قبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع: الشيوعي العراقي وقوى أخرى تؤكد استمرار مقاطعتها الانتخابات

09 أكتوبر 2021
أحزاب عراقية: الانتخابات لن تكون بوابة للتغيير المنشود (Getty)
+ الخط -

على الرغم من المساعي التي بذلتها حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وشخصيات سياسية مختلفة، إلى جانب بعثة الأمم المتحدة في بغداد، لإقناع القوى السياسية المدنية المقاطعة للانتخابات بالعدول عن قرارها، فإن النجاح لم يكن حليفاً لها، إذ أصرت تلك القوى على قرار مقاطعة الانتخابات العراقية.

وبررت القوى المقاطعة عدم مشاركتها بأنّ الانتخابات العراقية لن تكون بوابة للتغيير المنشود في ظل السلاح المنفلت الذي يعم البلاد، وتأثير المال السياسي. 

واليوم السبت، قال مسؤول عراقي بارز في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إنّ آخر المحاولات الحكومية والأممية لإقناع الحزب الشيوعي، أقدم الأحزاب الموجودة في الساحة العراقية (87 عاماً)، بالعدول عن قرار مقاطعة الانتخابات، كانت منتصف الأسبوع الماضي وباءت بالفشل.

وأشار إلى أن قوى المقاطعة اتهمت مفوضية الانتخابات العراقية بعدم الالتزام بالقانون الذي يحظر مشاركة الأحزاب التي تمتلك مليشيات وأجنحة مسلحة، واعتبرت أنّ المشاركة ستجعلها شريكاً في فشل دام 18 عاماً، لم تكن جزءاً منه بالسابق. 

ولفت إلى أنّ "قوى أخرى اختارت مقاطعة الانتخابات العراقية، لكن كان التركيز على الشيوعي العراقي والقوى المدنية المقاطعة، مثل (البيت الوطني) بزعامة حسين الغرابي الناشط المدني البارز في ساحات التظاهر، لحسابات سياسية وللثقل المعنوي لهذه المشاركة على الانتخابات عموماً"، وفقا لقوله.

وشدد على أنّ الانتخابات ستمضي بدون مشاركة عدة قوى ألفتها العملية السياسية منذ الغزو الأميركي عام 2003، أبرزها الحزب الشيوعي و"جبهة الحوار الوطني" وحزب "التجمع الجمهوري" بقيادة عاصم الجنابي. 

وعقب اغتيال الناشط المدني في كربلاء إيهاب الوزني مطلع مايو/أيار الماضي، قررت قوى سياسية مدنية عدة الانسحاب من السباق الانتخابي، ومن أبرزها الحزب الشيوعي العراقي، والتيار المدني العراقي الذي يتصدره النائب السابق فائق الشيخ علي، و"البيت الوطني"، وحركة "عمل" وقوى أخرى ذات الطابع المدني.

لكن بالمقابل، فإنّ قوى أخرى محسوبة على المعسكر المدني والقوى المؤيدة للاحتجاجات ما زالت ضمن دائرة قرار المشاركة في الانتخابات العراقية، عبر مرشحين لها في بغداد ومدن جنوب ووسط البلاد، وأبرزها حركة "نازل آخذ حقي"، التي اعتبرت في وقت سابق، على لسان أحد قادتها، أنّ مقاطعة الانتخابات ليست حلاً عملياً لمشاكل العراق لعدم وجود بديل آخر غير الانتخابات، إضافة إلى حركة "امتداد"، بزعامة علاء الركابي، في الناصرية جنوبي العراق، وحركة "المد" بزعامة ذو الفقار حسين، وأخيراً حركة "وعي" بزعامة صلاح العرباوي، والأخير عمل سابقاً ضمن تيار "الحكمة" بزعامة عمار الحكيم، لذا يرفض الكثير من المدنيين وضعه ضمن خانة القوى المدنية.

ويرجح مراقبون حصول تلك القوى على مقاعد في البرلمان، لكن ليس بالمستوى المطلوب لمواجهة سطوة الأحزاب والقوى الدينية المتنفذة داخله وفي العملية السياسية العراقية ككل. 

مصادر قريبة من الحزب الشيوعي العراقي قالت، لـ"العربي الجديد"، إنّ قرار مقاطعة الانتخابات "كان مبنياً على استفتاء داخل الحزب بشأن المقاطعة، وكان رأي الأغلبية هو عدم الدخول في هذه الانتخابات لافتقارها إلى شروط التنافس العادل ولهيمنة السلاح والمال السياسي"، مؤكدة أنّ المقاطعة "لا تعني التحريض على مقاطعة المواطنين لها، والحزب سيواصل دوره السياسي من خلال المعارضة ودعم القوى الشعبية والحراك المدني الشعبي في الشارع".

بدوره، قال الخبير والباحث في شؤون الانتخابات العراقية أحمد العامري، لـ"العربي الجديد"، إن القوى التي قررت المقاطعة وتمتلك مرشحين قبل قرارها ما زالت قادرة على العودة مرة أخرى، كون المفوضية لم تسحب أسماءهم، إذ لا أثر قانونياً لإعلانات الانسحاب.

وأضاف أن "المشكلة في كون تلك القوى جمدت حملاتها الانتخابية، لذا، فإن عدد الأصوات التي قد تحصل عليها لمرشحيها قبل قرار الانسحاب ومقاطعة الانتخابات العراقية لن يكون مؤثراً". 

الناشط في التيار المدني العراقي علي السوداني قال، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" من مدينة أربيل، إنّ مقاطعتهم لا تعني دعوة الناس لعدم التصويت والمشاركة في الانتخابات العراقية. 

وأوضح "نحن مؤمنون باستحالة التغيير مع وجود سلاح غير سلاح الدولة ومال سياسي واستغلال لموارد الدولة"، مشيراً إلى أنّ "أولى المخالفات كانت السماح لأجنحة الفصائل المسلحة بالمشاركة في الانتخابات رغماً عن القانون المعمول به الذي حظر مشاركتهم، وهو ما يؤكد أنهم يمارسون سلطة أعلى من سلطة المشرفين على هذه الانتخابات".

واعتبر أنّ قرار مشاركة قوى مدنية حليفة وقريبة منهم في الانتخابات العراقية "وجهة نظر محترمة، لكن ستتبين صحة أو خطأ هذا القرار بعد إعلان النتائج"، وفقاً لقوله.  

واليوم السبت، أصدر "الميثاق الوطني العراقي"، الذي يضم عدداً من القوى السياسية والمدنية المعارضة، وأبرزها "التيار القومي العربي"، و"هيئة علماء المسلمين" في العراق، و"مجلس عشائر جنوب العراق"، و"منتدى الكفاءات الوطنية"، وممثلون عن منظمات المجتمع المدني، بياناً اعتبر فيه الانتخابات العراقية أنها "ترسيخ لنظام المحاصصة الطائفية".

وأضاف أنّ "مفوضية الانتخابات تشكلت وفق نظام المحاصصة الحزبية، بحسب قوة الحزب وما يمتلكه من مليشيات مسلحة ونفوذ داخل السلطة؛ وقد منحت عددًا من المليشيات المسلحة رخصة العمل السياسي، ما أدى إلى ترشيح ما يقارب 300 مرشح يُتهم أغلبهم بارتكاب جرائم حرب وتهجير قسري وتغييب آلاف العراقيين من الأنبار ونينوى وصلاح الدين وغيرها، وقمع متظاهري تشرين وشن حملات اغتيال واسعة بحقهم".

ووصف البيان الانتخابات العراقية المقررة اليوم الأحد بأنها "خداع" وتضليل"، مُذكّراً بمشاركة "كتلة حقوق"، التابعة لمليشيا "كتائب حزب الله"، في هذه الانتخابات، في وقت تواصل فيه سيطرتها على بلدة جرف الصخر وتهجير أهلها، فضلاً عن تدخل مليشيا "حزب العمال الكردستاني" في الانتخابات وإرغام المواطنين في مدينة سنجار على المشاركة وانتخاب عناصر تابعة لها.

استعدادات أمنية غير مسبوقة للانتخابات العراقية

وقُبيل ساعات قليلة على فتح صناديق الاقتراع في الانتخابات العراقية المقررة صباح الأحد، بدأت القوات العراقية عملية انتشار واسعة في عموم مدن البلاد، بما فيها إغلاق مداخل المدن والمحافظات الرئيسة ومنع الانتقال بينهما، في وقت أعلنت فيه الخطوط الجوية العراقية وقف جميع رحلاتها الداخلية والخارجية، كما أغلقت السلطات أيضاً جميع منافذ العراق البرية الحدودية مع دول الجوار الست والبالغة 21 منفذاً.

ووفقاً لمسؤول عراقي بارز في بغداد، فإنّ القوات العراقية باشرت تنفيذ الخطة الأمنية اعتباراً من مساء السبت بشكل واسع، وهناك قوات طوارئ إضافية وخطط بديلة في حال حدوث أي طارئ أمني، مضيفاً، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أنّ مروحيات عسكرية ستتولى عملية نقل صناديق الاقتراع والمواد والأجهزة الحساسة أيضاً لتوفير حماية أعلى، كما بدأت قوات الأمن بفرض ثلاثة أطواق أمنية حول المراكز الانتخابية، البالغ عددها أكثر من 8 آلاف مركز موزعة على 83 دائرة انتخابية. 

وحتى مساء اليوم السبت، بلغ عدد المراقبين الدوليين في الانتخابات العراقية، الذين وصلوا إلى بغداد، أكثر من 800 مراقب، من بينهم نحو 250 تابعون للاتحاد الأوروبي والآخرون من الأمم المتحدة، وأكثر من 20 مراقباً من جامعة الدول العربية، وستخصص السلطات العراقية وسائل نقل، بينها مروحيات، لتنقلهم بين المراكز الانتخابية المختلفة.

المساهمون