سلطت الصحف الأميركية، اليوم الثلاثاء، افتتاحياتها للحديث عن الفشل الاستخباراتي الأميركي في أفغانستان وفشل السياسة الأميركية الخارجية، مشيرة إلى "خيبة الأمل وخيانة الثقة" التي أولاها الأفغان للولايات المتحدة الأميركية.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن التجربة الفاشلة في أفغانستان تعيد إلى الأذهان الفشل في غزو خليج الخنازير عام 1961، الذي كان يهدف إلى إطاحة الزعيم الكوبي فيديل كاسترو، حيث أدت العملية إلى أسر وقتل مئات الجنود الذين أرسلتهم الولايات المتحدة الأميركية، بحسب ما نقلت عن وزير الدفاع السابق ومدير وكالة المخابرات المركزية السابق ليون إي بانيتا.
وأضافت الصحيفة أن صور الأفغان المرعوبين والمتشبثين بالطائرة الأميركية في كابول تذكر بالأيام الأخير في سايغون عند سقوط فيتنام في إبريل/نيسان عام 1975، ومدى تشابه الحالتين وخيانة الأميركيين الثقة التي منحها لهم الحلفاء في أفغانستان وفيتنام.
وتشير الصحيفة إلى أن ما حصل في أفغانستان يشير إلى "حماقة الرئيس جو بايدن في السياسة الخارجية الأميركية"، إذ تقول إن الانتصار التقليدي في أفغانستان لم يكن وارداً، بعكس ما روج بايدن في خطابه الذي ألقى فيه اللوم على الجيش الأفغاني في انتصار حركة "طالبان".
وتؤكد الصحيفة أن "بايدن يقيس التكاليف الشهرية لبقاء القوات الأميركية في أفغانستان بالدولار"، لكنها تشير إلى أنه ستكون هناك تكاليف مرتفعة مرتبطة بعملية الانسحاب الفاشل، لافتة إلى أن عملية الانسحاب قد تضر بمصداقة الولايات المتحدة عالميًا.
من جهتها، قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، في افتتاحيتها تحت عنوان "مأساة أفغانستان"، إن استعادة حركة "طالبان" السريعة للعاصمة كابول، بعد عقدين من الجهد الدموي المكلف لتأسيس حكومة علمانية، هي "قبل كل شيء، مأساوية لا يمكن وصفها"، مشيرة إلى أن "الحلم الأميركي" بتكريس الحقوق المدنية وتمكين المرأة والتسامح الديني هو مجرد حلم.
وكانت الحرب على أفغانستان هي أطول حروب أميركا، وخسرت فيها الولايات المتحدة أكثر من تريليوني دولار، وما لا يقل عن 2448 جندياً أميركياً.
وتشير الصحيفة إلى أن الأمر الأكثر مأسوية يتعلق باليقين الذي بات يسيطر على العديد من الأفغان، الذين عملوا مع القوات الأميركية وحلموا بتغيير الواقع، وكذا النساء والناشطات، بأن الولايات المتحدة قد تركتهم "تحت رحمة من لا يرحم".
أما صحيفة "وول ستريت جورنال"، فتؤكد أن صعود حركة "طالبان" أدى إلى إعادة رسم الخريطة الدبلوماسية للولايات المتحدة، مشيرة إلى أن الصين وروسيا قد بدأتا بالفعل في بناء علاقات مع "طالبان"، واستضافتا مسؤولين من الحركة، حتى قبل أن يكمل الجيش الأميركي انسحاب قواته.
ورغم الانسحاب الأميركي، تكافح واشنطن لإيجاد طريقة للتأثير على التطورات السياسية والأمنية في أفغانستان، بينما يحاول العديد من الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة الأميركية الفرار من البلاد، فيما ترجح الصحيفة أن تسعى واشنطن إلى فرض عقوبات للتحكم في حكومة قد تديرها "طالبان".
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد دافع، الاثنين، عن قرار انسحاب الولايات المتّحدة من أفغانستان، مؤكّداً تمسّكه بهذه السياسة ومشدّداً على أنّ الوقت حان للمغادرة من هذا البلد بعد 20 سنة من الحرب.
وفي حين أكد بايدن أنه ليس نادماً على الانسحاب، قال إن ما نراه الآن يثبت أن ما من قوة عسكرية يمكنها تغيير مجرى الأحداث في أفغانستان، المعروفة بأنها مقبرة الإمبراطوريات.
وقال بايدن في خطاب إلى الأمّة من البيت الأبيض "أنا أقف بقوة وراء قراري. بعد 20 عاماً، تعلّمت بالطريقة الصعبة أنّه لن يكون هناك أبداً وقت جيّد لسحب القوات الأميركية" من أفغانستان.
وأكّدت الولايات المتّحدة الأميركية، الاثنين، أنّها لن تعترف بأي حكومة تقودها حركة "طالبان" في أفغانستان، إلا إذا احترمت الحركة الإسلامية المتشدّدة حقوق النساء، ورفضت توفير ملاذ للإرهابيين.
وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين، غداة سقوط أفغانستان بأيدي الحركة، إنّه "في ما يتعلّق بموقفنا من أيّ حكومة مقبلة في أفغانستان، فإنّه رهن بسلوك هذه الحكومة. إنّه رهن بسلوك طالبان".