي أزمة عامة، ما يعزز احتمالات تفكك التحالف الذي يعاني من قطيعة عمرها 19 شهراً فرضتها المرجعية الدينية في النجف التي يفترض أن تكون هي الراعي المباشر لهذا التحالف.
وقبيل انطلاق الماراثون الانتخابي العام للبرلمان بنحو 11 شهراً وقبل 8 أشهر من انتخابات مجالس المحافظات المحلية، أطلق الصدر مشروع القانون بشكل مفاجئ لكتل "التحالف الوطني" نفسه، ما يعني أن ذلك مخالف للنظام الداخلي للتحالف الحاكم، والذي ينص على إقرار التحالف بالأغلبية أي مشروع قانون قبل تقديمه إلى البرلمان من أي كتلة داخله.
ويقوم القانون المقدّم من الصدر إلى البرلمان بهدف إدراجه على جدول الأعمال الأسبوع المقبل، على عدة بنود رئيسية تنسف بشكل جوهري القانون المعمول به حالياً. ويتضمن هذا المشروع مراقبة الانتخابات من قِبل دول محايدة فضلاً عن الأمم المتحدة، وفرز الأصوات داخل المحافظة نفسها قبل نقلها إلى العاصمة بغداد، وإعلان النتائج خلال خمسة أيام، ومنع الترشح لمن تولى منصباً لمدة دورتين، وإلزام الأحزاب بتقديم مرشحيها من حَمَلة الشهادة الجامعية، وجعل انتخابات المغتربين في دول وجودهم حصراً، وإجراء انتخابات الاقتراع الخاص (قوى الأمن الداخلي والسجناء والمرضى في المستشفيات) في يوم الانتخابات نفسه، وتصويت المهجرين والنازحين في المكان الذي يوجدون فيه.
ووفقاً للقانون، فإن الفقرة الأبرز أو الأخطر على باقي شركاء الصدر الحاليين هي طرح اعتماد قانون "سانت ليغو" بصيغته غير المعدلة لتكون نظاماً للعملية الانتخابية المقبلة، في حين يشدد ائتلاف "دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي والمجلس الأعلى الإسلامي، على ضرورة العمل بصيغة "سانت ليغو" المعدلة وفقاً للطريقة العراقية ويرفض مشروع الصدر بحسب مصادر خاصة بـ"العربي الجديد". وأكدت المصادر أن "طرح هذه الفقرة ضمن مشروع قانون الصدر يُعدّ استهدافاً لكتلتي المالكي وعمار الحكيم من قِبل زعيم التيار الصدري الذي يجد أن الكتلتين تعملان من الآن على تجيير فصائل مليشيات الحشد الشعبي لصالحهما واستخدام المال في الدخول داخل معاقل الصدر الانتخابية المعروفة بكونها الأشد فقراً".
وقانون "سانت ليغو" بصيغته غير المعدلة يكون من خلال تقسيم أصوات الناخبين على 1,4 وتكون نتائجه غالباً منصفة الكتل السياسية الصغيرة بشكل لا يضر بالكتل. أما بصيغته المعدلة المعمول بها عراقياً وفقاً لإرادة كتلتي "دولة القانون" والمجلس الأعلى منذ ثلاث دورات انتخابية فهي تكون بتقسيم أصوات الناخبين على 1,7. وهذه الآلية تمنح الكتل السياسية الكبيرة فرصة أكبر للحصول على مقاعد على حساب الكتل الصغيرة وهو ما تعاني منه منذ دورتين كتل عديدة، كالتيار المدني والحزب الشيوعي العراقي ومرشحين مستقلين.
وأكد مصدر سياسي مقرب من "التحالف الوطني" لـ"العربي الجديد" أن طرح الصدر القانون الجديد سيحظى بتأييد سنّي ومسيحي وأقليات أخرى، وبطبيعة الحال بتأييد كردي، كون مناطق وجود الأكراد مغلقة داخل الإقليم للأحزاب الكردية الثلاثة ولا منافس معها، وهذه الأحزاب تدخل البرلمان العراقي كتلة واحدة لا كتلاً متعددة وعلى شكل تحالف معروف باسم "التحالف الكردستاني".
وأضاف المصدر أن "المشروع الجديد يُشكّل بداية أزمة كبيرة إذا لم يتعرض الصدر لضغوط من أجل سحبه"، مشيراً إلى أن الصدر اقترح أموراً أخرى لا تروق لكثير من أطراف "التحالف الوطني" التي انقسمت إلى فريقين، أحدهما مؤيد لمشروع الصدر، والآخر رافض له.
اقــرأ أيضاً
ويملك الصدر الذي يُعدّ خصماً للمالكي، كتلة تضم 34 مقعداً في البرلمان، ويطمح لتوسيع ثقل كتله من خلال تقارب واضح مع كتل أخرى مثل التيار المدني العراقي. وقال الصدر في وقت سابق خلال خطبة الجمعة الشهر الماضي، إنه "مع الانتخابات بشرط تضافر جهود المخلصين لتغيير مفوضية الانتخابات المسيسة وقانون الانتخابات المجحف". فيما قال رئيس كتلة الصدر البرلمانية، ضياء الأسدي، في بيان صحافي، إن "الصدر قدّم مشروعاً لإصلاحات الانتخابات في البلاد"، مبيناً أن "المشروع هو مشروع إصلاح الانتخابات والعمل على قانون جديد يتضمّن إجراء انتخابات شاملة في جميع أنحاء العراق".
من جهته، أكد مسؤول قريب من "التحالف الوطني" أن "الصدر يحاول استغلال ضعف التحالف الوطني وانقسامه لتمرير المشروع". وقال المسؤول، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الصدر قدّم هذا المشروع في وقت يسعى فيه التحالف الوطني وزعيمه عمّار الحكيم لكسب الصدر وإعادته إلى حضن التحالف، الأمر الذي جعل من الأخير بموقف القوي، وفرض مشروعه على كتل التحالف للقبول به وتأييده، كشرط لعودته لحضن التحالف الوطني". وأضاف أن "الحكيم وكتل التحالف ما زالوا يجرون مفاوضات مستمرة مع الصدر بشأن المشروع، وبشأن عودته للتحالف"، مرجحاً "التوصل لتسوية بين أطراف التحالف بشأن الموضوعين (عودة الصدر للتحالف، والمشروع الانتخابي)".
في غضون ذلك، تواصل القوات العراقية تقدّمها في الموصل على حساب تنظيم "داعش". وقال قائد الحملة العسكرية لتحرير المدينة من التنظيم، اللواء الركن نجم الجبوري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن قواته وسعت من هجماتها أمس الثلاثاء وتمكّنت من انتزاع حي السكر وما تبقى من حي البلديات وتتجه لتطويق جامعة الموصل.
وأضاف الجبوري أن "القوات العراقية تمكّنت من رفع مخلّفات التنظيم وتعزيز مواقعها الجديدة في المدينة، مع التركيز على تحقيق خرق جديد من المحور الشمالي الشرقي للوصول إلى دجلة أسوة بما حدث في المحور الجنوبي الشرقي"، موضحاً أن الهجوم سيكون متواصلاً على مدار الساعة لمنع التنظيم من إعادة ترتيب صفوفه، و"قد نعلن انتصارات جديدة خلال وقت قياسي من الآن"، وفقاً لقوله.
وذكرت مصادر عسكرية عراقية أخرى لـ"العربي الجديد" أن مساحة سيطرة تنظيم "داعش" تقلّصت في الساحل الشرقي من الموصل إلى أقل من 30 في المائة. ووفقاً للمصادر، فإن وحدات أميركية خاصة، بأعداد محدودة، تشارك في المعارك الجارية حالياً، في الوقت الذي باتت فيه العمليات الانتحارية للتنظيم أكثر كثافة وحدّة من السابق مع الاقتراب من نهر دجلة، لكن بواسطة أحزمة ناسفة وليس من خلال الشاحنات المفخخة.
فيما قال ضابط في الجيش العراقي لـ"العربي الجديد" إن "الجيش الأميركي يشارك من خلال وحدات خاصة تنتشر وسط قواتنا، وسيكون هناك خلال أيام فريق آخر لنصب جسور سريعة وعائمة على نهر دجلة للعبور إلى الضفة الثانية من المدينة، إذ لا تتوفر تلك التقنية عند قواتنا"، وفق قوله.
وقبيل انطلاق الماراثون الانتخابي العام للبرلمان بنحو 11 شهراً وقبل 8 أشهر من انتخابات مجالس المحافظات المحلية، أطلق الصدر مشروع القانون بشكل مفاجئ لكتل "التحالف الوطني" نفسه، ما يعني أن ذلك مخالف للنظام الداخلي للتحالف الحاكم، والذي ينص على إقرار التحالف بالأغلبية أي مشروع قانون قبل تقديمه إلى البرلمان من أي كتلة داخله.
ويقوم القانون المقدّم من الصدر إلى البرلمان بهدف إدراجه على جدول الأعمال الأسبوع المقبل، على عدة بنود رئيسية تنسف بشكل جوهري القانون المعمول به حالياً. ويتضمن هذا المشروع مراقبة الانتخابات من قِبل دول محايدة فضلاً عن الأمم المتحدة، وفرز الأصوات داخل المحافظة نفسها قبل نقلها إلى العاصمة بغداد، وإعلان النتائج خلال خمسة أيام، ومنع الترشح لمن تولى منصباً لمدة دورتين، وإلزام الأحزاب بتقديم مرشحيها من حَمَلة الشهادة الجامعية، وجعل انتخابات المغتربين في دول وجودهم حصراً، وإجراء انتخابات الاقتراع الخاص (قوى الأمن الداخلي والسجناء والمرضى في المستشفيات) في يوم الانتخابات نفسه، وتصويت المهجرين والنازحين في المكان الذي يوجدون فيه.
وقانون "سانت ليغو" بصيغته غير المعدلة يكون من خلال تقسيم أصوات الناخبين على 1,4 وتكون نتائجه غالباً منصفة الكتل السياسية الصغيرة بشكل لا يضر بالكتل. أما بصيغته المعدلة المعمول بها عراقياً وفقاً لإرادة كتلتي "دولة القانون" والمجلس الأعلى منذ ثلاث دورات انتخابية فهي تكون بتقسيم أصوات الناخبين على 1,7. وهذه الآلية تمنح الكتل السياسية الكبيرة فرصة أكبر للحصول على مقاعد على حساب الكتل الصغيرة وهو ما تعاني منه منذ دورتين كتل عديدة، كالتيار المدني والحزب الشيوعي العراقي ومرشحين مستقلين.
وأكد مصدر سياسي مقرب من "التحالف الوطني" لـ"العربي الجديد" أن طرح الصدر القانون الجديد سيحظى بتأييد سنّي ومسيحي وأقليات أخرى، وبطبيعة الحال بتأييد كردي، كون مناطق وجود الأكراد مغلقة داخل الإقليم للأحزاب الكردية الثلاثة ولا منافس معها، وهذه الأحزاب تدخل البرلمان العراقي كتلة واحدة لا كتلاً متعددة وعلى شكل تحالف معروف باسم "التحالف الكردستاني".
وأضاف المصدر أن "المشروع الجديد يُشكّل بداية أزمة كبيرة إذا لم يتعرض الصدر لضغوط من أجل سحبه"، مشيراً إلى أن الصدر اقترح أموراً أخرى لا تروق لكثير من أطراف "التحالف الوطني" التي انقسمت إلى فريقين، أحدهما مؤيد لمشروع الصدر، والآخر رافض له.
ويملك الصدر الذي يُعدّ خصماً للمالكي، كتلة تضم 34 مقعداً في البرلمان، ويطمح لتوسيع ثقل كتله من خلال تقارب واضح مع كتل أخرى مثل التيار المدني العراقي. وقال الصدر في وقت سابق خلال خطبة الجمعة الشهر الماضي، إنه "مع الانتخابات بشرط تضافر جهود المخلصين لتغيير مفوضية الانتخابات المسيسة وقانون الانتخابات المجحف". فيما قال رئيس كتلة الصدر البرلمانية، ضياء الأسدي، في بيان صحافي، إن "الصدر قدّم مشروعاً لإصلاحات الانتخابات في البلاد"، مبيناً أن "المشروع هو مشروع إصلاح الانتخابات والعمل على قانون جديد يتضمّن إجراء انتخابات شاملة في جميع أنحاء العراق".
من جهته، أكد مسؤول قريب من "التحالف الوطني" أن "الصدر يحاول استغلال ضعف التحالف الوطني وانقسامه لتمرير المشروع". وقال المسؤول، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الصدر قدّم هذا المشروع في وقت يسعى فيه التحالف الوطني وزعيمه عمّار الحكيم لكسب الصدر وإعادته إلى حضن التحالف، الأمر الذي جعل من الأخير بموقف القوي، وفرض مشروعه على كتل التحالف للقبول به وتأييده، كشرط لعودته لحضن التحالف الوطني". وأضاف أن "الحكيم وكتل التحالف ما زالوا يجرون مفاوضات مستمرة مع الصدر بشأن المشروع، وبشأن عودته للتحالف"، مرجحاً "التوصل لتسوية بين أطراف التحالف بشأن الموضوعين (عودة الصدر للتحالف، والمشروع الانتخابي)".
في غضون ذلك، تواصل القوات العراقية تقدّمها في الموصل على حساب تنظيم "داعش". وقال قائد الحملة العسكرية لتحرير المدينة من التنظيم، اللواء الركن نجم الجبوري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن قواته وسعت من هجماتها أمس الثلاثاء وتمكّنت من انتزاع حي السكر وما تبقى من حي البلديات وتتجه لتطويق جامعة الموصل.
وأضاف الجبوري أن "القوات العراقية تمكّنت من رفع مخلّفات التنظيم وتعزيز مواقعها الجديدة في المدينة، مع التركيز على تحقيق خرق جديد من المحور الشمالي الشرقي للوصول إلى دجلة أسوة بما حدث في المحور الجنوبي الشرقي"، موضحاً أن الهجوم سيكون متواصلاً على مدار الساعة لمنع التنظيم من إعادة ترتيب صفوفه، و"قد نعلن انتصارات جديدة خلال وقت قياسي من الآن"، وفقاً لقوله.
فيما قال ضابط في الجيش العراقي لـ"العربي الجديد" إن "الجيش الأميركي يشارك من خلال وحدات خاصة تنتشر وسط قواتنا، وسيكون هناك خلال أيام فريق آخر لنصب جسور سريعة وعائمة على نهر دجلة للعبور إلى الضفة الثانية من المدينة، إذ لا تتوفر تلك التقنية عند قواتنا"، وفق قوله.