الشارع المعارض والتطبيع التركي مع النظام السوري

08 يناير 2023
برز الموقف الشعبي كصوت رافض بشدة لتطبيع تركيا والنظام (Getty)
+ الخط -

مع تسارع المسار التطبيعي بين النظام السوري والحليف والداعم الأبرز للمعارضة السورية، تركيا، برز الموقف الشعبي في مناطق سيطرة المعارضة كصوت رافض بشدة هذا المسار، وذلك من خلال تظاهرات ووقفات احتجاجية شملت كل مناطق المعارضة، سواء تلك التي يسيطر عليها "الجيش الوطني" المعارض، أو المناطق التي تسيطر عليها "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً).

ويأتي هذا الحراك الشعبي في ظل الحديث عن جدواه في ظل تدويل القضية السورية، وعدم فاعلية أي من الأطراف السورية فيها، بدءا من الجهات التمثيلية السياسية والعسكرية لكل الأطراف، وانتهاء بالموقف الشعبي، الذي ينظر إليه على أنه الأقل تأثيراً في المشهد القائم، وحتى مسار التطبيع مع النظام جاء نتيجة توافق روسي تركي، وليس بناء على موقف النظام.

إلا أن الموقف الشعبي حالياً يأخذ دوراً مهماً ومختلفاً ربما حتى عن كل الأدوار السابقة التي أخذها، في حال جرت إدارته بشكل صحيح، لا يحرفه عن المسار الذي يسير عليه ويأخذه باتجاه مناح أيديولوجية، أو تحويله إلى مسار عداء لتركيا.

فتصاعد التظاهرات الرافضة للتطبيع التركي مع النظام، والرافضة لأي نوع من أنواع المصالحات معه، من شأنه أن يؤدي عدة أدوار يمكن أن تؤثر على هذا المسار، ربما تؤدي إلى إفشاله. ويؤدي الموقف الشعبي إلى تقوية موقف الجهات التمثيلية السياسية المعارضة التي لا تزال متمسكة بثوابت الثورة السورية، والرافضة لأي شكل من أشكال التطبيع مع النظام، أمام حليفها وراعيها التركي.

كما من شأنه فضح وإسقاط بعض رموز المعارضة، التي يمكن أن تحابي أو تبرر هذا المسار التطبيعي. كما أنه يساهم في فرز فصائل "الجيش الوطني"، والتفريق بين الفصائل التي تنفذ كل ما تطلبه تركيا بغض النظر عن توجهها، وبين الفصائل التي تعتمد ثوابت وطنية لا تستطيع التخلي عنها، وبالتالي تقطع الطريق على استخدام تلك الفصائل طابوراً خامساً على شاكلة "اللواء الثامن" في الجنوب.

وفي محافظة إدلب، التي استغلت "هيئة تحرير الشام" الحراك الشعبي فيها، وأعلنت وقوفها إلى جانبه، لإدراكها أنها لا يمكن أن تكون طرفاً في أية تسوية مع النظام، على غرار ما حصل في الجنوب السوري، فإن الحراك يمكن أن يكون أكثر فعالية نتيجة هذا الموقف. 

وحتى بالنسبة للجانب التركي، فإن الأخير يعتبر المعارضة السورية وحاضنها الشعبي ورقة قوية بيده في مفاوضاته مع الأطراف الأخرى، وخاصة الروس، ولا يمكنه التفريط بها من دون تحقيق مكاسب كبيرة. وبالتالي، فإن الضغط الشعبي في تلك المناطق من شأنه أن يؤثر حتى على القرارات التركية في ملف تقاربها المعقد مع النظام، الأمر الذي يجعل من هذا الحراك ضرورة ملحة، والورقة الأقوى في يد المعارضة حتى الآن.

المساهمون